رياح وأوتاد: جلسة الإسكان... ديون تتراكم وحل جزئي مؤقت وحل جذري مؤجل ومخالفة حاضرة للدستور

نشر في 31-01-2022
آخر تحديث 31-01-2022 | 00:10
لجأ بعض النواب إلى التهديد بطرح الثقة بوزير الدفاع إذا لم تستجب الحكومة إلى طلبهم في موضوع زيادة رأسمال بنك الائتمان، وهذا خلط مخالف للدستور بين التشريع والرقابة، فلا يجوز التهديد بالاستجواب أو بطرح الثقة إذا لم توافق الحكومة على أي قانون.
 أحمد يعقوب باقر لا يجوز أن تمر جلسة الثلاثاء الماضي التي أقرت فيها زيادة رأسمال بنك الائتمان دون أن نتأمل الدروس الكثيرة التي حملتها:

● أول هذه الدروس معروف وهو ما صرح به بعض الأعضاء، أن ما تم فيها هو حل مؤقت وغير جذري لمشكلة الإسكان، وأن ميزانية بنك الائتمان البالغة ثلاثة مليارات قد استنفدت، وأن الزيادة التي أُقرت (300) مليون والتي تم أخذها من صندوق التنمية ستكفي قروض 11400 ألف أسرة فقط، وهي للقسائم التي تم استلامها في أجزاء من مشروع المطلاع، والتي هي قيد الاستلام في خيطان، وهم لا شك مستحقون، ولكن إذا استمرت قضية الإسكان دون حل جذري فيستلزم ذلك زيادة رأسمال بنك الائتمان بمليارات جديدة لمقابلة عشرات الآلاف من الطلبات في باقي مشروعي المطلاع وجنوب سعد العبدالله وغيرهما.

● إن صندوق التنمية الذي وفر هذا المبلغ لبنك الائتمان كان ولا يزال يطالب بنك الائتمان بسندات بقيمة (500) مليون دينار بفائدة (2%) أي (عشرة ملايين سنوياً) والتي حل أجلها، ونظراً لعدم قدرة البنك على السداد فقد تم الاتفاق على جدولتها من جديد، وهو ما يعني أن بنك الائتمان سيظل مديناً وبفائدة إلى مدى لا يعلمه إلا الله.

● إن ما قام به صندوق التنمية بتقديم (300) مليون يعتبر مبلغاً إضافياً لما يقدمه الصندوق سنوياً، حيث إنه يقدم نسبة (25%) تستقطع من أرباحه الصافية كل سنة لخدمة قضية الإسكان حسب المادة الثالثة من القانون 2003/31، وهذا الاقتطاع الجديد يعتبر نتيجة طبيعية لكل ما تعرض له الصندوق من هجوم في وسائل التواصل وكثير من الدواوين التي اعترضت على عمل الصندوق منذ سنتين أو أكثر، بينما لم توضح الحكومة خلال هذه المدة رأيها إزاء هذا النقد لعمل الصندوق واستمراره وأهميته للسياسة الخارجية للبلاد، مما يشير إلى أن عملية السحب من الصندوق ستستمر إذا ما استمر العجز في الميزانية، واستمر عدم القناعة بعمل الصندوق.

● ليس صندوق التنمية هو الدائن الوحيد الآن لبنك الائتمان لأن السماح للبنك في الجلسة ذاتها بإصدار سندات يعني أن جهات أخرى ستكون دائنة أيضاً وبفوائد، فكيف فاتت على النواب الإسلاميين مادة الفوائد الربوية؟

● هناك كلفة إضافية لم يتطرق لها القانون وهي كلفة المواد المدعومة للقسائم نفسها والتي تقدر بمبلغ 275 مليون دينار والتي تصرف من وزارة التجارة وهي غير مرصودة من قبل وزارة المالية في حساب وزارة التجارة حتى الآن، فهي بالتالي استحقاق أو دين على الحكومة أيضاً.

