الكويت وفلسطين

للحقيقة والتاريخ الكاتب بدأ موضوعه بالبعثة الفلسطينية للكويت عام 1936م، في حين تاريخ الكويت الحديث يبدأ منذ القرن السابع عشر وفي هذه الأرض تم العثور على أقدم حضارة إنسانية، وهي حضارة العبيد، التي تعود إلى حقبة ما قبل الميلاد، بالإضافة إلى آثار لحضارة دلمون وغيرها من الحضارات الإنسانية، وتميز أهل الكويت بالمهارة والمهنية العالية في خوض البحار للغوص على اللؤلؤ والتجارة، وامتلكوا أسطولا بحرياً كبيراً ونجحوا في الوصول إلى الهند وإفريقيا بحرا، وشيدوا جسور تواصل تجاري واجتماعي مميز.لم يُعرف أبداً عن الكويتيين الدعة والكسل بل كانوا ذوي جسارة وهمة عالية ومهارة فنية وحب لمساعدة الآخرين بلا منّة أو تفضل، ولعل دورهم المتميز في الحربين العالميتين الأولى والثانية هو من أنقذ الكويت والخليج من المجاعة التي أصابت دولا عدة.علاقة الكويت بفلسطين لم تبدأ مع البعثة التعليمية كما يدعي الكثيرون، وللعلم ففي علم 1922م وصلت للكويت بعثة من رجال الدين الفلسطينيين لجمع تبرعات لترميم المسجد الأقصى، وتسابق الشعب الكويتي للتبرع بالرغم من أوضاعهم المعيشية البسيطة، فالعلاقة بدأت بين الشعوب قبل القنوات الرسمية.التعليم في الكويت مر كبقية الدول العربية بنظام الكتاتيب، وهو ما كان يطلق عليه اسم المطوع، وفي 22 ديسمبر1911 أنشئت المدرسة المباركية بجهود أبناء البلد، وكان المدير هو الشيخ يوسف بن عيسى ومعه مجموعة متميزة من أبناء البلد، كيوسف بن حمود وعبدالعزيز الرشيد وصالح عبدالملك وعبدالله النوري وغيرهم، وفي عام 1936م تم اقتراح إضافة اللغة الإنكليزية والتاريخ والجغرافيا والتربية البدنية والفنية للمناهج الدراسية فقامت دائرة المعارف بطلب إرسال مدرسين، وفعلا وصل إلى الكويت أربعة معلمين فقط من فلسطين، ولا يعاب عليها ذلك، فهي استعانت بدول عربية تربطها بها أواصر الدين واللغة والأصل المشترك، كما أنها سبقتها بالنهضة، ولم يكن حضور البعثة التعليمية منحة من فلسطين أو مساعدة للكويت إنما أتوا كموظفين يتلقون رواتب من الحكومة الكويتية، وكان معهم في المدرسة نفسها مجموعة من المعلمين الكويتيين، وفي أواسط الأربعينيات بدأت الوفود التعليمية من مصر وسورية ولبنان، فالنهضة التعليمية في الكويت ليست كما صورها الكاتب وأوحى بأنها فلسطينية بحتة إنما كانت بأيدٍ كويتية وبمساعدة جنسيات عربية متعددة. فتحت الكويت قلبها وأبوابها للفلسطينيين خصوصا بعد 48 ونكسة 67 وتدفقت أعداد كبيرة من المهاجرين الفلسطينيين، ووجدوا في الكويت بيئة طيبة احتوتهم، فأحسوا بالأمان والإنصاف والتسامح والتشجيع، فدرسوا في المدارس الحكومية بلا شروط، وتخرجوا من جامعة الكويت وعملوا بوظائف متنوعة ومنهم من تم ابتعاثه للخارج للدراسة على حساب الحكومة الكويتية، وتتحقق بذلك المصلحة المشتركة والاستفادة المتبادلة، أما شحيبر وعدنان شهاب الدين اللذان ورد ذكرهما فهما يعملان في وطن يحملان جنسيته.أما بالنسبة إلى الثراء الفلسطيني فلم يجد أهل الكويت ضيراً في ذلك لمن يعمل ولولا الحرية التجارية في الكويت وطبيعة المجتمع لما تحقق ذلك، أما تعليق رئيس الاتحاد العام لعمال وموظفي الكويت الأخ خالد الغبيشان فهو يمثل نفسه، وإن كنت أستغرب النظرة السلبية للمواطن وانعدام المنطق فيه، فكيف يتم تسريح العمالة الوطنية مع بقاء العمالة الفلسطينية، وأين سياسة التكويت وهي حق أصيل لأبناء البلد؟ والمضحك أن الكلام منقول عمن يرأس الاتحاد العام لعمال وموظفي الكويت؟وأود أن أشير إلى العلاقة التاريخية والمميزة للكويت والنضال الفلسطيني التي يتم إغفالها كثيراً، ففي أرض الكويت نشأت حركة فتح، وتلقت المساندة والدعم المالي والسياسي التام مع السماح بالتدريب في أراضيها، كما أنها الدولة العربية الوحيدة التي استقطعت 5 في المئة من رواتب موظفي الدولة لمصلحة الصندوق القومي الفلسطيني، ولم تطبّع مع إسرائيل حتى هذه اللحظة.وختاماً أود أن أشير إلى أن الشعب الكويتي يعيش بوفاق تام مع كل الجنسيات التي تقيم على أرضه في ظل احترام خصوصية المجتمع الكويتي ومكانته وقوانين البلاد.