هل تستفيد مصر من تفكك إثيوبيا؟

نشر في 09-11-2021
آخر تحديث 09-11-2021 | 00:02
جنود من «قوات الدفاع الوطني» الموالية لآبي أحمد خلال تظاهرة مؤيدة للحكومة في أديس ابابا (رويترز)
جنود من «قوات الدفاع الوطني» الموالية لآبي أحمد خلال تظاهرة مؤيدة للحكومة في أديس ابابا (رويترز)
مع تدهور الأوضاع في إثيوبيا، بالتزامن مع ارتفاع لهيب الاقتتال الأهلي، ما ينذر بتفكك الدولة المحورية في منطقة القرن الإفريقي، ثار السؤال حول مدى استفادة القاهرة، التي توترت علاقتها مع أديس أبابا بسبب سد النهضة، من الأوضاع في إثيوبيا، وهل من مصلحة مصر الاستراتيجية أن تتفكك إثيوبيا أم أن تفكهها سيكون بداية السقوط في هوة الفوضى التي ستؤثر سلبا على مصالح مصر الاستراتيجية في منابع النيل؟

والتزمت القاهرة الصمت الرسمي، واكتفت بالمتابعة الدقيقة لما يجري في إثيوبيا من اقتتال أهلي يتصاعد مع اقتراب قوات التيغراي من الوصول إلى أطراف العاصمة أديس أبابا، ودعوة رئيس الوزراء آبي أحمد أهالي المدينة إلى حمل السلاح لمواجهة الهجوم الوشيك، وهي تطورات تتابعها القاهرة وعينها على ملف سد النهضة الإثيوبي المتعثر، والذي لا يتوقع أن تستأنف مفاوضاته حاليا بسبب الأوضاع في إثيوبيا، فضلا عن الاضطرابات التي يشهدها السودان.

وتحدث البعض عن تفكك إثيوبيا الوشيك، الأمر الذي دفع «الجريدة» إلى استطلاع رأي عدد من الخبراء في الشأن الإفريقي، لمعرفة هل يمكن أن تستفيد مصر من تفكك إثيوبيا؟ أم أن تفكك الأخيرة سيؤدي إلى ميلاد عدد غير متناه من الأزمات التي تعصف بالبقية الباقية من استقرار منطقة القرن الإفريقي، بما سيؤثر سلبا على المصالح المصرية الاستراتيجية في منطقة منابع النيل والمدخل الجنوبي للبحر الأحمر؟

ويرى وزير الري المصري الأسبق محمد علام أن بقاء الدولة الإثيوبية من عدمه «ليس مهما لمصر بقدر أن يحل الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، سواء تضمن هذا الاستقرار الإبقاء على دولة واحدة مستقرة، أو عدة دول مستقرة ترث الدولة الإثيوبية، التي يصعب حكمها بوضعها الحالي بسبب تعدد الإثنيات، وهذا ما يهمنا في مصر، على عكس الرغبة الأميركية التي تتمسك بالوحدة الإثيوبية، وبقاء النظام الحالي لتحقيق أهدافها في منطقة القرن الإفريقي».

وقال علام، لـ«الجريدة»، إن «الوضع الحالي في إثيوبيا يجعلنا نقف عند أمرين؛ الأول هو التدخل الدولي المكثف لحل الأزمة، والثاني هو إدارة الحكومة الإثيوبية للأحداث بشكل ضعيف، ما يعطي انطباعا بأن القيادة الإثيوبية ليس لديها خبرات لمواجهة مثل هكذا أزمات، كذلك تؤكد الأحداث أن الرهان الغربي على آبي أحمد فشل بعدما ظهرت عدم قدرته على إدارة إثيوبيا بكل تعقيداتها الإثنية، وإذا لم تدر التعددية داخل إثيوبيا بحكمة فستؤول الأمور إلى تفكك الدولة».

من جهته، ذكر أستاذ الموارد المائية الخبير بالشأن الإفريقي د. عباس شراقي، لـ»الجريدة»، أن مصر تتابع الأمور في إثيوبيا بكل تأكيد، لأنها ستؤثر على ملف مياه النيل، متابعا: «قد يرى البعض أن مصلحة مصر في تفكك إثيوبيا من أجل تحقيق انفراجة في ملف سد النهضة، لأن النظام الإثيوبي الحالي مارس سياسة صدامية مع مصر، وأغلق جميع أبواب التفاوض بسبب مواقفه المتعنتة، فمن الطبيعي عدم البكاء على هذا النظام إذا سقط».

وأضاف د. شراقي: «في مصر طبيعي أننا لا نهتم إلا بمصلحة مصر العليا، فمسألة انقسام إثيوبيا، ليس مشكلة لأن هناك 11 دولة في حوض النيل تتعامل معها مصر، ولن يضرها إذا زادت هذه الدول دولة أو دولتين»، لافتا إلى أن سياسة آبي أحمد المتعنتة ضد مصر ولدت رأي عام غاضبا في مصر ضد حكومة أديس أبابا، وهو ما يفسر حالة عدم الاكتراث الشعبي والسياسي بما يجري في إثيوبيا، وكأنه عقاب مستحق لنظام آبي أحمد.

في المقابل، قالت الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية شيماء البكش، في تصريحات إعلامية، إنه ليس من مصلحة مصر سقوط إثيوبيا وتفككها، مؤكدة أن دولة مفككة في إثيوبيا لن تتمكن من الانخراط في مفاوضات سد النهضة مستقبلا، «وإنما نريد حكومة نقدر نلزمها بالتزامات دولية»، لكنها أكدت أن جميع المؤشرات تؤكد سقوط العاصمة أديس أبابا أمام قوات التيغراي.

● القاهرة - حسن حافظ

back to top