المنظمات... فوائد داخلية وخارجية للدول المستضيفة

نشر في 10-12-2021
آخر تحديث 10-12-2021 | 00:00
 تهاني الظفيري تسعى الدول إلى استضافة مقار دائمة أو مؤقتة لمنظمات دولية أو فتح مكاتب إقليمية لها، وهناك سباق لنيل ثقة تلك المنظمات واستقطابها عبر تقديم العديد من التسهيلات والامتيازات للمكوث على أراضيها وإبرام اتفاقية المقر، التي تنظم العلاقة بين الدولة المستضيفة والمنظمة بشكل توثيقي، لبيان الامتيازات والحصانات الممنوحة، والالتزامات والواجبات التي تقع على كل طرف تجاه الآخر.

لكن ما الذي يدفع الدول إلى التنازل عن بقعة من أراضيها ومنح السيادة عليها لتلك المنظمات؟ وهل يعود ذلك بمكاسب سياسية تدعم سعي الدول إلى تعزيز دورها القيادي في العالم في المجالات الأسياسية والاقتصادية والأمنية؟ لا شك أن المصالح تؤدي دوراً كبيراً في هذا الشأن، فالدول عبر استضافة المنظمات تسجّل حضوراً دولياً وتنال التقدير في المحافل العالمية، مما يسهم في دعمها للقضايا التي تتبناها أو تسعى إلى تحقيقها. كما توجد الدول عبر تلك الاستضافة على المدى المتواصل ثقلاً سياسياً لها على الخريطة السياسية الدولية، وتستفيد من الدور الوسيط الذي تقوم به المنظمات الموجودة على أرضها، سواء من خلال مقر رئيسي دائم، أو مكتب إقليمي، لتقوية العلاقات بين الدولة المستضيفة وباقي الهيئات والمنظمات والدول الأخرى، مما يعزز ويسهل تنفيذ سياسات الدولة الخارجية ويحسّن بيئة الأعمال الداخلية السياسية والثقافية والاقتصادية، وفق توجهات الدولة، وتنفيذاً لأجندتها الخاصة ورؤيتها التشريعية، بما يعكس تصورها السياسي والإقليمي والدولي. وكمثال على ذلك، استضافت إثيوبيا لسنوات طويلة منظمات دولية وإقليمية عدة، بينها منظمات إغاثة إنسانية تابعة للأمم المتحدة، وقدمت لها التسهيلات والامتيازات، وكانت النتيجة داخلية وخارجية، فعلى الصعيد الداخلي سلطت تلك المنظمات الضوء على المشكلات الاقتصادية والأوضاع الإنسانية الصعبة ونقص المشاريع الحيوية والخدمية في إثيوبيا، مما أدى إلى منح أديس أبابا المساعدات والقروض من دول وجهات مانحة وبنوك للنهوض باقتصادها وحل أزماتها. وعلى المستوى الخارجي، استفادت إثيوبيا من المنظمات في مجال سد النهضة، حيث كسبت دعماً من دول عدة لأحقيتها في بناء السد والاستفادة من الكهرباء التي سينتجها لإنارة مناطق واسعة وحل مشكلات اقتصادية عدة، وعلى الرغم من تسبب السد بخلاف مع مصر والسودان، حصلت إثيوبيا على تمويل وتسويق دولي لهذا المشروع الضخم، بدأ منذ بداية الألفية الثالثة.

* باحثة في الشؤون الدولية

● تهاني الظفيري

back to top