قوات روسية إلى كازاخستان... وعشرات القتلى بـ «انتفاضة الغاز»

الجيش يستعيد مطار ألماتي… وواشنطن وموسكو تتبادلان الاتهامات

نشر في 07-01-2022
آخر تحديث 07-01-2022 | 00:05
أعلنت منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي تقودها روسيا، أنّها سترسل إلى كازاخستان «قوات حفظ سلام» تلبية لطلب وجّهه إليها رئيس البلد الغارق في احتجاجات شعبية استدعت فرض حال الطوارئ.
مع دخول «انتفاضة الغاز» في كازاخستان يومها الخامس، قتل عشرات المتظاهرين بأيدي الشرطة، وجرح نحو 1000 ليل الأربعاء - الخميس في الدولة الواقعة في آسيا الوسطى، أثناء محاولتهم الاستيلاء على مبان إدارية، في إطار تظاهرات وأعمال شغب بدأت منذ الأحد في المقاطعات وامتدت إلى ألماتي، العاصمة الاقتصادية وكبرى مدن البلاد، احتجاجا على زيادة أسعار الغاز، ومازالت متواصلة.

وقتل كذلك 13 من عناصر قوات الأمن، وجرح 353، وفق ما أعلنت السلطات المحلية أمس.

في الوقت نفسه، أعلنت روسيا وحلفاؤها في منظمة «معاهدة الأمن الجماعي» أمس، إرسال الكتيبة الأولى من قوات حفظ السلام إلى كازاخستان.

تحالف عسكري

وقال هذا التحالف العسكري المدعوم من موسكو، في بيان نشرته على تطبيق «تلغرام» المتحدثة باسم الدبلوماسية الروسية ماريا زاخاروفا: «تم إرسال قوة جماعية لحفظ السلام من منظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى كازاخستان لفترة محدودة من أجل ضمان استقرار الوضع وتطبيعه».

وستكون مهمة هذه القوات التي تضم وحدات روسية وبيلاروسية وأرمنية وطاجيكستانية وقرغيزستانية «حماية منشآت الدولة والمنشآت العسكرية» و«مساعدة قوات حفظ النظام الكازاخستانية على إحلال الاستقرار وإعادة دولة القانون». وأضافت زاخاروفا أنه تم نقل القوات الروسية بطائرات عسكرية إلى كازاخستان، موضحة أن الوحدات المتقدمة «بدأت بالفعل في تنفيذ المهام الموكلة إليها».

وأعلن ​مجلس الدوما الروسي أن مهمة ​قوات حفظ السلام​ ​«قد تستمر شهراً واحداً».

وكان رئيس المنظمة، رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، أعلن أمس الأول، أن «منظمة معاهدة الأمن الجماعي سترسل قوات حفظ سلام إلى كازاخستان، بناء على طلبها ولفترة محدودة من أجل استقرار وتطبيع الوضع الذي تسبّب به تدخّل خارجي».

وفقًا لوكالة «سبوتنيك»، أرسلت أرمينيا 70 جنديًا.

وفي بروكسل قالت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، نبيلة مصرالي، إن «الاتحاد الأوروبي أُحيط علمًا بقرار السلطات الكازاخستانية التقدم بطلب إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي لإرسال قوات حفظ سلام لفترة محدودة للمساعدة في استقرار الوضع».

وقال الرئيس الكازاخستاني قاسم توكاييف، في وقت سابق، «دعوتُ رؤساء دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى مساعدة كازاخستان لهزيمة التهديد الإرهابي»، مضيفا أن «عصابات إرهابية تلقّت تدريبًا عالياً في الخارج تقود التظاهرات».

وحتى الآن، أخفق توكاييف في قمع الاحتجاجات، رغم تنازله على صعيد أسعار الغاز وتحديده أسعار الوقود لمدة 6 أشهر، وإقالة الحكومة وإعلان الطوارئ وفرض حظر تجول.

