الغرب يستنفر عسكرياً ويرد اقتصادياً ويتوعد بوتين بثمن هائل

• بايدن يتعهد بفرض عقوبات كبيرة ومؤلمة ومواصلة دعم الشعب الأوكراني
• جونسون: مغامرة «الدكتاتور» ستنتهي بالفشل • مطالبات لموسكو بسحب قواتها بدون شروط
• الصين وإيران وكوبا تلوم «الأطلسي» على الحرب... وتظاهرات دعم لكييف حول العالم
• 4 أعضاء بـ «الناتو» يفعلون «البند 4»... ودول توقف إصدار تأشيرات للروس

نشر في 25-02-2022
آخر تحديث 25-02-2022 | 00:05
أطلق قادة الدول الغربية الكبرى تهديدات بجعل روسيا تدفع ثمن غزوها لأوكرانيا وفرض المزيد من العقوبات المنسقة بهدف تقويض اقتصاد موسكو وإرغامها على وقف حملتها العسكرية التي بدأتها ضد كييف، أمس، في حين اتخذت الصين موقفاً داعماً للتحرك الروسي من دون الذهاب إلى حد دعم الحملة العسكرية ضد كييف.
بعد تحذيرات أميركية متكررة على مدار شهرين من الخطوة التي فجرت أكبر أزمة بين روسيا والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفياتي مطلع تسعينيات القرن الماضي أثار الغزو الروسي لأوكرانيا، أمس، موجة من الإدانات الدولية، وسط تلويح بفرض عقوبات قاسية على موسكو لإرغامها على وقف حملتها العسكرية الدامية.

وسعى قادة الدول الغربية الكبرى إلى اظهار الوحدة بمواجهة التحرك الروسي وتوعدوا بتدفيع موسكو ثمن حملتها ضد الجمهورية السوفياتية السابقة التي يسعى حُكمها الجديد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وأجرى الرئيس الأميركي جو بايدن محادثة هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مؤكداً له دعم الولايات المتحدة لبلاده في مواجهة الهجوم.

وقال جو بايدن في بيان صادر عن "البيت الأبيض": "نددت بهذا الهجوم غير المبرر للقوات العسكرية الروسية".

وشدّد بايدن على أن زيلينسكي طلب منه "حض قادة العالم على التنديد صراحة بالعدوان الفاضح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والوقوف إلى جانب شعب أوكرانيا".

ووعد رئيس الولايات المتحدة بفرض "عقوبات كبيرة" على روسيا. وأشار إلى أنه سيتحدث لاحقاً عن العواقب التي ستتكبدها موسكو وسيجري محادثات مع نظرائه في مجموعة السبع. وختم بايدن بيانه بالقول: "سنستمر بتوفير الدعم والمساعدة لأوكرانيا وللشعب الأوكراني".

وتوقع مراقبون أن يستخدم بايدن خطاباً قاسياً وغاضباً عندما يتحدث للشعب الأميركي عن التطورات التي تمثل "أصعب امتحان لزعامته وادعائه بأن الولايات المتحدة عادت دولياً".

وتحدث وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن إلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرغ "للتنديد بهذا الهجوم المخطط له وغير المبرر على أوكرانيا والبحث في الرد المنسق للحلف".

وأوضح الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أن المباحثات تناولت "المراحل المقبلة لضمان أمن أراضي الحلفاء لاسيما الحدود الشرقية لحلف شمال الأطلسي" باتجاه روسيا.

وعيد بريطاني

وفي لندن، وصف رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الهجوم على أوكرانيا بأنه "هجوم على الديموقراطية في أوروبا والعالم".

ووصف رئيس الوزراء، في كلمة وجهها للشعب البريطاني، بوتين بأنه "دكتاتور"، مؤكداً أن مغامراته لن تكسر الأمة الأوكرانية و"يجب أن تنتهي بالفشل".

وقال جونسون: "أكدت لرئيس أوكرانيا دعم بريطانيا غير المحدود لبلاده". وأضاف: "اتفقنا على حزمة كبيرة وهائلة من العقوبات لإعاقة الاقتصاد الروسي".

وتوقع أن تكون الأشهر المقبلة في أوكرانيا مظلمة، لكنه وعد بالعمل مع الحلفاء لـ"استعادة سيادة أوكرانيا".

وفي وقت سابق استدعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، السفير الروسي لدى بريطانيا أندريه كيلين، "لكي يشرح الغزو غير الشرعي وغير المبرر".

وأكدت الوزيرة أن لندن سنفرض عقوبات شديدة وتحشد الدول لدعم كييف.

