الإدارة العامة تكرر الخطايا نفسها بنفخ نفقاتها العامة

يبدو أنها لا تعي خطورة الوضع حتى حين إعداد مشروع الموازنة 2021/2022

نشر في 26-09-2021
آخر تحديث 26-09-2021 | 00:05
No Image Caption
قال "الشال" إن التاريخ في الكويت قاطع في أن الإدارة العامة تكرر ارتكاب الخطايا نفسها بنفخ نفقاتها العامة غير المرنة لتواكب أعلى مستويات الأسعار، ثم تعجز عن خفضها بالمثل في دورات هبوط تلك الأسعار.
ذكر تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي أنه يفترض ألا نكتب فيما يعتبر أنه من البديهيات، البعض تنبه لها مبكراً مثل النرويج، والبعض الأخر متأخراً مثل كل دول إقليم الخليج الأخرى، وحدها الكويت التي أصبحت الأكثر إدماناً في الاعتماد على النفط، وليس لديها حتى اللحظة رؤية إعادة تأهيل ملتزم بها لخفض تدريجي مبرمج لمستوى إدمانها.

النفط في علم المالية، هو أصل، وبيعه لا يعتبر إيراداً إنما استبدال أصل يتناقص وتتآكل أهميته بسبب التطور التكنولوجي وأضراره للبيئة، بأصل نقدي، لا يحتسب إيراداً سوى ذلك الجزء ضمنه الذي يولد دخلاً بديلاً.

والتاريخ قاطع في تأكيد التذبذب الحاد في أسعاره الاسمية، أي غير الخاضعة للتعديل بخصم آثار التضخم أو تذبذب أسعار الصرف، والتاريخ يؤكد أن الدولة المنتجة للنفط مهما كان حجم انتاجها، لا تستطيع التأثير جوهرياً في حركة تلك الأسعار، فالأسعار محكومة بعوامل خارجية.

والتاريخ في الكويت قاطع في أن الإدارة العامة تكرر ارتكاب نفس الخطايا بنفخ نفقاتها العامة غير المرنة لتواكب أعلى مستويات الأسعار، ثم تعجز عن خفضها بالمثل في دورات هبوط تلك الأسعار.

وما تحتاجه الكويت حالياً، هو إصلاح خطايا صنعتها إداراتها المتعاقبة، حتى حين إعداد مشروع الموازنة العامة 2021/2022، لا يبدو أنها تعي خطورة الوضع، لذلك عانت من أكبر عجوزات مالية في تاريخها، ولذلك تبدو عاجزة عن مواجهة شح السيولة، ولذلك تفقد تصنيفاتها السيادية باستمرار، التي يدفع قطاعاها العام والخاص تكاليف غير مستحقة لذلك الاخفاق.

ويمكن التغاضي عن خطايا التاريخ، ليس لأنها لم تكن خطايا جسيمة، إنما التبعات في المستقبل سوف تكون أكثر قسوة إن شغلتنا عن التركيز على رؤى وسياسات استباقية من أجل عبور آمن للمستقبل.

ولو أعدنا النظر في المسار التاريخي لحركة أسعار النفط، سوف نلحظ أنه بعد كل هبوط للأسعار، ودخولنا مأزق العجز المالي، تتبعه دورة رواج لتلك الأسعار تغطي خطايانا تلقائياً.

ذلك المسار لن يتحقق في المستقبل، والضغوط على كل من الأسعار وحجم الإنتاج سوف تستمر متصلة في العقود الثلاثة القادمة أو نحوها.

من جانب أخر، سوف تزداد الاحتياجات بما يتطلب ارتفاع حتمي للنفقات العامة، وسوف يتناقص صافي إيراد بيع أصل النفط، سواء بزيادة تكاليف انتاجه، أو بزيادة الاستهلاك الداخلي منه.

لذلك، يحتاج الأمر إلى إصلاح جراحي يخفض تدريجياً من الاعتماد على ما يسمى تجاوزاً بإيراد وهو غير مستدام، والعمل الجاد على زيادة الإيراد المستدام المرتبط بنشاط اقتصادي منافس، وإدارة عامة تشتري المنصب بتعميق إدمان النفط، لن تكون راغبة أو قادرة على إنقاذ بلد، وبقدر صعوبة الأوضاع، بقدر سهولتها لو أن الجراحة طالت الإدارة العامة.

back to top