واتخذ الرئيس الكازاخستاني امس، أيضاً سلسلة من الإجراءات الطارئة التي تهدف إلى «ضمان استقرار عمل الخدمات العامة والنقل والبنية التحتية» وتعزيز جاهزية القوات الأمنية واستئناف عمل المصارف. ومنع تصدير بعض أنواع المنتجات الغذائية من أجل تثبيت الأسعار.

وأمس الأول، أكد توكاييف أن «عصابات إرهابية تلقت تدريبات مكثفة في الخارج» تقود التظاهرات.

وقال في خطاب بثه التلفزيون إن «مجموعات من العناصر الإجرامية تضرب جنودنا وتهينهم وتجرّهم عراة في الشوارع وتهاجم النساء وتنهب المتاجر».

ميدانياً، نقلت وسائل إعلام محلية، أمس، عن المتحدث باسم الشرطة في ألماتي، سالتانا أزيربك أن «عشرات» المتظاهرين قتلوا أثناء محاولتهم الاستيلاء على مبان إدارية ومراكز للشرطة، مشيراً إلى اعتقال أكثر من ألفَي شخص.

وقال إن «القوى المتطرفة حاولت ليلاً اقتحام مبان إدارية ومراكز للشرطة في ألماتي»، مؤكدا أنه «تم القضاء على عشرات المهاجمين».

من جهته، صرح نائب وزير الصحة، آجر غينات، لقناة «خبر 24» الحكومية، بأن «أكثر من 1000 شخص أصيبوا نتيجة أعمال الشغب في مناطق مختلفة».

وأعلنت السلطات مقتل 13 من عناصر قوات الأمن وجرح 353 في أعمال الشغب والتظاهرات، على ما ذكرت القناة نفسها التي قالت إنه «عثر على جثتين مقطوعتَي الرأس».

وظهرت في لقطات على وسائل الإعلام وشبكات التواصل مشاهد فوضى من نهب محال تجارية واقتحام بعض المباني الإدارية وإحراقها في ألماتي، فيما سمعت طلقات أسلحة آلية.

وأفادت تقارير بوقوع تبادل لإطلاق النار صباح امس، في ساحة الجمهورية في ألماتي.

وتم إضرام النار في مقر رئاسي ومكتب رئيس بلدية المدينة. وبحلول مساء الأمس، أصبح مطار المدينة، الذي سبق أن سيطر عليه المحتجون، تحت سيطرة أفراد من الجيش. وتناثرت السيارات المحترقة في الشوارع.

وفي وقت سابق، دخلت عدة ناقلات جند مدرعة وعشرات من الجنود الميدان الرئيسي في ألماتي، في حين سُمع دوي طلقات نارية مع اقتراب القوات من الحشود. وفي وقت لاحق بدا الميدان هادئاً مع استمرار تجمع نحو 300 من المحتجين وغياب القوات عن المكان.

وفي الليالي السابقة، أطلقت الشرطة قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع على الحشود، لكنها فشلت في منعهم من السيطرة على بعض المباني الإدارية.

والمتظاهرون غاضبون خصوصا من الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف (81 عاما) حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي حكم البلاد من 1989 إلى 2019 وما زال يحتفظ بنفوذ كبير. وهو يعتبر راعي الرئيس الحالي توكاييف.

والتظاهرات قليلة جدا في كازاخستان، البلد ذو الحكم الاستبدادي، حيث ينبغي أن تحصل التجمّعات على إذن مسبق.

وردد المتظاهرون هتافات مناهضة للحكومة مثل «لتستقل الحكومة»، و«ليرحل الرجل العجوز»، في إشارة إلى نزارباييف، الذي بقي رئيسًا لمجلس الأمن الكازاخستاني النافذ، لكنّ توكاييف أعلن أمس الأول، أنه بات هو من يتولى هذا المنصب.

وعلى خلفية مشاكل في عمل الإنترنت لساعات، أعلنت المتحدثة باسم المصرف المركزي، أولغاسا رمضانوفا، تعليق عمل كل المؤسسات المالية والبنوك والبورصات في البلاد.

كما أُلغيت جميع الرحلات الجوية في مطار عاصمة كازاخستان نور سلطان، وسط توقف موقت لخدمة الإنترنت.

