وجهة نظر : إقالة مسؤولي «القوى العاملة» مستحقة

هذه مجرد أمثلة على حجم الخلل الواضح في تفكير مسؤولي الهيئة وعدم إلمامهم بأبجديات الآثار الاقتصادية والاجتماعية لمثل قرارهم الأخرق هذا. والمصيبة أن مجلس الوزراء لا يزال يوكل لنفس الهيئة مهام أخرى لتعديل سوق العمل، آخرها تكليفها بتوفير 100 ألف وظيفة للمواطنين في القطاع الخاص خلال السنوات الأربع القادمة! فهل من أصدر مثل قرار الـستين الفاشل قادر على القيام بمثل هذه المهمة الجسيمة؟! لكن الخلل الآخر الذي بينه هذا القرار هو تضارب القرار نفسه في الحكومة. فحسب معلوماتي أن وزير التجارة لم يكن راضياً عن هذا القرار، وحتى الحكومة لم تكن راضية عنه. إذاً من يحكم الدولة؟ هل مجلس الوزراء مهيمن على الهيئة أم أن الهيئة هي المهيمنة على مجلس الوزراء؟! ثم لماذا يجبر وزير التجارة - أو أي وزير- على التعامل مع مسؤولين هو غير مقتنع بهم، خصوصاً إن كانوا قد أتوا بالواسطة في السنوات السابقة؟ ولماذا يضطر الوزير لسحب صلاحية مدير هيئة القوى العاملة بدلاً من إعطائه صلاحية إقالته وتعيين من هو أكفأ منه؟ وكيف نريد أن نحاسب أي وزير إن لم يكن باستطاعته التخلص من بعض المسؤولين الفاشلين في وزارته؟! إن هذا الخلل الكبير يتطلب تعديلاً تشريعياً تنتهي بموجبه مراسيم تعيين جميع الوكلاء ومجالس إدارات الهيئات ومديريها في حال تغير الوزير المشرف على كل هذه المناصب، حتى يستطيع الوزير الجديد اتخاذ قرار التجديد لهم أو تعيين غيرهم ممن يثق بهم حسب قناعته. وهذا هو حال جميع الحكومات في الدول المتقدمة، فما إن تأتي حكومة جديدة حتى تتم تغييرات واسعة في المناصب الرئيسية في الوزرات المؤسسات الخاضعة لها. هذا طبعاً ليس بحل سحري في بلدنا، فكثير من الوزراء على مر السنوات الماضية كانوا سيئين، لكن هذا التعديل يعطي فرصة على الأقل للوزراء المصلحين -مع قلة عددهم- لإنجاز شيء ما على الأقل. أما إن كنا نريد إصلاحاً جذرياً، وحكومة كفؤة، يجب إعادة بناء مؤسسات الدولة من الصفر والتخلص من عشرات آلاف البطالة المقنعة فيها حتى يتم ترشيق الحكومة مع محاسبة فعلية على الأداء، وللحديث بقية.