وشدد وزير الدولة بوزارة الخارجية البريطانية جيمس كليفرلي على أن بلاده سترد بـ"أكبر وأقسى" حزمة من العقوبات على موسكو، وأن بعضها سيبدأ سريانه من اليوم. ولفت إلى تحضير إجراءات عقابية أخرى خلال الأيام المقبلة.

مساندة فرنسية

من جهته، رأى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الغزو الروسي للدولة الواقعة بشرق أوروبا ستكون له عواقب وخيمة وطويلة الأمد على القارة الأوروبية.

وتعهّد من قصر الإليزيه بأن بلاده وحلفاءها سيفرضون عقوبات على الكرملين تكون "على مستوى الهجوم" وستستهدف موسكو على "المستويين العسكري والاقتصادي وكذلك في مجال الطاقة".

واتهم بوتين بأنه "قرر الإقدام على أخطر انتهاك للسلام والاستقرار في أوروبا منذ عقود".

وأكد أن باريس ستقف مع كييف التي تتعرض لأكبر هجوم عسكري من دولة على دولة في أوروبا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

تهديد أوروبا

وفي وقت تخشى الدول الغربية من اتساع الصراع الذي نشب إلى نطاق لم تشهده أوروبا منذ حرب يوغوسلافيا والصراع في الشيشان في تسعينيات القرن الماضي، عندما قتل مئات الآلاف وفر الملايين، حذر المستشار الألماني أولاف شولتس من أن الغزو الروسي "يعرّض حياة عدد لا يحصى من الأبرياء للخطر ويهدد السلام" في أوروبا. وقال إن "الرئيس الروسي ينتهك مرة جديدة بشكل صارخ القانون الدولي"، معتبراً أن "لا شيء يمكن أن يبرر ذلك".

ودان الاتحاد الأوروبي سلوك الكرملين "غير المبرّر" وحذر من أن نظام بوتين سيواجه "عزلة غير مسبوقة".

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل، قبيل انعقاد قمة لقادة التكتل، إن الاتحاد يحضر حزمة جديدة من العقوبات ستكون "الأشد على الإطلاق".

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال نددا بهجوم روسيا وتعهدا "محاسبة موسكو".

والثلاثاء الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي حزمة أولى من العقوبات على روسيا بعد اعتراف بوتين باستقلال منطقتين يسيطر عليها انفصاليون موالون لموسكو بشرق أوكرانيا.

ونصت عقوبات التكتل المكون من 27 دولة على تجميد أصول وحظر منح تأشيرات لشخصيات رفيعة المستوى من بينها قادة جيش البر والبحرية والقوات الجوية الروسية وكبير موظفي الكرملين ومدير قناة "آر تي" التلفزيونية الحكومية والمتحدثة باسم وزارة الخارجية.

وشملت العقوبات 351 نائباً صوتوا لمصلحة الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، و23 شخصية روسية شاركت في غزو أوكرانيا من خلال اتخاذ قرارات سياسية أو شن "حرب تضليل إعلامية" بمن فيهم وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وقادة عسكريون.

وطالب رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، الرئيس الروسي بسحب «غير مشروط» لقوات بلاده من خارج حدود أوكرانيا المعترف بها، مؤكدا عزم حكومته على العمل «بلا كلل» لحل الأزمة إلى جانب الحلفاء في أوروبا وواشنطن، بالإضافة إلى تعزيز الانتشار العسكري لـ»الناتو» باتجاه الشرق.

وعلقت عدة دول غربية بينها لاتفيا وتشيكيا إصدار تأشيرات دخول للمواطنين الروس. وقررت تشيكيا إغلاق القنصلية الروسية على أراضيها.

كما استدعت لاتفيا و»الاتحاد الأوروبي» السفير الروسي لديهما للاحتجاجات.

استنفار «الناتو»

في غضون ذلك، أعلن ممثل بريطانيا في حلف "الناتو" أن قادة دول الحلف الـ30 سوف يعقدون قمة طارئة عبر تنقية الفيديو اليوم.

وذكر بيان للحلف أن "الناتو" سينشر قوات برية وجوية دفاعية إضافية في القسم الشرقي للحلف بالإضافة إلى أصول بحرية إضافية لتعزيز "استعداد قواتنا للاستجابة لجميع الحالات الطارئة".

ودان بيان التحالف "بأشد العبارات الممكنة الهجوم الروسي المروع". وأعلن الحلف أنه مع شعب أوكرانيا، مدينا بيلاروس التي اتهمها بأنها ساعدت في الهجوم الذي وصفه بأنه "انتهاك خطير للقانون الدولي ويتعارض مع اتفاقيات مينسك التي وقعت عليها روسيا".

