ورحل شيخ التواضع والبساطة

نشر في 21-12-2021
آخر تحديث 21-12-2021 | 00:09
 محمد جاسم العليوي تأخرت قليلاً في الكتابة عن رحيلك يا أعز الناس، وهذا التأخير خارج عن إرادتي، لأنك لم تكن إنساناً عادياً في حياتي لأكتب أي جمل أو أي عبارات، فأنت كنت نعم الأخ المحب، ونعم الصديق الصادق الصدوق، واليوم (الجمعة) المبارك أصررت على لملمة جراحي العميقة وأحزاني الكبيرة بعد فراقك، وحاولت كتابة ما جال في فكري الحزين وعقلي الذي توقف عن التفكير متأثراً بفراقك الصعب، حتى تكون دعواتي لك بالرحمة والمغفرة مستجابة في هذا اليوم الفضيل، اللهم يا مجيب الدعوات يا أرحم الراحمين ارحم عبدك دعيج الخليفة الصباح واغفر له وأسكنه فسيح جناتك.

لا أعرف كيف أبدأ الحديث عنك يالغالي!

اللسان يتلعثم في التعبير عما يجول في خاطري للتحدث عن سماتك وصفاتك الحسنة، وعن مدى علاقتنا الأخوية، وعن الحزن الكبير الذي تملكني بسبب فراقك المؤلم!!

يداي ترتجفان ألماً على فراقك ولا تقويان على حمل القلم لكي يُعبر عن مدى الحزن الكبير والجرح العميق الذي يعانيه قلبي والألم الفظيع الذي سكن نفسيتي، منذُ أن وصل خبر وفاتك ورحيلك المؤثر والمفاجئ عن دنيانا الفانية!!

المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ دعيج الخليفة الصباح بالنسبة لي لم يكن صديقاً عادياً أو زميل عمل من خلال تعاوننا المشترك لعدة سنوات، بوخليفة كان أخاً في الدنيا لم تلده أمي، بل كان أكثر من ذلك بكثير.

الشيخ دعيج، رحمه الله وغفر له، مُنذ أن عرفته قبل 28 سنة لم أسمع منه كلمة واحدة مؤذية لي أو لغيري من الآلاف من معارفه وأصدقائه، أو أشاهد تصرفاً خاطئاً يُهين فيه أحداً من كبير أو صغير.

بوخليفة الغالي لقد رحلت عنا فجأة وتركت لنا الغصة في النفس، وتركت لنا المعاناة الكبيرة بعد فراقك المؤلم الذي تأثر به القاصي والداني، ممن يعرفك ومن لم يتشرف بمعرفتك، فعلاً أنت يا الشيخ دعيج شيخ التواضع والبساطة والكرم وحسن الأخلاق.

فراقك صعب يا شيخ التواضع والبساطة

كيف لا، وأنت أكبر حفيد للراحل الغالي سمو الأمير جابر الأحمد الصباح (أمير القلوب) أمير دولة الكويت الحبيبة الأسبق، رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته؟! كيف لا، وأنت ابن الشيخة لولوة بنت جابر الأحمد الصباح، شيخة المحبة والمودة والتواضع وحب الناس، أطال الله في عمرها وأمدها بالصحة والعافية وألهمها الصبر والسلوان على فراقك الأليم الموجع؟! كيف لا، وجدتك المرحومة بإذن الله تعالى الشيخة بدرية الأحمد الصباح عنوان الطيبة والكرم واحترام الآخر، رحمها الله وغفر لها وأسكنها فسيح جناته؟!

فأنت يالحبيب (بوخليفة) بذرة طيبة صالحة من أولئك الناس الكرام الذين كانوا رمزاً للتواضع والمحبة والمودة والكرم والأخلاق وحب الشعوب واحترام البشر بمختلف طوائفهم وطبقاتهم وجنسياتهم وفئاتهم المجتمعية.

لم ولن أنسى تلك اللحظات الجميلة من عمري والذكريات الرائعة التي قضيناها معاً في كنف شيخة الشيخات والدتك الغالية (الشيخة لولوة) في قصر دسمان العامر بدولة الكويت العزيزة على قلبي.

ورحل شيخ المحبة العفوية

نعم الكلمات تخرج مني عفوية وبدون مقدمات لأنني أكتب عن شيخ المحبة العفوية البعيد كل البعد عن المصالح الشخصية والمكتسبات الفردية الزائلة، فأنت يا بوخليفة كنت مدرسة نموذجية في فن التعامل مع البشر، الكبير والصغير منهم، الغني والفقير منهم، الشيخ والتاجر والمواطن العادي، ولذلك أحبوك جميعاً حباً صادقاً نابعاً من قلوبهم ووصل إلى قلبك الأبيض الطاهر.

فأنت (رحمك الله) كنت رمزاً بارزاً للمعنى الحقيقي لكلمة (الحب) وكنت كتاباً جميلاً مفتوحاً تسهل قراءته للجميع بعيداً عن التعقيدات والفلسفات الزائفة الزائلة.

رحلت مبكراً ... واللهم لا اعتراض

هكذا يرحل الطيبون والناس الأخيار الذين يتركون بعد رحيلهم المؤلم أثراً وذكريات جميلة في نفوس من يعرفهم عن قرب، ومن تعاملوا معك بصدق وعفوية وحب ومودة وشاركتهم في أكل العيش والملح، وأنت بادلتهم الشعور نفسه والإحساس الصادق الذي لا تشوبه شائبة، ويكون نابعاً من صميم قلبك الكبير الذي تحمل الكثير والكثير من أجل إسعاد وإرضاء الآخرين.

اللقاء الذي كنت مشتاقاً إليه!!

ما زالت كلماتك العذبة الجميلة ترن وتدوي في مسامعي عندما هاتفتني قبل أسبوع واحد من رحيلك وقلت لي بالحرف الواحد: "مشتاق لشوفتك يا بوجاسم في أقرب وقت بعد انقطاع سنتين بسبب جائحة كورونا، وكم كنت مشتاقاً لرؤيتك بسرعة لنضحك ونمرح سوياً كما كنا في جميع لقاءاتنا السابقة على مدار الثماني والعشرين السنة الماضية". ولكن قدر الله وما شاء فعل!! واللهم لا اعتراض على قدره.

رحلت (يا بوخليفة) الغالي وتركت لي الألم في نفسي التي كانت تبتهج لطلتك وتفرح لفرحتك وتزعل لزعلك، وتركت الجرح العميق في قلبي الذي أحبك بدون مقدمات وبدون رتوش مزيفة وبدون مصالح شخصية وبدون ترتيب سابق، كيف لا، وأنت تمتلك تلك الكاريزما الغريبة العجيبة التي تجعلك تدخل إلى قلوب البشر بدون استئذان وبدن شعور؟!

لا أملك سوى الدعاء لك يالحبيب الراحل

والآن... الله يصبرنا ويصبر والدتك الغالية (أم دعيج) وزوجتك العزيزة (أم خليفة) وأخواتك الشيخات العزيزات وعائلة آل صباح الكرام وجميع محبيك وأصدقائك على فراقك الأليم والمفاجئ، ولا أملك سوى الدعاء لك بالرحمة والمغفرة.

اللهم في هذا اليوم الفضيل (الجمعة) اغفر للشيخ دعيج الخليفة الصباح وارحمه بواسع رحمتك، اللهم آنس وحشته ونوّر قبره واغفر ذنوبه وارحمه، اللهم اجعل قبره خير مسكن تغفو به عيناه حتى تقوم الساعة ياعظيم. و"إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجعُون".

* مملكة البحرين

● محمد جاسم العليوي

back to top