بقايا خيال: الأمن القومي بأيد غير كويتية!!

نشر في 05-11-2021
آخر تحديث 05-11-2021 | 00:00
 يوسف عبدالكريم الزنكوي قبل أيام وصلني مقطع فيديو لمواطن عربي يقول فيه: في يوم كنت أمشي بالشارع ولم يكن في جيبي سوى خمسين جنيها، لم أكن أعرف ماذا أشتري بها، فدخلت فندق خمس نجوم، وفي مطعم الفندق طلبت أفخر أنواع الأكل الذي احتوته قائمة الأكل، وملأت الطاولة بكل ما تشتهيه نفسي، وبعد ما انتهيت من الأكل، طلبت من "الجرسون" الحساب، فإذا به تجاوز الـ3000 جنيه، فقلت للجَرسون بأنني لا أحمل هذا القدر من المال، فقام الجَرسون بطلب البوليس، وعندما أتى "أمين الشرطة" لكي يقبض علي، أخذته جانباً وأعطيته الخمسين جنيهاً التي كنت أحملها، فأطلق سراحي بعيداً عن أنظار العاملين في الفندق.

قد تبدو هذه القصة أو "الحدوتة" من نسج الخيال، إلا أنها واقعية تحدث بأي مكان في العالم، خصوصاً الدول التي يكثر فيها الفساد، وحيث تكون أسهل طريقة لبعض رجال الأمن مثل مسؤولي السجون، أو بعض ضباط الشرطة، أن يحصل على إتاوة أو رسوم أو ضريبة من مرتكبي المخالفات أو الجرائم، مقابل إطلاق سراحهم، بل إننا إذا كنا نسمع كل يوم عن قضايا فساد بين أفراد الشرطة في دولة الكويت الغنية، فكيف بدولة أخرى تعاني الأمرين من استشراء الفساد؟

الإعلامي المصري عمرو أديب وفي برنامجه "كل يوم" يقول: "المجتمع المصري يعشق الفساد، كلنا، لا أستثني أحداً، بما فيهم أنا، نعشق الفساد"، وهذا المقطع متوفر على اليوتيوب، إذ يقدم فيه الأستاذ عمرو أديب، وفي هذه الحلقة بالذات، أمثلة عديدة عن الفساد في بلده، مضيفاً أنه لو كان هناك "خرم" فساد لاستغله الفاسدون.

وقد كنت شاهد إثبات على واقعة جرت أحداثها أمام عيني في يناير من عام 1974، بالقرب من منزل الرئيس المصري الراحل أنور السادات، والذي كان قريباً من فندق شيراتون القاهرة، حينها دعاني أحد الأصدقاء لقضاء السهرة في فندق الشيراتون، وبالقرب من الفندق كانت هناك نقطة تفتيش للشرطة توقف عندها صديقي بسيارته المرسيدس ينوي عبور نقطة التفتيش قاصداً الفندق، فمنعه الشرطي معتذراً بلباقة قائلاً "ممنوع يا أفندم، هنا بيت الريس"، فأخرج صديقنا من جيبه ورقة نقدية من فئة الخمسة جنيهات وناولها للشرطي، الذي أدى التحية لصديقي وهو يفتح بوابة نقطة التفتيش ويقول: اتفضل يا أفندم، وهذا يعني أن الشرطي كان يمكن أن يعرض حياة رئيس دولته "أنور السادات" للخطر، لمجرد سماحه لنا بالعبور، مقابل رشوة لم تتجاوز خمسة جنيهات فقط.

عندما أجول بناظري على عشرات الآلاف من غير الكويتيين الذين يحرسون وزارات الدولة ومؤسساتها ومنشآتها الحيوية وحماية شركات ضخمة وحساسة، و"أجدع" واحد من هؤلاء الحراس لا يزيد راتبه الشهري على 150 ديناراً، ويطلب منه أن يدقق في هويات الداخلين إلى المنشأة، دون أن يحمل سلاحاً لدرء الأخطار عن الممتلكات العامة، وأحياناً تغيب الرقابة الصارمة على هذا الحارس، لإجباره على الحفاظ على أمن المكان، وأهون مظاهر غياب الرقابة عندما يترك هذا "السكيوريتي" مكانه لأداء الصلاة، التي يراها أهم من حماية المكان، أقول عندما أرى هذه النوعية من رجال الأمن، أتساءل وبصوت مرتفع أرجو أن يكون مسموعاً: ماذا تعرف هذه المؤسسات عن أي من هؤلاء "السكيوريتي" الذين يحرسون مصالحها؟ ألا يحتمل أن تتم رشوة أي منهم من قبل منافسيها بأي مبلغ، إذا كان هدف المنافسين الحصول على معلومات سرية؟ وما الضمان الذي تمتلكه مؤسسات الدولة بمختلف أشكالها وأحجامها وأغراضها ودرجة حساسيتها أو تأثيرها على الأمن القومي، لتضع مصيرها ومصير بلد بأكمله بين يدي شخص لا تعرف عنه شيئاً، ولا يحمل سلاحاً أو حتى أداة لحماية نفسه من أي اعتداء؟

● يوسف عبدالكريم الزنكوي

back to top