الكاظمي يعزّز فرص التجديد لولاية ثانية

نشر في 14-09-2021
آخر تحديث 14-09-2021 | 00:09
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي
ليس سهلاً على رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن يتجاوز مشاعر الثأر لدى الفصائل الموالية لإيران ويجدد ولاية أخرى، رغم أن الوقائع في الشارع العريض المناوئ لتوغل نفوذ طهران تدعم سياساته في بناء الشراكات وصياغة تسويات تطمئن أطرافاً مهمة في الداخل والخارج.

واعتبر مراقبون أن زيارة الكاظمي إلى طهران، بدعوة من الرئيس الإيراني الجديد، خطوة للحصول على دعم شخصي، لأن «التجديد» يحتاج من دون شك إلى موافقة إيران، لكن شروط طهران ليست سهلة، كما يتضح من ظروف الزيارة وطرق التعبير عنها، فالهدنة المعلنة بين الميليشيات وبغداد خُرقت قبل ساعات من سفر الكاظمي إلى طهران، حين ضربت طائرات مسيّرة مطار أربيل.

وفي بغداد، اهتم المراقبون بصحيفة «كيهان» المقربة من المرشد علي خامنئي، التي اختارت صفحتها الأولى لتغطية لقاء الكاظمي بالرئيس الإيراني، ووضعت إلى جانبه أخباراً «مناكدة»، من طراز أن قصف مطار أربيل استهدف مقراً لـ«الموساد الإسرائيلي»، وأن قادة «الحرس الثوري» أبلغوا الكاظمي بضرورة تقييد حركة المعارضين الإيرانيين المقيمين في إقليم كردستان، بعد أن قصف الحرس مقرات لهم على الحدود نهاية الأسبوع.

وتبدو هذه الأحداث رداً على مفاوضات شاقة يقودها الكاظمي منذ عهد الرئيس السابق حسن روحاني، مفادها أن العراق يقدم خدمات لإيران تخفف العقوبات المفروضة عليها، لكنه في المقابل يريد ثمناً بحفظ سيادته وقطع الدعم عن الفصائل العراقية الموالية لـ «الحرس الثوري».

ويبدو أن الرسائل الإيرانية لحكومة الكاظمي لا تحمل بوادر تهدئة، خصوصاً مع الانسحاب الأميركي الوشيك من العراق نهاية العام الحالي، وطموح الفصائل إلى إمكانية تعظيم نفوذها، حين يخلو الجو من التهديد الأميركي. لكن ذلك يمثل من زاوية أخرى ورقة رابحة للكاظمي، الذي يحرص على إتقان دور الممثل للتيار العراقي المنتقد لسياسات الحرب الإيرانية والداعي للحوار بدل النزاع، حيث تنهمك بغداد في سياسة انفتاح على المحيط الإقليمي لإعادة صياغة توازنات العلاقة على مسرح الاقتصاد والأمن في الشرق الأوسط، وتحصل يوماً بعد آخر على تفويض ودعم من مراكز القوة في الخليج والمنطقة العربية.

وينعكس ذلك على الاقتراع العام المقرر في العاشر من الشهر المقبل، إذ إن قضيته الكبرى رُسمت كتنافس بين حلفاء طهران و«التيار السيادي»، مثل مقتدى الصدر وعمار الحكيم مع حلفائهما في القوى الكردية والعربية السنية والتيار العلماني، بحسب ما صار متداولاً في الصالونات السياسية.

وتذكر مصادر رفيعة في بغداد أن فصائل إيران ستبذل كل ما في وسعها لاستبعاد الكاظمي وفريقه، لأنه أداة تبدو ناعمة ومفاوضة، لكنها تقوم بتفتيت الرصيد الأخلاقي والجهادي لقوى الحشد الشعبي وحلفاء طهران، وتستقوي برغبة شعبية في الانفتاح على الشراكات الإقليمية في الاقتصاد والأمن. ويبرز هنا دور التيار الصدري، الذي يبني تفاهمات مع القوى الكردية، وكلاهما في مواجهة مع طهران، وجزء مهم من القوى السنية، لدعم بقاء الكاظمي بوصفه عراباً للتهدئة والتسويات غامَر كذلك بالتقرب الشديد من قوى الاحتجاج الشعبي.

لكن الأمر لا يخرج عن تسويات ستكون مؤلمة في واقع المصالح الحزبية، التي لن تصاغ بشكل نهائي قبل ظهور نتائج انتخابات الشهر المقبل، والمرشحة لإثارة نزاع قد يأكل شهوراً طويلة حول مزاعم التلاعب والتزوير، خصوصاً مع دخول مجلس الأمن لأول مرة كمراقب للاقتراع.

محمد البصري

back to top