وجهة نظر: أنواع الرقص المخالفة للتقاليد

نشر في 03-09-2021
آخر تحديث 03-09-2021 | 00:08
 صالح غزال العنزي نجحت ثورة نيابية مباركة قبل أيام في إلغاء دورة للرقص الشرقي في منطقة الجهراء، ورغم أن الدورة لم يكن فيها اختلاط ولم تكن في مكان مفتوح أو يتم بثها بأية وسيلة، إلا أن بعض النواب ربما استندوا في رفضهم للدورة إلى نوع الرقص الذي سيتم تدريب المشاركات عليه وهو الرقص الشرقي البعيد عن تقاليد مجتمعنا، إذ لو كان خماري أو سامري أو أي رقص محلي آخر فربما لن يكون هناك سبب للضغط على وزارة التجارة من أجل إلغاء ترخيص الدورة.

ولو انتهى الموضوع عند هذا الحد فسيكون مجرد زوبعة في فنجان، أما إذا ما حاولت وزيرة القوى العاملة مثلاً أن تتدخل لإقامة الدورة، باعتبار أن هذا النوع من الرقص يمثل تراث وتقاليد بعض المجتمعات العربية، وبلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان، فإن المسألة ستكون مختلفة وما هو مخالف للتقاليد قد يتم السماح به من باب توسيع قاعدة المشتركات.

وأذكر قبل سنوات عديدة أن الرقابة في مصر طالبت القائمين على مسرحية "حزمني يا بابا" التي كانت من بطولة الراقصة فيفي عبده بتغيير عنوان المسرحية، باعتبار أن تحزيم البابا لابنته يخالف التقاليد، ولو كان المحزّم شخصاً آخر غير البابا لما كان في الأمر (مشكل)، فما كان من القائمين على المسرحية إلا أن حذفوا كلمة "بابا" وأبقوا العنوان (حزمني يا...)، لتعرض المسرحية بالرقص الذي أدته فيفي عبده دون أن يحزمها أبوها، حيث أصبح العنوان موافقاً للتقاليد.

ولو وضعت المشرفات على الدورة عنواناً مختلفاً لدورتهن مثل دورة الإيقاع الحركي أو دورة الرياضة الإيقاعية لربما كان الأمر أسهل، لكن مفهوم الرقص الشرقي ذو أثر سلبي في ثقافة المجتمع ومفاهيمه، ومن هنا لا ألوم بعض النواب إن احتجوا على إقامة مثل هذه الدورة ولا ألوم الجهات المختصة إن استجابت لهذا الاحتجاج وألغت الترخيص، لكن الموضوع برمته لن ينفع مواطناً إن ألغي ولن يضر مواطناً إن لم يلغ، والنواب المحتجون لم يحرزوا نصراً بهذا الإلغاء، وإنما كان الموضوع أشبه بمخدر أو مسكّن لبعض العاطفيين الذين يتأثرون بالضجيج ويستبشرون بالجعجعة.

ولو أن احتجاج النواب مثلاً على أسباب حالات الانتحار المتكررة بين (البدون)، أو على تذمر المواطن العاجز عن سداد مديونايته، أو على الفساد المالي الذي تحول الى قضايا كبرى منظورة أمام القضاء لكان الأمر مقدراً لديّ ولدى الكثير من الناس، فانتحار البدون مخالف لتقاليدنا وأسبابه مخالفة لقواعد الحق ومعاني العدالة، وضيق ذات العيش للمواطن لا يتناسب مع الرفاهية المفترضة في مضارب بني نفط، واستغلال المناصب والفرص لجمع أموال السحت لا يستقيم مع الطبائع السوية للإنسان.

من الواضح أن بعض النواب يعاني أزمة أولويات، بحيث أصبح المهم عنده ليس مهماً وليس المهم عنده مهماً، ومثلما كان يوم الخامس من ديسمبر الماضي استفتاءً شعبياً على أداء مجلس 2016، والذي برهن فيه الناخبون عن رفضهم للأداء فأحدثوا التغيير الكبير في مكونات المجلس الحالي، فإن أي انتخابات قادمة ستكون استفتاءً لأداء المجلس الحالي، ولن ينجو نائب من التغيير القادم، إذ لن يكون النواب الموالون أو المعارضون بمأمن من التغيير المتوقع مع أداء معظم نواب المجلس الحالي المخيب للآمال.

● صالح غزال العنزي

back to top