القسائم الزراعية بين الفخ والعصفور

نشر في 07-02-2022
آخر تحديث 07-02-2022 | 00:20
 أ.د. غانم النجار إن كنت قد أطلقت على بلادنا الحبيبة، بلد الفرص الضائعة، فهي كذلك بلد المشاريع الواعدة على الورق، والتي يتم تخريبها، وتدميرها، بفعل فاعل مع سبق الإصرار والترصد، والأمثلة على ذلك كثيرة.

فلنأخذ مثلاً مشروعاً واعداً، ذا بعد استراتيجي، وهو مشروع الأمن الغذائي، الذي بدأ الحديث عنه في 2013، فأعلنت هيئة الزراعة طرحها قسائم زراعية، ودعت الراغبين الذين تنطبق عليهم الشروط إلى التقدم بطلباتهم.

تقدم للمشروع الواعد 800 شخص وشركة، وأجريت القرعة في فبراير 2014، وتم توزيع 396 قسيمة زراعية بالوفرة، وأصدرت هيئة الزراعة بياناً أشادت فيه بشفافية العملية، إلا أن إحدى الشركات تقدمت بتظلم لاستبعادها من القرعة، كما تشكلت لجنة تحقيق برلمانية بالموضوع بعد أن زاد اللغط، ونشرت تقريرها باكتشاف مخالفات في 220 حالة، وهو أكثر من نصف عدد القسائم. قامت الهيئة بإحالة عدد من موظفيها للنيابة في نوفمبر 2014، أي في مرحلة مبكرة من التوزيع، ولكن لم يتم اتخاذ إجراء بخصوص الحالات المخالفة. وظلت القضية في المحاكم إلى أن صدر حكم محكمة الاستئناف ببطلان عملية التخصيص، في يوليو 2020، أي بعد 6 سنوات من تاريخ استلام المستفيدين للقسائم، وطعنت الهيئة بحكم الاستئناف، إلى أن أقفل الستار على القضية بحكم محكمة التمييز، في أواخر يناير 2022، أي بعد 8 سنوات من استلام القسائم، مما سيؤدي إلى مزيد من التعقيدات في تنفيذ الحكم، خاصة لأولئك الجادين، الذين صدقوا والتزموا بمشروع الأمن الغذائي، والذين لم يرتكبوا أي مخالفات. ومن غير المعروف، لماذا لم تصلح الهيئة الوضع، عندما تم إعلان وجود مخالفات في حينها.

استندت محكمة التمييز، في رفضها لطعن هيئة الزراعة وتأييدها للحكم المستأنف، حسب "الجريدة"، إلى مخالفات فادحة، مثل رأس المال، وخطابات الضمان، وعدم أهلية الشركات المتقدمة اختصاصاً، فقد تركزت أنشطة أغلبية الشركات في أنشطة مثل الأثاث والمفروشات، والملابس الجاهزة، والأحذية، والكماليات، والعطور، والصرافة، والتكييف، والتبريد، وغير ذلك من الأنشطة التي تتعارض مع الاشتراطات نهائياً.

من المعروف والسائد في المجتمع، اختلاق مشاريع تبدو من حيث عناوينها مشرقة، بينما لا تعدو كونها تنفيعاً أو ولاءات، فيظل عنواناً براقاً فارغ المحتوى. أما لماذا تتكرر بشكل شبه علني مخالفات الحكومة في توزيع القسائم، زراعية أو غير ذلك، فهو الجانب الأكثر وعورة، وهو ما سنحاول الإجابة عنه في المقال القادم.

● أ. د. غانم النجار

back to top