وأكد أنه سيحافظ دائما "على دعمنا الكامل لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها داخل حدودها المعترف بها دولياً، بما في ذلك مياهها الإقليمية".

ودعا بيان الناتو الكرملين إلى "الوقف الفوري للعملية العسكرية وسحب جميع قواته من داخل وحول أوكرانيا، والاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق إلى جميع الأشخاص المحتاجين".

وأدان "بشدة" قرار روسيا الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وقال عنه إنه "ينتهك سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، ".

تفعيل التشاور

وأفاد بيان "الناتو" بأن أعضاء الحلف أجروا "مشاورات بموجب المادة 4 من معاهدة واشنطن". وأكد أن الدول الأعضاء قررت، تماشياً مع الخطط الدفاعية لحماية جميع الحلفاء، اتخاذ خطوات إضافية لزيادة تعزيز الردع والدفاع وفق إجراءات "وقائية متناسبة وغير تصعيدية ولا تزال كذلك".

وجاء ذلك بعد أن أعلنت كل من بولندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا، تفعيل "المادة رقم 4" من اتفاق التحالف الذي يجمعها.

وقالت الحكومة الإستونية في بيان، إن رئيس الوزراء، كاجا كالاس قال إن الغزو الروسي لأوكرانيا يمثل "تهديداً لأوروبا بأكملها".

وبموجب المادة 4 من الاتفاقية ستتشاور الأطراف معاً، حول سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي أو أمن ذلك بأي من الدول الحلفاء.

تنديد إردوغان

وفي أنقرة، ندّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالغزو الروسي، معتبراً أنه "ضربة قاسية للسلام والاستقرار الإقليميين".

وعبر الرئيس التركي الذي وضع أنقرة، العضو في "الناتو" كوسيط محايد لحل الأزمة عن "حزنه الصادق" على اندلاع المواجهة بين البلدين.

وفي بيان منفصل دعت الخارجية التركية روسيا إلى "وقف العمل الجائر وغير القانوني في أقرب وقت".

بكين وطهران وكوبا وسورية

في المقابل، اتخذت الصين موقفاً لمصلحة موسكو دون الذهاب إلى تأييد الغزو صراحة، وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال مكالمة أجراها مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أمس، إن بكين "تتفهم مخاوف روسيا المنطقية على الصعيد الأمني".

وأضاف وانغ: "لطالما احترمت الصين سيادة كل الدول وسلامة أراضيها"، مضيفاً "في الوقت نفسه، لاحظنا أن المسألة الأوكرانية ترتبط بتاريخ خاص ومعقّد. نتفهّم مخاوف روسيا المنطقية على الصعيد الأمني".

واتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، هوا تشونينغ، الولايات المتحدة وحلفاءها بإثارة الصراع بإرسال أسلحة إلى أوكرانيا. وذكرت أن ما حدث هو نتيجة التلاعب بـ"القضايا المعقدة".

ويشير الموقف الصيني إلى مطالبة روسيا لحلف "الناتو" بعدم قبول عضوية أوكرانيا أبداً، وهو أمر رفضه أعضاء الحلف، مستشهدين بسياسة "الباب المفتوح" للتكتل العسكري.

وفي طهران، غرد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عبر "تويتر" معتبرا أن "الأزمة الأوكرانية متجذرة في استفزازات الناتو".

وأضاف عبداللهيان: "لا نرى اللجوء إلى الحرب حلاً، وأن وقف إطلاق النار والتركيز على حل سياسي وديموقراطي ضروري في هذه الأزمة".

من جانبه قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، إنه يأسف لبدء "العمل العسكري وتصعيد الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

وأضاف زادة: "لسوء الحظ، أدى استمرار استفزازات الناتو المتمركزة في الولايات المتحدة إلى جعل منطقة أوراسيا على وشك الدخول في أزمة عالمية".

وأعلن خطيب زادة أن إيران تدعو الجانبين إلى وقف الأعمال العدائية، ووقف إطلاق النار من أجل "مفاوضات فورية لحل الأزمة سياسياً". كما ألقت كوبا باللائمة على "الأطلسي" بينما خرجت تظاهرات شعبية دعماً لكييف في بيروت وبرلين وعواصم أوروبية.

وأعلنت الخارجية المصرية أنها تتابع بقلق بالغ التطورات، وأكدت أهمية تغليب لغة الحوار والحلول الدبلوماسية، والمساعي التي من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسيًا، بما يحافظ على الأمن والاستقرار الدوليين، وبما يضمن عدم تصعيد الموقف أو تدهوره، وتفاديًا لتفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية، وأثرها على المنطقة والعالم.

back to top