إنهم يناقشون «العولمة» بنفاق
نشر في 15-02-2022
آخر تحديث 15-02-2022 | 00:20
في معرض كتاب القاهرة الدولي أُقيمت ندوة عن "العولمة" تحدث فيها من يُفترَض أنهم على إلمامٍ بأبسط مفرداتها، وإلا لما اضطروا للإفراط في كيل الثناء والمديح لقادة دولهم، الذين تعاملوا مع "العولمة" قبل أن تنطلق من العالم الغربي، وأخذوا يترحمون على قادتهم الأموات، لأنهم هُم من أسسوا للعولمة قبل أميركا... ومعظم هؤلاء المداحين كانوا من دولٍ عربية، مما دفع المصريين المشاركين إلى أن يدخلوا بدورهم في حلبة صراع المديح والثناء على قياداتهم أيضاً... وقيلت معلومات غريبة عن العولمة مما دفعني إلى أن أعيد قراءة كتاب "العرب والعولمة" الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية في عام 1998 (عدد صفحاته 514) ودارت حوله ندوة بالعنوان نفسه، شارك فيها عشرات المفكرين العرب، ومن الكويت شارك الدكتور خلدون النقيب، والدكتورة سهام الفريح، والدكتور يوسف الإبراهيم، ومن المغرب المفكر محمد عابد الجابري، ومن البحرين الدكتور محمد جابر الأنصاري، ومن مصر هدى جمال عبدالناصر، ولا يتسع المجال لذكر كبار مفكري الوطن العربي الذين أشبعوا موضوع العولمة دراسةً ونقاشاً.***استخلصتُ مما اطلعتُ عليه أن أميركا ابتكرت أسلوباً جديداً لهيمنةٍ جديدة على العالم باسم "العولمة"، فهي إذاً أميركية المنشأ، لأنها تسعى إلى عولمة نمط الحياة الأميركية، مما يكرس إحداث انشطار لهوية الثقافة الوطنية التي ستتلاشى بفعل ضغوط مكثفة من الخارج، مع تراجع مواجهتها في الداخل، وتشكيل وعي جديد ووجدان جديد حتى يحدث فصام بين الثقافة القائمة والنظام الاجتماعي القائم، مما يجعلها تفقد خصوصيتها، بعد أن تغدو سلعةً مثل كل السلع المادية تتداول في الأسواق، ويتفوق فيها الأقوى من الناحية التقنية.***في الأدبيات الاجتماعية المعاصرة برز اسم "العولمة" كشكلٍ من أشكال المنافسة في الابتكارات التكنولوجية، ومن ناحية أخرى الاعتماد المتبادل بين الدول والمجتمعات في شتى أرجاء كوكب الأرض بربط علاقات الاقتصاد بالسياسة والثقافة والأيديولوجيات، وعليه ستتم إعادة تنظيم الإنتاج وتداخل الصناعات عبر الحدود، وانتشار أسواق السلع المُستهلكة لمختلف دول العالم.***وأقرب ما يُقرب "العولمة" إلى الأذهان يتمثل في النقاط التالية:* انتشار المعلومات بين معظم سكان المعمورة حتى تغدو في متناول الجميع بمنتهى السهولة. • تذويب الحدود بين الدول بحيث يغدو التنقل مُيسراً وسهلاً. • زيادة معدلات التشابه بين المؤسسات في المجتمعات.ومعظم مفردات النقاط المُشار إليها تتبلور يوماً بعد آخر... لا العكس.***أوجزت باختصارٍ مكثف بعض ما جاء في كتاب "العرب والعولمة" لأصحح بعض ما استمعت إليه في ندوة معرض كتاب القاهرة الدولي، وما قيل فيها مما لا يمت إلى العولمة بأية صلة!
