حوار كيميائي : العم صالح العجيري... في وفاته حياة!

نشر في 13-02-2022
آخر تحديث 13-02-2022 | 00:20
 د. حمد محمد المطر جاءني خبر وفاة العم صالح العجيري وأنا أتحضَّر لاجتماع اللجنة التعليمية مع أطراف العملية التربوية من قطاع حكومي وخاص ومؤسسات مجتمعية وأكاديميين وإعلاميين ممن تسنى دعوتهم، إضافة لمكتب الأمم المتحدة في الكويت.

بوفاة العم صالح العجيري يغيب عنَّا أحد أبراج الكويت في مجال العلوم، كان على مدى عقود مرجعاً وطنياً وقدوة صالحة لأجيالٍ نهلت من علومه واتخذته نموذجاً في تفرُّد فنه ودماثة خُلقه وتواضعه الذي شمل الكويت بأطيافها وضيوفها.

وكما استحق العم العجيري دفقة المشاعر من دعاء وثناء التي عبَّر عنها أهله في الكويت ومحبوه في العالم، بدءاً من صاحب السمو الأمير وسمو ولي العهد، مروراً بكل الفعاليات والشخصيات، بدأت الاجتماع وأنا أستشعر مع مَنْ حضر مسؤوليتنا تجاه هذا الجيل ونحن في لحظة فارقة نحاول جمع شتات الأطراف الفاعلة في العملية التربوية لفعل شيء أمام التدهور الذي نلمسه جميعاً ونجده مُترجماً في مؤشرات المعرفة وجودة التعليم الدولية.

إن الأرض التي أنجبت صالح العجيري عالماً وفقيهاً وأديباً في جيل النُدرة وعهد ما قبل النفط مازالت تلد وقادرة على إنجاب المزيد في أجيال الوفرة وسعة الخير. شاهدت في وجوه الحاضرين قلوباً مُشفقة على وطنها تؤمن بأن الفساد مهما استشرى فإن في الوطن نماذج ترفد مسيرة النهضة، وتستعيد الكرة مرة أخرى لمستقبل أجمل نحو مجتمع المعرفة.

حين استعرضت مع الحاضرين أجندة الاجتماع ومنهجية النقاش استأذنت الجميع بالبدء في تكريم الطالبة منار السعيدي بنت الجهراء على نيلها جائزة محمد بن راشد آل مكتوم في مجال الرياضيات والكيمياء. كان تكريماً يليق بما أنجزت في مجال العلوم، وهو دعمٌ لهذه النماذج التي غابت عنها الأضواء في زحمة الجدل أو سطحية الصور التي تنتشر... إنه تكريمٌ يعزز الاستثمار في الفرص، ويمنحنا بارقة أمل. إنها دعوة أن تُبادر مؤسسات الدولة لتخليد ذكرى الراحل الكبير العم صالح العجيري، وأطالب بإطلاق اسمه على أكبر مباني الكليات في جامعة عبدالله السالم.

استمر الاجتماع لأكثر من ٣ ساعات، وخرجنا بتشكيل لجنة تقرر أن تعقد اجتماعاتها التحضيرية بدءاً من الثلاثاء القادم، لتواصل الاستعداد لإطلاق ورش عملية تُساعد على بناء تحالف متعدد الأطراف للجهات المعنية بالعملية التربوية، وتحديد الوجهة وإطار المسؤوليات، وتبني حلول عملية فعالة لإنقاذ التعليم من حالة التراجع.

يغادرنا العم صالح العجيري وقد أدى أمانة جيله حين قدَّم لنا سردية تحكي قيمة العلم ومكانته في نهضة الأمة، ويتزامن هذا الوداع للراحل الكبير مع جولة جديدة من إصلاح المنظومة التعليمية نأمل أن تشق طريقها وتوقف نزيفها وتعيد مجدها من جديد رائدة على صعيد المنطقة. اللهم ارحم فقيد الكويت، وارزقه الفردوس الأعلى يا كريم. اللهم سدد خطواتنا، لنكون خير خلفٍ لخير سلف. خالص التعازي لأسرة المرحوم العم صالح العجيري وإلى كل تلاميذه ومحبيه، "إنا لله وإنا إليه راجعون"، إنها وفاة في معناها حياة!

***

«Catalyst» مادة حفَّازة:

إسهامات ممتدة + تكريم يليق به= العم صالح العجيري، رحمه الله

● د. حمد محمد المطر

back to top