معجزات الخبز المحمص

نشر في 10-09-2021
آخر تحديث 10-09-2021 | 00:00
 جاسم كلمد بينما كانت الأميركية دايان ديسر تتناول إفطارها المكون من قطعة خبز محمص مُحلّى بجبنة شهية، أصيبت بالدهشة مما رأته، حيث رأت وجه امرأة مرسوما على الجبنة يحدق بها يمثل ملامح السيدة العذراء، وبعدما انهالت عليها الصحف لإجراء لقاء حول معجزة الخبز المحمص، أخبرتهم أكثر من مرة: "إنني مؤمنة تمام الإيمان أنها السيدة العذراء".

ربما قد يوافق الكثير على ما رأته دايان، وشخصياً دُهشت من هذه الأعجوبة يوم رأيتها، لكن ما يدفع دايان وغيرها، إلى تبيّن ملامح وجه في أكثر الأماكن غير المتوقعة، يعود إلى ظاهرة يطلق عليها أهل العلم pareidolia (باردوليا).

تنشأ هذه الظاهرة حين تقع عين الإنسان على أشكالٍ وخطوطٍ غير منتظمة، أو هيئة فوضوية غير واضحة المعالم، فيحاول العقل جاهداً تحديد طبيعة وماهية تلك الصورة، وفي حال لم يستطع التعرف عليها، يبدأ باستدعاء صور من مخزون خبرات الإنسان البصرية تماثل أو تشابه ما لا يستطيع تفسيره أو تسميته، ولهذا نحن نرى وجه رجل على القمر (أو أرنباً إن كنا في جنوب الكرة الأرضية)، ونميّز ملامح بشرية على لحاء الشجر، بل أحيانا نظن فتاة (أو فتى) أحلامنا تطالعنا من قعر فناجين القهوة.

أجرى الدكتور الكندي كانغ لي اختباراً بسيطاً حول هذه الظاهرة، فاستعان بمجموعة من الناس وعرض عليهم ضوضاء رمادية من مثل تلك التي نراها في التلفاز، ثم سألهم ما إذا كانوا قد رأوا شيئاً، فوجد أن 34% من المجموعة رأوا ملامح وجه وسط تلك الضوضاء البصرية!

فظاهرة الباردوليا تقع للجميع، وربما تقع لبعضنا أكثر من الآخر، لكنها خدعة طبيعية، إن جاز لي القول، ينسبها العلماء ومعها خدع عقلية أخرى إلى غريزة البقاء، وسبب ذلك أن عقولنا مبرمجة منذ فجر التاريخ لمساعدة الإنسان على تفسير وتحليل كل ما يدور حوله، وتفادي كل ما قد يعرضه للخطر، وبالدرجة الأولى للتعرف على كل ما يتعلق بالبشر، خصوصا ملامح وتعابير الوجه.

وعلى خلاف الكثير ممن التقط صورة لملاكٍ يطفو فوق غيمة، أو صوّر فيديو لثمرة تتلفظ لفظ الجلالة بكل ورع، وأخذ يعرضها غدوة وعشية بمواقع التواصل الاجتماعي حد السأم، فإن دايان باعت قطعة الخبز العجائبية بمبلغ 28000 دولار إلى أحد الكازينوهات، لتتطلع إليها عيون الزوار بكل نهم.

● جاسم كلمد

back to top