قطر من دبلوماسية الوساطة الى دبلوماسية التأثير

نشر في 17-12-2021
آخر تحديث 17-12-2021 | 00:00
 نايف صنيهيت شرار شهدت السياسة الخارجية لدولة قطر تطورات عديدة تمثلت بوضوح عند انتقال السلطة في يونيو 1995 إلى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حيث رسمت دولة قطر في عهده مسارا مستقلاً لسياستها الخارجية باعتماد سياسةٍ خارجيةٍ قوامها تفعيل أدوات القوة الناعمة، وارتكزت على استراتيجيات عديدة، أهمها استراتيجية التحالفات مع القوى الكبرى والمؤثرة.

وبُعيْد وصول أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للحكم في يونيو 2013، عقب تنازل والده له عن السلطة في خطوة غير مسبوقة في التاريخ العربي، حدث تغيير في أسلوب إدارة الدبلوماسية القطرية، وذلك من خلال تعزيز أدوات الدبلوماسية الناعمة كالإعلام، بإطلاق قنوات فضائية جديدة، وتعزيز الاقتصاد من خلال ضخ استثمارات أكبر في الخارج والداخل، والتعليم بتعزيز القدرات الفكرية ورعاية الأحداث الدولية في شتى المجالات الثقافية والرياضية.

وقد أدت دولة قطر دوراً رياديا دوليا وإقليميا يمكن أن نلمس ذلك مثالا لا حصراً في دعوة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في المحافل الدولية، إلى تعزيز ثقافة الحوار وتبني سياسة الدبلوماسية الوقائية، حيث شهدت السنوات الأخيرة انتقال قطر من دبلوماسية الوساطات إلى دبلوماسية التأثير، مما أبرز دورها كقوة إقليمية صاعدة مستفيدةً في ذلك من أدوات قوتها الناعمة متعددة الأبعاد والتي عملت على بنائها وتعزيزها خلال أكثر من عقد من الزمن، حيث تمكنت الدوحة من تبني خيارات استراتيجية متعددة معتمدةً على استقلال قرارها بما يخدم مصالحها، دون المساس بثوابتها.

وخلال تسارع التغيرات الدولية والتحولات الكبرى في العالم، برزت قطر كوسيط في حل الخلافات والنزاعات، نذكر في هذا الصدد رعاية الدوحة في فبراير 2020، لمحادثات السلام بين "طالبان" والحكومة الأفغانية، توجت بتوقيع واشنطن وطالبان على اتفاق بانسحاب تاريخي للقوات الأميركية من أفغانستان، معلنة انتهاء حرب بدأت عام 2001، في ظل صراع دام بين الجانبين دون انتصار أحد طوال (19) سنة، وقد حاولت عدة دول تأدية دور الوسيط للسلام في أفغانستان خلال 20 سنة الماضية وباءت مساعيها بالفشل.

وكان للدوحة أيضا دور ريادي للمصالحة في دارفور السودان، والأزمة اللبنانية والصراع في اليمن والصومال، والنزاع الإثيوبي الإرتيري حول القضايا الحدودية، وبين "فتح" و"حماس" لإتمام المصالحة الفلسطينية وتطلب ذلك إرادة قوية، فحيث تكون الإرادة قوية يكون بلوغ القمة سهل المنال.

● نايف صنيهيت شرار

back to top