العراق ينتخب: مقاطعة الشباب تخدم الوجوه القديمة

. الكاظمي يعلن اليوم «انتصاراً أمنياً»... وقآني حضر الاقتراع
. مشاكل تقنية محدودة والمراقبون راضون عن سير الاقتراع وآمال ضعيفة بالتغيير

نشر في 11-10-2021
آخر تحديث 11-10-2021 | 00:13
شهد العراق، أمس، خامس انتخابات برلمانية منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 في عملية جرت بهدوء وانسيابية، ويأمل مؤيدوها في تحوّل حقيقي بالإدارة، ويرى معارضوها أنها لن تُحدث تغييراً في ميزان القوى.
وسط آمال ضعيفة بحدوث تغيير كبير، وتوقّعات بعدم قلب موازين القوى التي تهيمن على المشهد منذ الغزو الأميركي عام 2003، أدلى العراقيون بأصواتهم، أمس، في انتخابات عامة تمت قبل موعدها المقرر بعدة أشهر لتهدئة غضب الشارع وحراك 2019 ضد الفساد وتراجع الخدمات العامة والتدهور الاقتصادي، وجرت وفق قانون جديد تم سنّه لمساعدة المرشحين المستقلين.

ومرّ اليوم الانتخابي من دون حوادث أمنية تُذكر، وهو إنجاز أمني لقوات الأمن العراقية في بلد خرج قبل سنوات قليلة من حرب مدمرة.

ومع فتح الصناديق، توافد كبار السن، لكنّ العديد من الشباب لم يندفعوا للمشاركة، يائسين من إمكانية تغيير الأوضاع الراهنة، وسط عمق الأزمات. وخلت شوارع العاصمة من الازدحام المعتاد، في حين انتشر عدد كبير من عناصر الأمن، وحلّقت في أجوائها طائرات F16.

وصوّتت شخصيات سياسية بارزة ومسؤولون بأصواتهم في فندق مؤمَّن داخل المنطقة الخضراء، التي تضم السفارات الأجنبية والمقار الحكومية، وأدلت قيادات أخرى خارج بغداد في دوائرها الانتخابية، بينها رجل الدين مقتدى الصدر، الذي يتوقّع أن يتصدر تياره النتائج.

وأكد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي أن عملية التصويت، التي تجرى لأول مرة منذ 2003، دون فرض حظر تجوال، وتشكّل اختباراً للنظام الديموقراطي، تسير بانسيابية، وقدّم الشكر لكل من شارك، ودعا «غير المصوتين إلى سرعة التوجه نحو المراكز الانتخابية لاختيار ممثليهم من أجل العراق، ومستقبل أجياله».

إنجاز أمني

وفور فتح باب التصويت، أدلى الكاظمي بصوته في بغداد، ووجّه رسالة للعراقيين بأن الوقت مازال أمامهم للخروج وتغيير الواقع من أجل مستقبلهم، مؤكداً أن حكومته حققت «إنجازاً أمنياً كبيراً»، ستعلن عنه، وفضّلت التكتم عليه اليوم، حتى تترك الفرصة للانتخابات كي تكون هي الحدث الأبرز.

وأكد الكاظمي أن حكومته نجحت بالملف الأمني وملف السياسة الخارجية وقدّمت ورقة إصلاح بيضاء تحتاج من 3 إلى 5 سنوات لتنفيذها، مشددا على أنها قادت البلاد في وقت صعب، خلال وباء كورونا «والدولة شبه مفلسة»، على حد قوله.

ولاحقا، وفي تغريدة عبر حسابه بـ «تويتر» قال الكاظمي: «تجاوزنا منتصف اليوم الانتخابي، وجرت العملية الانتخابية بانسيابية».

وقدّم الشكر لكل من شارك، داعياً الناخبين «من غير المصوتين حتى الآن إلى سرعة التوجه نحو المراكز الانتخابية لاختيار ممثليهم». وقال: «صوّتوا من أجل العراق، ومن أجل مستقبل أجيالنا».

وقال الكاظمي، إن العراقيين سيسمعون اليوم (الاثنين) خبراً أمنياً مهماً، مؤكداً أن الحكومة حققت إنجازاً أمنياً مهماً لكنها فضلت عدم إعلانه أمس، بالتزامن مع يوم الاقتراع.

مطلب شعبي

بينما قال مسؤولون عراقيون ودبلوماسيون أجانب ومحللون إن من غير المتوقع أن تغيّر النتيجة موازين القوى القائمة، اعتبر الرئيس برهم صالح، عقب الإدلاء بصوته، أن «الانتخابات تاريخية ومطلب شعبي للانطلاق نحو حياة كريمة»، مشدداً على أن «العراق يستحق الأفضل».

