الكربوهيدرات... مصدر طاقة وأساس للحمية الغذائية

وضع الرياضيين مختلف في تناول النشويات والسكريات

نشر في 25-11-2021
آخر تحديث 25-11-2021 | 00:00
الكربوهيدرات
الكربوهيدرات
تعد الكربوهيدرات من المغذيات الكبرى التي تمد الجسم بالطاقة، لكن الجدل لا يزال مستمراً حول أهميتها في الحمية الغذائية. ما هو تعريف الكربوهيدرات إذاً؟ وإلى أي حد يمكن اعتبارها أساسية؟ وما تداعيات الامتناع عن استهلاكها؟
الكربوهيدرات واحدة من 3 فئات أساسية من المغذيات الكبرى، إلى جانب البروتينات والدهون. يفكك الجسم الطاقة التي يحصل عليها من الكربوهيدرات، ويُحوّلها إلى غلوكوز.

ثمة 3 أنواع من الكربوهيدرات: النشويات، والسكريات البسيطة، والألياف الغذائية، لكن يستعمل الناس هذا المصطلح بطريقة خاطئة أو غير دقيقة أحياناً للإشارة إلى النشويات.

استعمال هذا المصطلح للدلالة على أغذية نشوية، مثل: الخبز والرز والبطاطا، حصراً قد يغفل عن دور الكربوهيدرات الحقيقي في الحمية الغذائية والجسم. كذلك، يمكن إيجاد الكربوهيدرات في مجموعة واسعة من المأكولات.

تكشف هذه الأرقام أن الخضراوات غير النشوية تشمل نحو ثلث كمية الكربوهيدرات الموجودة في الحبوب والبقوليات والفاكهة، لكنها لا تخلو من الكربوهيدرات بالكامل.

وبما أن مصادر الكربوهيدرات الغذائية تحتوي على مغذيات أساسية، مثل الفيتامينات B لإنتاج الطاقة والمواد الكيماوية النباتية لمحاربة الأمراض، تبقى هذه الأغذية مهمة في الحمية الغذائية، لكن تنوّع مصادر الكربوهيدرات يعني عدم الحاجة إلى زيادة استهلاك النشويات تحديداً.

مسار الكربوهيدرات في الجسم

يُحوّل الجسم الكربوهيدرات إلى أهم عنصر لإنتاج الطاقة: الغلوكوز. ثم يخوض الغلوكوز سلسلة من التفاعلات الانزيمية التي تطلق مواد لإنتاج الطاقة من نوع البيروفات واللاكتات خلال عملية تحلل السكر.

في الظروف الأيضية الطبيعية وعند توافر الأوكسجين اللازم، يصبح البيروفات المحرك الأساسي لإنتاج الطاقة في متقدرات الخلية، ثم ينتج الجسم كميات صغيرة ومتواصلة من اللاكتات.

لكن عند حصول نقص في الأوكسجين (خلال النشاطات الجسدية المكثفة مثلاً)، يصبح اللاكتات، على شكل حمض اللاكتيك، العنصر الأولي الذي يستعمله الجسم لمد الخلايا العضلية بالطاقة.

داخل المتقدرات، يؤدي تفكيك البيروفات المستمر إلى إنتاج الأسيتيل مرافق الأنزيم-أ: إنه عنصر مصنوع من جزيئتَي كربون، وهو يتّصل بأوكسالو أسيتات المشتق من الكربوهيدرات لإفراز السترات وإطلاق دورة إنتاج الحمض ثلاثي الكربوكسيل.

كذلك، تنتج الأحماض الأمينية والأحماض الدهنية كمية من الأسيتيل مرافق الأنزيم-أ. أما دورة الحمض ثلاثي الكربوكسيل التي يسمّيها البعض "دورة كريبس"، فهي تنتج ثاني أكسيد الكربون والأدينوسين ثلاثي الفوسفات: تحمل هذه الجزيئة إشارات معينة وتنتج الطاقة التي تسمح للعضلات بالانقباض.

تمرّ كل جزيئة غلوكوز بجولتَين من دورة الحمض ثلاثي الكربوكسيل، فتنتج الأدينوسين ثلاثي الفوسفات وثاني أكسيد الكربون. يدخل هذا الغاز إلى الدم ويخرج من الرئتين أثناء الزفير.