* الحكومة لم تستطع زيادة رأسمال بنك الائتمان بسبب نفاد السيولة منها، واستمرار العجز في الميزانية منذ سنوات، ونفاد صندوق الاحتياطي العام، وقد قامت الحكومة مؤخراً بتقديم مشروعين بقانونين إلى المجلس، الأول قانون الدين العام، والثاني قانون يسمح بالسحب من احتياطي الأجيال القادمة، وإذا لم تعمل الحكومة ويعمل المجلس على الإصلاح الاقتصادي فيستمر العجز ويزداد حجم الديون إلى درجات كارثية.

● سيحل بعد شهور قليلة أجل سداد القرض السابق الذي اقترضته الحكومة من البنوك العالمية، والبالغ 3.5 مليارات دولار، وهناك قرض آخر بقيمة 4.5 مليارات دولار سيحل أجله عام 2027، وهناك أيضاً قرض محلي بنحو مليار دينار، وإذا اقترضت الحكومة قرضاً جديدا لسداد هذه الديون أو أعادت جدولتها فإن الديون على الحكومة ستستمر بالتصاعد أيضاً.

● ظهر جلياً أن الحكومة لم تعمل على التنسيق الزمني بين توزيع القسائم الجاهزة للبناء مع مدى توافر القروض اللازمة للبناء إلى أن خضعت للأمر الواقع.

● لجأ بعض النواب إلى التهديد بطرح الثقة بوزير الدفاع إذا لم تستجب الحكومة إلى طلبهم في موضوع زيادة رأس المال، وهذا خلط مخالف للدستور بين التشريع والرقابة، فلا يجوز التهديد بالاستجواب أو بطرح الثقة إذا لم توافق الحكومة على أي قانون لأن هذا محله الدستوري السليم هو التشريع بالأغلبية، أما الاستجواب وطرح الثقة فهو يمثل الرقابة والمحاسبة على عمل الوزير شخصياً والذي يساءل عنه أمام الأمير ومجلس الأمة، ومعروف أن الإسكان ليس من عمل وزير الدفاع.

● كان بإمكان الحكومة أن تعمل على توفير مبلغ هذه الزيادة ويكون رصيداً لها قبل أن يتم الضغط عليها من قبل النواب، أو أن تعمل على توفير البديل والحل الجذري وتقوم بإقناع النواب به، ولكنها لم تفعل، وقد علقت كثيرٌ من المواقع الإعلامية على أن نواباً آخرين سينتهجون نهجاً مماثلاً، أي بتقديم استجوابات والتهديد بطرح الثقة بالرؤوس الكبار لإجبار الحكومة على الموافقة على مطالبهم وقوانينهم.

● وأخيراً نعود إلى قضية الإسكان والحل الجذري لها والذي يحتاج الى تغيير أساسي في التفكير القانوني والمالي والاقتصادي، بحيث يشمل تحرير الأراضي من أكبر محتكر لها وهو الدولة، وإنشاء شركات مساهمة عامة إسكانية تساهم فيها الدولة بالأراضي فقط وتنحصر وظيفتها، أي الحكومة، بالترخيص والرقابة الفنية والمالية، ويكون لها سهم ذهبي في مجلس الإدارة والجمعية العمومية للتحكم في الأسعار، وتقوم هذه الشركات بوظيفة المطور العقاري والبنية التحتية أسوة بكل الدول المتقدمة في هذا المجال، وبهذا يتم اختصار دورة الحكومة المستندية الطويلة وتوفير المليارات على الدولة وتسلم المواطنين منازلهم في فترة قياسية؛ مما يزيح عنهم عبء الإيجارات التي تلتهم جل دخلهم وزهرة شبابهم.

وكنت قد قدمت اقتراحا مفصلا بهذا الحل في مجلس 2006 بعد دراسة مع مجموعة من المتخصصين وهو موجود في أدراج المجلس حالياً وموجود عندي لمن أراد أن يستفيد منه من النواب، والمهم أن تقتنع الحكومة ويقتنع النواب أن الحلول المؤقتة لا تجدي، وأن الاقتراض والديون سيزيدان عمق المشكلة وكلفتها إلى أن يكتشف الجميع أن الحل الجذري العلمي هو المخرج الصحيح الذي لابد منه شئنا أم أبينا.

● أحمد باقر

الاقتراض والديون سيزيدان عمق المشكلة وكلفتها إلى أن يكتشف الجميع أن الحل الجذري العلمي هو المخرج الصحيح الذي لابد منه
back to top