اسمها الكويت «مو هذي»!

نشر في 26-09-2021
آخر تحديث 26-09-2021 | 00:08
صحيح أن التاريخ السياسي والاجتماعي والتعليمي للكويت مليء بالمشاكل والعراقيل، لكننا لم نصل إلى هذا المستوى من الانحدار في الخطاب والحوار والاستفزاز... إنها أزمة أخلاق حقيقية.
 حـنان بدر الرومي لعلنا اليوم ندرك أننا وصلنا إلى مستوى مؤلم من التشكيك في الطرف الآخر، وانحدار غير مسبوق في أسلوب الحوار، وقد يعارضني البعض، لكن ما علينا إلا أن نستمع إلى الحوار المفترض أنه نقاش سياسي اجتماعي إصلاحي تحت قبة البرلمان، أو أن ننتقل إلى الطرف الآخر ونستمع إلى المساجلات التي قد تصل للردح من بعض البشر أحياناً في أروقة المراكز الحكومية والمستشفيات، وحتى في الشارع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تصلنا جميعا "مسجات" وفيديوات تتنوع بين الخبر المحلي أو النقد للحكومة أو استهجان لقرار ما أو عرض لموضوع ما، ولكن المثير هو كم الإشاعات والتحريض وأحياناً السخرية المستفزة وكأن دولة الكويت وحكومتها وشعبها غمسوا في بركة الخطأ الذي لا يغتفر، فهذا يصور أماكن يكثر فيها الفساد ويقول أثناء التسجيل وباللهجة الكويتية العامة: شوفوا هذي ديرتكم؟ وكأن اسم الكويت أصبح مخجلاً، فلم يذكره الأخ الناقد، وأخرى لا يعجبها شيء في الديرة فتتمنى أن يحكمنا حكام دولة أخرى، وآخرون يأخذهم هوس النقد وتصيّد الأخطاء لتصوير ونشر كل ما يرونه، وقد يكون مادة خصبة للتشجيع على ترك البلاد والهجرة، وهي أزمة الشباب في هذا الوقت.

نعترف بأن شبكات التواصل الاجتماعي في زمننا المعاصر تمثل تحولاً متسارعاً في سرعة نشر المعلومات والأخبار وتداولها وتبادل الآراء والأفكار والتعبير عن القناعات، وتخطت الأخبار والفيديوات حدود الزمان والمكان، وعبرت البحار والمحيطات وتداخل معها الخبر الصحيح مع الإشاعة أو الفبركة الإعلامية المقصودة، وأصبح الفضاء أرحب للتعبير عن القناعات أو نشر الأخبار الزائفة حتى ضاعت الحقيقة للأسف، وهكذا أسهمت الأدوات الإعلامية في توتر الأجواء وتجميع الخصوم وتشويه الحقائق وتمزيق المجتمع.

المتابع لما ينشر في الكويت يجد أننا وصلنا إلى مرحلة التضليل الإعلامي المقصود وبتوسع يثير الشك، خصوصاً أن تأثيراته السلبية هزت ثقة الشعب بالحكومة، وقدمت صورة مشوهة ودعاية سوداء للكويت وقيادتها وشعبها، فالطرف الآخر أياً كان (بلدا- شعبا– مناسبة وطنية– مواقف حكومية– إنجازا شعبيا أو حكوميا– قرارات...) يصنف ضمن النجاح المبهر والمتلألئ الأنوار، في حين في الكويت هو ضمن خانة الفشل الذريع ويمتلئ بالعيوب مع التفنن في وضع الأكاذيب، مما أحدث خدوشا مؤلمة داخل نفوس الكويتيين، وأصبحنا نتعلق ببارقة أمل وسط ضبابية الأخبار وانحدار أسلوب الخطاب والعرض والاستعراض السياسي، وتغليب القضايا الشخصية على المصالح العامة مع ندرة التوضيح الحكومي للأحداث.

لا نقول إننا نعيش في المدينة الفاضلة، ولا ننكر الحق في النقد، ولكن الكويت دولة ككل الدول فيها الحسن والسيئ، صحيح أن التاريخ السياسي والاجتماعي والتعليمي للكويت مليء بالمشاكل والعراقيل، لكننا لم نصل إلى هذا المستوى من الانحدار في الخطاب والحوار والاستفزاز... إنها أزمة أخلاق حقيقية.

حـنان بدر الرومي

back to top