أحزاب العراق في متاهة الحكومة الثامنة برسم الكاظمي والاحتجاجات

3 كتل برلمانية متقاربة تتجاذب التشكيل... وترقُّب لإزاحة «حلفاء إيران»

نشر في 22-12-2021
آخر تحديث 22-12-2021 | 00:00
البرلمان العراقي
البرلمان العراقي
اعتبر سياسي شيعي بارز أن سنتين من حكم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وتداعيات «حراك تشرين» الشعبي المقترن بقمع شامل مارسته «فصائل إيران» وشمل نحو ٣٠ ألفاً من الناشطين والمثقفين العراقيين؛ كل ذلك «أدخل الأحزاب في متاهة» وسلبها القواعد الكلاسيكية لتشكيل الحكومات.

وفي حديث مع «الجريدة»، رأى السياسي المشارك في مفاوضات تشكيل الحكومة أن القوى التقليدية كانت لديها معايير تستند إليها، حتى في أصعب مفاوضات تقاسم الثروة والسلطة، لكن «حراك تشرين» وسياسات الكاظمي المستندة إلى زخم الاحتجاج نفسه، أثبتا أنه «لا الانتخابات ظلت كما هي، ولا الحكومة بقيت نفسها».

ومر ٧٠ يوماً على الانتخابات العامة الموصوفة بأنها أخطر اقتراع منذ سقوط صدام قبل نحو 19 عاماً، ولاتزال المحكمة العليا مترددة في المصادقة على النتائج الحافلة بالمفاجآت، خصوصاً الخسارة الكبيرة لـ«حلفاء إيران»، والصعود القياسي لمؤيدي تيار السيادة الوطنية، في حين امتنع أي إمكان لتوحد الأحزاب الشيعية، ونجم عنه تشويش حاد في خريطة المصالح لباقي القوى عند المكونات الرئيسية سنياً وكردياً.

ورغم ازدحام جدول أعمال الفائزين والخاسرين باتصالات مكثفة، فإن كل شيء معلق حتى مصادقة المحكمة العليا على نتائج الاقتراع والنظر في دعوى «حلفاء طهران»، التي تطالب بإلغاء الانتخابات، الأمر الذي سيؤجل تلقائياً إلى ما بعد أعياد رأس السنة، ويزدحم بجداول انسحاب عسكري أميركي، في شد وجذب نتج عنه قصف صاروخي عنيف ضرب «المنطقة الخضراء»، حيث تقع سفارة واشنطن وسط بغداد، فجر الأحد.

ويصر مقتدى الصدر، وهو الفائز الأول في انتخابات أكتوبر، على حكومة أغلبية للفائزين، تلغي التوافق الشامل المعمول به، بينما تنهمك كتلة النواب المستقلين المنبثقة من الحراك الشعبي في تنظيم نفسها، لتخرج بنحو 30 مقعداً تربك التكتلات الأخرى.

وتبرز ثلاث كتل بأحجام متقاربة، كل منها بنحو 80 مقعداً، هي التيار الصدري، ورئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي المتحالف مع نواب «الفصائل المسلحة»، وتحالفات السنة، في حين يبقى الأكراد والمستقلون يلعبون دور بيضة القبان الحاسمة بما يجمع ٨٠ مقعداً أيضاً.

ويقول السياسي الشيعي المشارك في حوارات الأحزاب، إن الأمر لم يعد مرهوناً ببقاء الكاظمي أو رحيله، فقد نجح في وضع سياسات داخلية للتعامل مع الفصائل، ووضع معايير في العمل مع المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي بات من الصعب على أي حكومة أن تتجاهلها، وهي تشكل فارقاً عن مرحلة ما قبل «حراك تشرين».

ويعترف كبار الخاسرين في اقتراع أكتوبر بأن الاحتجاجات تدخلت في تغيير الأوزان البرلمانية، وكل المفاوضات بين الأحزاب تبقى معلقة على معايير الرأي العام المتأثر بمواقف الحراك، «إذ لم يعد بإمكان الصفقات تجاهل المعايير الحادة للرأي العام، إلا بثمن إنتاج حكومة يسهل إسقاطها سريعاً»، وهو أمر لا تجازف به لا الأحزاب ولا المرجعية الدينية الشيعية ذات النفوذ، والتي يترقب الجميع إشارتها، مع عجز طهران منذ استقالة الحكومة السابقة نهاية عام 2019، عن حسم الصراعات العميقة.

وطوال تشكيل ست حكومات، منذ سقوط نظام صدام، كانت الأحزاب -مدعومة بنفوذ الخارج- تتحكم في صيغة تأليف الوزارة، إلا أن حكومة الكاظمي شهدت لأول مرة تدخل عامل آخر هو الرأي العام والاحتجاجات التي تحكمت بعجلة الدولة وعرقلت عمل الأحزاب، منذ أواخر 2019، ولاتزال عاملاً يترقب الجميع ترجيحه للتيار المعارض لنفوذ «الفصائل المسلحة».

ما تصفه صالونات السياسة في بغداد بأنه امتناع للعودة إلى الوراء، يجبر النافذين على التكيف مع القواعد الجديدة في تشكيل ثامن الحكومات، بعد سقوط صدام.

محمد البصري

back to top