تداعيات الحد من استهلاك الكربوهيدرات

يحتاج الجسم إلى كمية ثابتة من الغلوكوز للحفاظ على مستويات معينة من الأوكسالو أسيتات وحماية دورة الحمض ثلاثي الكربوكسيل المنتظمة.

عند الحد من استهلاك الكربوهيدرات الغذائية، تتراجع دورة الحمض ثلاثي الكربوكسيل، ويصبح إنتاج الكيتون أهم عملية لتلبية حاجة الجسم إلى الطاقة، ثم يتكل الجسم على الأحماض الأمينية الكيتونية والأحماض الدهنية لإنتاج الأسيتيل مرافق الأنزيم-أ. لكن بدل المشاركة في دورة الحمض ثلاثي الكربوكسيل، تتفكك عناصر الأسيتيل لإنتاج أجسام كيتونية من نوع أسيتو أسيتات وبيتا هيدروكسي بوتيرات.

ينتج الجسم العناصر الكيتونية في الكبد، لكن تدخل هذه الجزيئات إلى الدورة الدموية وتتجه نحو الدماغ والقلب والكلى والعضلات الهيكلية لإيصال الطاقة.

وبسبب هذا المسار الأيضي البديل لإنتاج الطاقة في الجسم، اعتُبِر عدد من الحميات قليلة الكربوهيدرات مقاربة مناسبة لتخفيف مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة، كتلك التي ترتبط بفرط استهلاك الكربوهيدرات الغذائية، لا سيما الكربوهيدرات المكررة والسكريات المضافة.

بشكل عام، يميل الرياضيون وكل من يحاول فقدان الوزن إلى الحد من استهلاك الكربوهيدرات.

وضع الرياضيين مختلف!

قد تقتصر عملية تكييف الجسم مع الكيتو، أي التعديل الأيضي الذي يسمح باستعمال الدهون كأهم مصدر للطاقة عند الامتناع عن استهلاك الكربوهيدرات، على 5 أو 6 أيام.

شملت دراسة من عام 2018 رياضيين يمارسون رفع الأثقال، فأثبتت أن حمية الكيتو قليلة الكربوهيدرات تُخفّض دهون الجسم من دون إضعاف الكتلة العضلية الهزيلة أو القدرة على رفع الأثقال. لكن دراسات عدة كشفت أن هذه المقاربة الغذائية تُخفّض ذروة القوة وتُضعِف أداء الرياضيين الذين يمارسون تمارين القوة.

بالنسبة إلى الرياضيين إذاً، قد لا تكون حمية الكيتو أفضل خيار غذائي، لكن لا بد من إجراء دراسات أخرى على المدى الطويل للتأكد من هذا الاستنتاج، حتى إن دراسات علمية أخرى تدعم الحميات الغنية بالكربوهيدرات للرياضيين المحترفين.

فقدان الوزن

إذا كانت الظروف ملائمة، يسمح فقدان الوزن بتحسين صحة الأيض وتخفيف الأمراض المرتبطة بالبدانة.

غالباً ما يكون فقدان الوزن أهم دافع وراء اختيار حميات الكيتو التي تكون قليلة الكربوهيدرات وكثيرة الدهون. وبناءً على نظرية الكربوهيدرات والأنسولين، يعطي الحد من استهلاك الكربوهيدرات منافع أيضية.

لكن رغم منافع هذه المقاربة في بعض الحالات، ما يعني أن تُسهّل حمية الكيتو إنقاص الوزن وتخفيض مؤشرات سكر الدم، قد يزيد في المقابل خطر الإصابة بأمراض القلب ويرتفع مستوى الكولسترول السيئ.

كذلك، اعتبر عدد كبير من الباحثين نظرية الكربوهيدرات والأنسولين مبسّطة أكثر من اللزوم، نظراً إلى قلة الأدلة التي تثبت أن استهلاك كمية كبيرة من الكربوهيدرات يعزز البدانة في معظم الحالات.

عملياً، يؤدي الحد من الدهون إلى فقدان دهون الجسم أكثر من الكربوهيدرات لدى البدينين. ويبدو أن مجموع السعرات الحرارية المستهلكة، بغض النظر عن كمية الكربوهيدرات والبروتينات والدهون، يبقى أكثر أهمية من العوامل الأخرى للالتزام بالحمية وفقدان الوزن على المدى الطويل.

back to top