ونتيجة للفوضى، شهد اليورانيوم الذي تعد كازاخستان أحد المنتجين الرئيسيين له في العالم، ارتفاعا حادا في سعره، بينما انهارت أسعار أسهم الشركات الوطنية في بورصة لندن.

وتشكل كازاخستان مركزا لتعدين «بتكوين» الذي يشهد أيضا انخفاضا حادا.

6 حقائق عن كازاخستان
● تاسع أكبر دولة في العالم بمساحة تزيد على 2.7 مليون كيلومتر مربع.

● السهول الكازاخستانية الشاسعة هي مركز قاعدة بايكونور الفضائية التي استأجرتها روسيا، والتي لا تزال أكبر منصة إطلاق في العالم بعد نحو 60 عاما من انطلاق رائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين منها، ليصبح أول رجل في الفضاء.

● يشكل الكازاخ نحو 70 في المئة من السكان (2020) لكن تاريخيا تقيم أقلية روسية كبيرة في البلاد. وتضم كازاخستان رسميا 130 جنسية.

● هي أكبر اقتصاد في آسيا الوسطى، وشهدت في الماضي نموا كبيرا، لكنها تضررت عام 2014 من جراء هبوط أسعار النفط الذي تعتمد عليه كثيرا، إذ شكل النفط 21 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد عام 2020، بحسب البنك الدولي الذي توقع نمو الاقتصاد بنسبة 3.7 في المئة هذا العام.

● ينتج أبرز حقل نفطي في البلاد «تنغيز» ثلث الناتج السنوي لكازاخستان، وتسيطر على 50 في المئة منه شركة شيفرون الأميركية.

● تعد أكبر منتج لليورانيوم في العالم، وفيها أيضاً كميات كبيرة من المنغنيز والحديد والكروم والفحم.

● ربطت كازاخستان مستقبل اقتصادها بالصين المجاورة، واستثمرت بكثافة في شبكة الطرق والسكك الحديد والبنية التحتية للموانئ لتسهيل الروابط التجارية.

ردود فعل

وفي حين اعتبرت وزارة الخارجية الصينية أن «ما يحدث في كازاخستان شأن داخلي، وتأمل باستقرار الوضع وإحلال النظام فيها بأسرع وقت ممكن»، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الأحداث في كازاخستان «محاولة مستوحاة من الخارج من أجل زعزعة استقرار وأمن البلاد بالقوة باستخدام تشكيلات مسلحة مدربة ومنظمة».

وبينما أعربت الولايات المتّحدة عن أملها في أن تجري التظاهرات «بطريقة سلمية»، ندّدت من ناحية أخرى بـ «الادّعاءات المجنونة من جانب روسيا بشأن المسؤولية المفترضة للولايات المتحدة في أعمال الشغب»، مؤكّدة أنّ «هذه المزاعم غير صحيحة على الإطلاق وتفضح استراتيجية التضليل الروسية».

بدورها، دعت بريطانيا الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي جميع الأطراف في كازاخستان إلى «ضبط النفس والامتناع عن العنف وتعزيز الحوار».

ودخلت إيران، من ناحيتها، على خط الأزمة، إذ أكد الناطق باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده، أمس، أن «طهران تراقب عن كثب التطورات الحالية في كازاخستان»، وأضاف أن «استقرار وأمن كازاخستان مهم بالنسبة لإيران، ويجب ألا تتهيأ الأرضية للانتهاكات من قبل العملاء الأجانب».

«الدول التركية»

بدورها، أكدت «منظمة الدول التركية»، التي تضم في عضويتها أذربيجان وكازاخستان وقرغيزستان وتركيا وأوزبكستان، الاستعداد «لدعم الشعب والحكومة في كازاخستان، عند الحاجة».

وأعربت عن ثقة الدول الأعضاء بأن السلطات الكازاخستانية ستكون قادرة على «نزع فتيل التوتر بالطرق السلمية، وإعادة بسط الهدوء والنظام».

back to top