هل ينجح إسماعيل صبري بالدعوة لهدنة سياسية؟

نشر في 31-08-2021
آخر تحديث 31-08-2021 | 00:00
 ذي دبلومات لا ينذر تعيين نائب رئيس الحكومة السابقة، إسماعيل صبري يعقوب، كرئيس وزراء جديد في ماليزيا بتغيير كبير في ديناميات البلد السياسية، إذ من المتوقع أن تبقى الحكومة الجديدة هشة بقدر سابقاتها، لكن من حسن حظ إسماعيل، وجّه الملك سلطان عبدالله سلطان أحمد شاه تحذيراً إلى النواب حول ضرورة تحديد أولوياتهم، وتجديد تركيزهم على أزمة كورونا، وإعادة إحياء اقتصاد ماليزيا المنهار.

هذه التوجيهات لا تمنح إسماعيل بداية واعدة لإحراز التقدم فحسب، بل تعطيه أيضاً فرصة للنجاح في المجالات التي فشل فيها سلفه، مما يعني أنه قد يتمكن من عقد اتفاق بين الحزبَين المتناحرَين لكسب تأييد نواب المعارضة والتصدي للأطراف التي تفكر بسحب دعمها له من داخل الائتلاف الذي يرأسه.

يبدو المشرّعون المعارضون منفتحين على جميع الخيارات، لكن كيف سيرد ائتلاف إسماعيل على هذه الهدنة الشائكة؟ ينسب رئيس الوزراء السابق محيي الدين ياسين انهيار حكومته إلى رفضه «التنازل أمام الكليبتوقراطيين»، لكن مراقبة أي انقسام متزايد في صفوف حزب «المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة» ستكون عملية مثيرة للاهتمام.

حَكَم هذا الحزب السياسي العملاق ماليزيا طوال 61 سنة بعد استقلال البلد، لكنه يجد صعوبة اليوم في استرجاع هيمنته كقوة سياسية منذ هزيمته في انتخابات عام 2018.

قد يرغب إسماعيل، الذي عارض قرار الحزب عبر دعم محيي الدين، في ترسيخ سلطته عبر الدعوة إلى تقريب موعد الانتخابات الحزبية، وقد تصبّ هذه الخطوة في مصلحة إسماعيل إذا نجح في حشد دعم كافٍ من الطرفَين السياسيَين المتناحرَين، لكن الخدمات المتبادلة في المشهد السياسي الماليزي الشائب قد تشمل صفقات وراء الأبواب المغلقة واتفاقيات مبرمة مسبقاً قد تلطّخ صورة إسماعيل النظيفة نسبياً، ولضمان نجاح التعاون بين الأحزاب، يجب أن يثبت إسماعيل أن الآخرين يستطيعون أن يثقوا بأحكامه.

كذلك، يجب أن يواجه إسماعيل تصويتاً لنيل الثقة في البرلمان قريباً، ومع اقتراب موعد انعقاد البرلمان في 6 سبتمبر المقبل، يقول المراقبون السياسيون إن الوقت لا يزال مبكراً على الأرجح كي يغيّر أي طرف ولاءاته، وهذا الوضع قد يفيد إسماعيل مجدداً ويسمح له باتخاذ الخطوات الصائبة، أي تجنب أي تأخير واختبار قوة الأغلبية التي حصدها في أقرب وقت ممكن.

قد يترافق أي انسحاب مبكر من المنشقين، بعد أسبوعين تقريباً على وصول إسماعيل إلى منصبه الجديد، مع نتائج عكسية ويُعتبر هذا التحرك نهجاً مُضلِّلاً للملك الذي اجتمع شخصياً مع جميع النواب الذين أيدوا إسماعيل وعددهم 114 نائباً، وكل من يخطط للانشقاق عن معسكره قد يرتاح حين يعرف أن حكومة الائتلاف التي يرأسها إسماعيل ستواجه اختباراً صعباً على مستوى الميزانية الفدرالية بحلول نهاية شهر أكتوبر المقبل... باختصار، لا تزال حكومة إسماعيل مُعلّقة بخيط رفيع.

في نهاية المطاف، قد يدفع هذا المستوى المرتفع من انعدام الأمان بإسماعيل إلى اتخاذ المسار الذي سلكه محيي الدين قبله، فقد كان هذا الأخير منشغلاً بصموده لدرجة أن يصبح منفصلاً عن الوقائع الميدانية ويلجأ إلى مخططات خادعة للبقاء في السلطة.

تثبت ولاية محيي الدين القصيرة في منصب رئاسة الحكومة، وهي تجربة اعتبرها بنفسه «هامشية» في تاريخ البلاد، أن الوضع معقد لدرجة أن تضمن أي محاولة للسيطرة على كل شيء انهيار الحكومة في مرحلة مبكرة.

يقضي الخيار الوحيد في المرحلة المقبلة إذاً بتطبيق مبدأ الأخذ والرد، وهذا ما استنتجه آخر رئيسَي وزراء سبقا إسماعيل قبيل انتهاء عهدهما فجأةً، وها قد اتخذ إسماعيل الخطوة الإيجابية الأولى الآن، لكن الماليزيين العاديين أدركوا على مر السنة الماضية أن المثالية قد تكون خادعة أحياناً!

● أليفة زين الدين - دبلومات

back to top