«ورد» تسلط الضوء على «كورونا» وانفجار مرفأ بيروت

نشر في 06-02-2022
آخر تحديث 06-02-2022 | 00:00
غلاف الرواية
غلاف الرواية
أن تولد في عائلةٍ تكبلها الأفكار البالية، فتلك مأساة، فما بالك إن تزامن ذلك مع الانتماء لأبٍ من سلالة أثرياء الحروب، ولأم تعيش أنانيتها في سبيل حياة مرفهة.

هذه هي حال "وَرد"، بطلة رواية الكاتبة اللبنانية براءة الأيوبي، الصادرة حديثا عن "الآن ناشرون وموزعون" في عمان.

وصدرت الأديبة روايتها بلمحة عن ورد، مشيرة إلى أن جدتها وراء تسميتها، وقالت: والدتي لم تعترض على التسمية، ولا حتى والدي، الأمر كله لم يكن يحتل اهتمامهما، طالما أن المولودة فتاة... كانا يرغبان في صبي يحمل اسم العائلة، لكن الواقع أتى مغايراً لطموحهما.

ارتحال دائم

"ورد" فتاةٌ لفَظَتها عائلتها لانتمائها إلى عالم الأنوثة بعيداً عن طموحاتٍ ذكوريّةٍ بائسة، فترعرعت لدى جدّتها "بدلال"، لكن ذاتها البريئة ظلّت تهفو لعائلةٍ ترسم خريطة طريقٍ جديدة لروحها. ومع وفاة الجدّة ابتدأت "وَرد" رحلةَ خذلانها، فاقدةً معنى الاستقرار بانتقالها قسراً من مكانٍ إلى آخر، ومحطّتها الأولى كانت في منزل والديها، حيث لم تشعر بأيّ انتماء، ثمّ كان ارتحالها إلى مدرسة داخلية قضت فيها عمراً بين دراسةٍ وعزلةٍ وخيبات.

وفي حادثة اغتيالٍ سياسيّ، تأتي وفاة الأب ويليها زواج الأم وسفرها، ليرفعا مؤشر الخيبة لدى "وَرد"، ويُنتجا ارتحالاً مأساوياً آخر.

بين الحزن والوحدة

أعوامٌ تعبر تتخبّط فيها "وَرد" بين حزنٍ ووَحدةٍ وحنين، لتعثر فجأةً على ذاتها حرّةً بحصولها على إرث الجدّة.

رحلةٌ أُخرى تعبرها "وَرد" بانتقالها إلى منزلها الخاص وعملها في مطعم "آدم"، العائد من أميركا رغم كارثيّة وضع البلاد. تتكلّل علاقة "وَرد" و"آدم" بزواج يحمل بين ثناياه أحلاماً بريئة لا تلبث الظروف السيّئة لوطنٍ يحتضر، أن تنتج خذلاناً جديداً لـ"وَرد"... يرحل "آدم" مخلّفاً وراءه وردةً تحتضن بين أحشائها "جوري" التي تكبر بفائض من الحبّ. ورغم خذلانٍ عاث بوجدانها طعناً، لم تتخلَّ "وَرد" عن والدتها في ضعفها بعد أن صفعها المرض.

وفي يوم غريب الملامح تَعبُر "وَرد" مكاناً في توقيت انفجارٍ ميناء بيروت المأساويّ.

فترة حاسمة

أحداث الرواية تجري في حقبةٍ زمنية حاسمةٍ من تاريخ لبنان الحديث، فتبدأ بانتهاء الحرب الأهليّة، مروراً بمرحلة الاغتيالات السياسيّة، وصولاً إلى عام وباء "كورونا"، والانهيار الاقتصاديّ، وانتهاءً بالانفجار الكارثيّ لمرفأ بيروت، الذي يعتبر نقطة تحوّل مهمّة، سواء على صعيد مصير "وَرد" أو على مستوى مستقبل وطنٍ يتأرجح بين الموت والحياة.

إصدارات

صدر لبراءة الأيوبي من قبل المجموعة القصصية "المسكونة"، مزجت فيها بين الهم العام والخاص، وعبرت شخصياتها عن همومها الذاتية الخاصة، وعن الواقع العام الذي تبرز فيه مجموعة الانكسارات والخيبات المشكلة لواقعنا المعاصر، وذلك في إطار سرد مكثف مقتضب، ولغة مقتصدة تتجه مباشرة نحو الفكرة التي تريد تقديمها للقارئ.

كما صدر لها مجموعة قصصية بعنوان "ذاكرة روح"، حاولت من خلال شخصياتها استنهاض الهمم، ورفض الهزيمة والخسران والخذلان.

سطور

وبراءة الأيوبي كاتبة لبنانيّة من مدينة طرابلس، حائزة إجازة في العلوم السياسيّة والإداريّة من الجامعة اللبنانيّة، وشهادة الكفاءة من كلية التربية (الجامعة اللبنانيّة). أستاذة في التعليم الثانوي، في إحدى ثانويات مدينة طرابلس لمادة التربية الوطنيّة والتنشئة المدنيّة، عضو مشارك في إنجاز بحثي حول "تعزيز القيم في التعليم العام في دول مجلس التعاون الخليجي"، في إطار مشروع نفّذه مركز البحوث التربوية في لبنان ERC.

شاركتُ مع مجموعة من الأدباء على مستوى العالم العربي في كتاب حول الجائحة بعنوان "أحاديث الجائحة – شهود من أهلها"، صدر أيضاً عام 2021 عن دار الآن ناشرون وموزعون. وكان لها مشاركة فاعلة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020، حيث تمّ استضافتها لتوقيع كتابها "ذاكرة روح" في تجربة جديدة ومميّزة.

وقد تمّ اختيار كتابها "ذاكرة روح" ليكون واحداً من بين مجموعة مميّزة من الكتب العربية التي أُجريت عليها دراسة نقدية تفصيلية من قبل الناقد المصري طارق عبدالوهاب في كتابه "أنهار الحلم والملح"، الصادر عام 2020 في القاهرة.

كما تمّ اختيار مجموعتها القصصية "المسكونة" واحدة من مجموعات قصصيّة أخرى لتناولها في كتاب "على ضفاف السرد... قراءات في القصة والرواية" للناقد موسى إبراهيم أبورياش.

محمد الصادق

back to top