لمن تقرع الأجراس؟

نشر في 24-09-2021
آخر تحديث 24-09-2021 | 00:03
 ناجي الملا ثمة هجمة غير بريئة يشنها البعض عبر السوشيال ميديا على الجالية المصرية في الكويت، وتنبع عدم براءة هذه الهجمة من عدم توجهها إلى الجاليات الأخرى مع أنها تضم القسم الأكبر من العمالة السائبة والهامشية وتقف وراء كل أشكال الجرائم والمخاطر الأمنية.

بدايةً لست منحازا للوجود العشوائي للعمالة المصرية ولا لغيرها، فلاشك أن هناك شبكة من عصابات داخلية وخارجية تعمل في الاتجار بالبشر أو تجارة الإقامات، وهناك أوضاع تخلق بيئة تستقطب هذه الجاليات، مثل مجانية العلاج وعدم وجود الضرائب من أي نوع، ورخص الخدمات، وانخفاض الرسوم، وعدم صرامة تطبيق المخالفات والعقوبات الصارمة على تجار الإقامات هذه كلها تسهم في جعل الكويت محضنا للعمالة السائبة، والعمالة الهامشية،

والعامل الأهم مما سبق يتمثل بانسحاب العمالة الوطنية من القطاع الخاص، وتركزهم في الوظائف الحكومية بنسبة 85% في ظل إصرار حكومي على عدم الخصخصة، وفي إطار إهمال توظيف وتأهيل للعمالة الوطنية لكي تنخرط بسهولة في وظائف القطاع الخاص، فيتحقق الإحلال الناجح للعمالة الوطنية مكان العمالة الأجنبية بعد خصخصة القطاع الإنتاجي الحكومي بشكل شامل بدل إعادة فكه وتركيبه كما أُعلن مؤخراً، وتغيير فلسفة ومناهج التعليم ورسم السياسات المؤدية للإحلال بشكل جاد ومُمَنهج انظر مقالي بتاريخ 2020/5/22 في (الجريدة) تحت عنوان خطة آنية مستحقة، ومقالي بتاريخ 2020/10/9 في (الجريدة) بعنوان نحو جعجعة تحتها طِحْن.

لنفترض بأنه تم إحلال العمالة الوطنية المؤهلة محل العمالة الأجنبية بنسبة 70% في القطاع الخاص، و100٪ في القطاع العام، وتم اعتماد نظام الضرائب التصاعدية، وتمت إعادة تقييم الخدمات والرسوم وفق أسعار دول مجلس التعاون، وتم منع دخول البضائع المضروبة والمنتجات الغذائية الرديئة فاقدة الشروط الصحية وأصبح العلاج في القطاع الخاص بعد تغطية المواطنين بتأمين صحي مثل تأمين عافية للمتقاعدين الحالي، وتغطية كل أو جزء من رسوم الدراسة للمواطنين في المدارس الخاصة القائمة على كادر وطني مؤهل تأهيلاً غير عادي وفق نظام تعليمي يضاهي النظام الفنلندي للتعليم،

بعدها لن تبقى إلا العمالة الأجنبية الفعالة وذات الخبرة والتي تحقق قيمة مضافة للمجتمع، ويدفع وجودها المياه إلى طواحين التنمية والتطوير مثلما فعلت أوائل عهد النهضة العمرانية والعلمية والثقافية مع ظهور النفط وبالذات في الخمسينيات، والستينيات، والسبعينيات حيث أسهمت العمالة الخبيرة والمؤهلة المصرية والفلسطينية في بناء النهضة بكل أبعادها المادية والعلمية، وشمخت على يدها وبخبرتها مؤسساتنا التعليمية والقانونية والسياسية والفنية العتيدة وكل المرافق الخدمية. إذاً لا نلقي اللوم على الجاليات ونحن من يصطادها عبر شبكة تجارة الإقامات وممن يريد لعماراته السكنية ومحلاته ودكاكينه أن تغص بهذه العمالة، لهذا لا نستغرب بأن هناك مجاميع من الجاليات قد تحولت إلى شرانق خبيثة داخل كياننا خلقت أسواقها الشعبية التي تبيع أرخص وأردأ البضائع، ولها مطاعمها ومخابزها المتمردة على التعليمات والشروط الصحية ومحلات تصليح كل شيء حتى قلع الأسنان، ولها شقق تؤجر فيها ليس الغرف بل الأسرة لمدة زمنية تحسب بالساعات وغيرها من الغرائب والعجائب والممنوعات، كما اقترفت واستباحت هذه الجاليات سرقة أغطية المناهيل وكابلات الكهرباء حتى وصلت إلى تدمير البيئة بقطع الأشجار وبيع جذوعها كحطب ودمرت الثروة السمكية.

الكارثة أن هذه الأنشطة المتضخمة تشتبك مع فئات وطنية طفيلية مجرمة متمصلحة تقاوم أي قرار وتوجُّه للإصلاح والقضاء على البيئة الحاضنة للآفات الاجتماعية، نحن من صنعنا الرحم الخبيث الذي قذف بهذه العمالة المسخة.

فلمن تُقرَع الأجراس؟

قال عز من قائل: "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". (آل عمران: 165).

ناجي الملا

back to top