نخاف عليكم

نشر في 11-02-2022
آخر تحديث 11-02-2022 | 00:00
 د. نبيلة شهاب كثيراً ما يبرر (إيجابياً) الآباء قلقهم على الأبناء خصوصا عند خروجهم من المنزل على سبيل المثال "احنا نخاف عليكم ونحاتيكم"، إلى هنا الوضع مقبول وطبيعي، فالقلق العادي مطلوب وجزء من حياتنا اليومية وسلوكياتنا المعتادة، وقد يكون هو بحد ذاته دافعاً لقيامنا بأمور مهمة، ولكن إذا تعدى حدود المقبول تبدأ المشاكل بالظهور، وقد يصل لدرجة النفور والتصادم والعتاب القاسي خوفاً من تقييد الحرية والتسلط.

القلق الصحي هو ذلك القلق الذي يكون بالمعدل الطبيعي والمقبول وينتج عنه رفع الدافعية للإنجاز أو القيام بالعمل، كأن يقلق الفرد ويخاف من سرعة مرور الوقت فيقوم بإنجاز عمله مباشرة دون تأجيل أو تأخير، أو يقلق الوالدان على نماء شخصية الأبناء وسلوكهم الاجتماعي فيقومان بتهيئة الأجواء النفسية الصحية الجيدة داخل المنزل وهكذا.

وعلى الطرف الآخر القلق السلبي الذي قد يتطور الى أن يصبح قلقاً مرضياً يضر بصاحبه والقريبين منه، فخوف الأم المبالغ فيه وقلقها على الطفل يجعلانها تقيد حريته وحركته وتصرفاته، فلا يذهب إلى الخارج مع أن الوضع آمن للعب، ولا يتعرف على أصدقاء جدد، ولا يقوم بتجربة أشياء جديدة وغيره، وهذا القلق السلبي يحد من تطور شخصية الطفل وسعادته، ويسبب له شعوراً بالإحباط والتقييد المستمر في كل أمور حياته، المؤسف أن هذا القلق الضار قد يستمر، فتجد الأم أو الأب يتدخلان في اختيارات الأبناء وتصرفاتهم وقراراتهم حتى وهم كبار.

درجة القلق العالية المبالغ فيها عند أي فرد غالباً ما تجعل حياته خالية من التجارب الحياتية المفيدة والمفرحة كما تحد من درجة استمتاعه بالحياة، وقد تكون عاملاً مهماً في عدم تطوره في مجال عمله وتأخره عن زملائه، بسبب أن القلق قد يحد من سلوك المبادرة لديه.

ومن الغريب أن نجد البعض على الطرف الآخر لا يشعرون بالقلق تجاه أي أحد أو أي موقف!! هذا السلوك بظاهره جميل، وقد يفيد صاحبه حيث يجعله في وضع الهدوء والاسترخاء في أغلب الأوقات، ولكنه باختصار يدل على الأنانية بدرجاتها، فانعدام القلق الطبيعي سلوك سلبي، على سبيل المثال خروج الوالدين أو الأم بالتحديد وقت اختبارات الأبناء يعتبر سلوكاً أنانياً إن كان خروجهما دون أن يطمئنا ويتأكدا من استعداد الأبناء لاختباراتهم، وجلوسهما يستمتعان بأوقاتهما مع الأصدقاء وقت احتياج أبنائهما لهما دليل على أنهما غالباً لا يشعران بالقلق على إنجاز أبنائهما وأدائهم الدراسي، ولذا لا يسعيان إلى تهيئة الأجواء الصحية المطلوبة.

ومن الأهمية بمكان أن يراعي الأبناء خوف الآباء وقلقهم والتعامل معهم بكل هدوء، كما يجب عليهم القيام بطمأنة الوالدين ومحاولة التقليل من قلقهما وخوفهما عليهم، حتى إن كان مبالغاً فيه، وإعلامهما ولو باختصار بما يقومون به خلال اليوم والتواصل معهما قدر الإمكان متى ما أراد الآباء ذلك، ولا يعتبر ذلك انتقاصاً من شخصية الأبناء.

● د. نبيلة شهاب

back to top