القضايا المحورية للحوار مع الحكومة

نشر في 15-10-2021
آخر تحديث 15-10-2021 | 00:04
 ناجي الملا الحكومات المتعاقبة وقعت في غرام إدارة القطاع الإنتاجي وتوسعت فيه، طبعاً في البداية كان مُغرياً إلا أنه ما لبث مع الأيام أن ظهرت أعطاله وزادت تكاليفه، والأخطر صار صعباً حتى التخلص من سحره، فهو يوفر الأبهة عبر التحكم بموظفيه وقياداته، وأصبح أداة لإظهار القوة والضبط وأداة لممارسة الضغط، ولكن الأعطال تكاثرت وعتقت الآليات فيه والقيادات وتضخمت التكاليف، ولكن الحكومات متشبثة به ولا تريد التفريط به لأنها ترى أنها ستفقد مصدر قوتها.

هذا الوضع جعل الحكومة والمجتمع يواجه عجزاً مالياً مخيفاً لا يسده إلا الدين العام وفرض الضرائب ورفع قيمة الرسوم وكشط كل أشكال الدعم والمِنَح، ولكن إذا تجاوزنا الصورة الخارجية للأزمة فسنجد أن هذه الأزمة شكلية مفتعلة على الرغم من تلبسها لغة الأرقام والبيانات كيف؟

لو أن الحكومة أزاحت عن كاهلها القطاع العام وتركته لإدارة القطاع الخاص من صحة وتعليم وكهرباء وماء ومواصلات وهواتف ثابتة وبريد وموانئ وصناعة الخبز والطحين وإدارة المطار، وانتقلت هذه القطاعات وقسم كبير من عمالتها إلى القطاع الخاص، ولو قامت الحكومة عوضاً عن ذلك بتقديم تأمين صحي لكل مواطن، وتقديم تغطية لرسوم أرقى مدارس في القطاع الخاص لجميع الطلبة بدلا من تقديم الخدمات الرديئة والرواتب العالية لوظائف وموظفين يزيدون على الحاجة، إذ بلغت البطالة المقنعة ما بين 60% إلى 80% فضلا عن أن هذه الرواتب والمؤسسات لا تحقق ربحاً بل تسجل خسائر سافرة وخدمات في أسوأ صورها.

طبعاً ستكون قيمة التأمين الصحي 1000 دينار لكل مواطن وتغطية رسوم المدارس إلى حد 3000 لكل طالب، ولو منحت كل العاملين في القطاع الخاص والحكومي 600 دينار للموظف و500 دينار للموظفات، وخفضت مبلغ الدعوم الى مليار ونصف بدلا مما هي عليه الآن أربعة مليارات ووزعت الدعوم نقداً فإن لكل مواطن 83 دينارا كل شهر، ووزعت كل سنة 25% من صافي أرباح الصناديق السيادية التي تبلغ أرصدتها ما لا يقل عن 200 مليار دينار وسنقدر أن هذه النسبة مليار ونصف.

المواطن الأعزب الذي يعمل في القطاع الخاص براتب 300 دينار سيصل راتبه إلى 1066 ديناراً والموظفة العزباء براتب 300 دينار في القطاع الخاص سيكون راتبها 966 لنفترض أن الموظف السابق رب أسرة وله خمسة أبناء فإن راتبه يصل إلى 1896 ديناراً، طبعاً لدينا وزارات وهيئات ومؤسسات لن تخصخص كالوزارات والمؤسسات الأمنية والمالية والقضائية والرقابية، وفيها من كانت رواتبه تزيد على الحسبة السابقة سواء لطبيعة عمله أو منصبه فقد أخذناها بالحسبان وزيادة وبناء عليه ستكون الموازنة حسب التالي: خمسة مليارات رواتب وأجور شاملة دعم العمالة وزيادات رواتب الوظائف في الوزارات والهيئات غير القابلة للتخصيص/ مليار مستلزمات سلعية وخدمات مليار دعم/ مليار ونصف منح/ مليار ونصف تأمين صحي/ مليار ونصف رسوم تعليم/ مليار ونصف مساهمة خزينة الدولة لدعم التأمينات الاجتماعية/ مليار ونصف مصروفات رأسمالية/ مليار إعانات/ المجموع: 15.5 مليارا/ الفائض أو الفارق عن الموازنة الحالية 7.5 مليارات.

وإذا تمت الخصخصة حسبما سبق فإن الإيرادات غير النفطية ستصل إلى 4 مليارات على أقل تقدير مما سيكون الفائض معها 3.5 مليارات دينار.

بهذا نتوجه للإخوة النواب وبالأخص من انتدبوا من قبلهم للتحاور مع الحكومة بأن يكون ما سبق على رأس أولوياتهم مع حل القضية الإسكانية كما ورد في مقالنا الفائت وفرض تكويت الوظائف في القطاع الخاص، للوصول في أربع سنوات إلى 70% والقضاء على حوادث المرور بخفض نسب الوفيات إلى 3% حيث يبلغ عدد وفيات الحوادث 428 وفاة سنوياً، وترشيق الجسم الحكومي واستئصال البطالة المقنعة على الأقل بنسبة 60%.

فبرنامج عمل الحكومة يجب أن يتضمن أهدافاً محكومة بمعايير كمية وزمنية لا أمان هلامية، وقد أشرت مرارا إلى أن برنامج العمل بهذه المواصلات سيكون الأداة والفلتر الذي لا يسمح إلا للعباقرة بدخول الحكومة والمناصب الإدارية.

ناجي الملا

back to top