وفي تقرير أوّلي لسير الانتخابات، التي دُعي إليها 25 مليون عراقي لاختيار 329 نائباً من بين 3240 مرشحاً، أكدت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي فيولا كرامون أن العملية الانتخابية تسير بهدوء وسلاسة، ومن دون تخوفات كبيرة، متمنية ألا يؤثر التشديد الأمني بسبب المخاطر المحتملة على الناخبين.

بدوره، قال رئيس مفوضية الانتخابات، القاضي عدنان خلف، إن العملية تسير بشكل جيد بمشاركة المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولم تُسجل أي خروقات، آملاً أن يصل الناخبون إلى مراكز الاقتراع بكل حرية لاختيار برلمان جديد يلبي طموحهم للسنوات المقبلة.

حيادية الأمن

وأكد المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، يحيى رسول، الجاهزية للرد بقوة وحسم على أي تهديد لسير الانتخابات، مبينا أن الكاظمي زار مقر قيادة العمليات المشتركة، وأشرف على الأمن الانتخابي، واجتمع باللجنة الأمنية العليا ووجّه القوات المسلحة بتوفير الحماية الكاملة لمراكز الاقتراع بكل حيادية.

وفيما أشار مدير إعلام الشرطة الاتحادية، اللواء أنور عباس، أن العملية تسير بوتيرة جيدة، ذكر قائد عمليات بغداد، أحمد سليم، أنه لا يوجد حظر للتجوال ولا قطع للطرقات.

وفي حين أكدت قيادة عمليات البصرة أن خطة تأمين المراكز تسير بانسيابية وجميع القطاعات الأمنية في نفير عام، وأنه لا يوجد أي حظر للتجوال، أكد جهاز الأمن الوطني «انسيابية سير الخطة بشكل جيد جداً، ولم تحدث أي خروقات كبيرة»، لافتاً إلى توقيف نحو 77 مخالفاً للضوابط الانتخابية وإحالتهم إلى القضاء.

مشاكل تقنية

وفي حين شهدت اللجان مشكلات تقنية وفنية بالأجهزة المسؤولة عن قراءة وتسجيل اختيارات الناخبين وأخرى في البصمات، مما أدى إلى تأخير الاقتراع في بعض منها، أفادت خلية الإعلام الأمني بأن أحد جنود حماية مركز انتخابي في حمرين بمحافظة ديالى، أطلق النار من بندقيته لتفريق تجمّع فوضوي، مما أدى إلى مقتل زميل له وإصابة آخر بالخطأ.

ورغم بقاء المجموعات المرشحة ذاتها والنخب المعتادة، فقد شهدت معاقل الحراك الشعبي، خصوصاً الناصرية، إقبالاً على الاقتراع، وأبدى قادة تظاهرات 2019 حرصا على المشاركة في الانتخابات الخامسة منذ عام 2003، آملاً أن تأتي بالتغيير وعدم استئثار نفس الوجوه بالبرلمان.

مشاركة وهيمنة

ويتوقع مراقبون أن تكون نسبة المشاركة ضئيلة، على الرغم من أن حكومة الكاظمي تقدّمها على أنها «فرصة تاريخية» من أجل «إصلاح شامل». ويُتوقع أن تحافظ التكتلات التقليدية على هيمنتها في البرلمان الجديد، الذي يتوقّع أن يكون مقسماً بما يرغم الأحزاب على التحالف، كما يرى خبراء.

وكتبت بعثة الأمم المتحدة، في تغريدة، «في يوم الانتخابات، ينبغي أن يتمتع العراقيون بالثقة للتصويت كما يشاؤون، في بيئة خالية من الضغط والترهيب والتهديد».

ويعد التيار الصدري الأوفر حظاً، فهو يملك أصلاً الكتلة الأكبر في البرلمان السابق. ويطمح الصدر لتحقيق نتائج تتيح التفرّد باختيار رئيس للحكومة. لكن عليه التعامل مع خصومه الأبرز، الفصائل الموالية لإيران الساعية إلى زيادة تمثيلها في البرلمان الذي دخلته للمرة الأولى عام 2018، مدفوعةً بانتصاراتها ضد تنظيم داعش.

ودخلت «حركة حقوق» الجديدة، المرتبطة بكتائب حزب الله المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية وإحدى فصائل الحشد الشعبي الأكثر نفوذاً، الانتخابات أيضاً.

في الأثناء، ينافس تحالف «تقدّم» برئاسة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بقوة في المناطق السنيّة.

back to top