محمد الهاشل: أزمة «كورونا» أثبتت رصانة الثقافة المؤسسية لـ «المركزي»

«أكسبت دوره أهمية استثنائية وتطلبت منه قيادة جهود تحفيز الاقتصاد الوطني»

نشر في 28-07-2021
آخر تحديث 28-07-2021 | 00:00
 د. محمد الهاشل محافظ  بنك الكويت المركزي
د. محمد الهاشل محافظ بنك الكويت المركزي
أكد الهاشل أن الطبيعة غير المعهودة لأزمة «كورونا» أكسبت بنك الكويت المركزي باعتباره مستشاراً مالياً للحكومة أهمية استثنائية، تطلبت منه قيادة جهود تحفيز الاقتصاد الوطني في مواجهة تداعيات الجائحة، والمساهمة في تطوير المنظومة التشريعية.
أصدر بنك الكويت المركزي تقريره السنوي التاسع والأربعين للسنة المالية 2020/2021 متضمناً تقرير مراقبي الحسابات بشأن القوائم المالية للبنك كما في 31 مارس الماضي، وأبرز تطورات أعمال «المركزي» ودوره على مدار السنة المالية.

وقال د. محمد الهاشل محافظ «المركزي» إن السنة المالية التي يغطيها التقرير كانت استثنائية نظراً إلى ما نجح البنك في مواجهته من تحديات جاءت بها جائحة كورونا، التي شكلت أزمة غير مسبوقة من حيث انتشارها على كامل رقعة الكوكب، ومن حيث امتدادها على فترة زمنية انطلقت في أواخر عام 2019 وما زالت قائمة حتى الآن، كذلك من حيث عمقها.

وأوضح د. الهاشل، أن حالات الإغلاق الكلي والجزئي التي طبقت في كثير من الدول ولفترات متفاوتة أدت إلى توقف جانبي العرض والطلب، مما جمّد النشاط الاقتصادي وأدى إلى فقدان هائل في الوظائف وأضرار كبيرة في القطاعات الاقتصادية المتنوعة، وعلى المستوى المحلي زاد من فداحة الأزمة ترافقها مع تدهور في أسعار النفط، جعل منها أزمة مزدوجة، تتطلب مواجهتها مزيداً من الإنفاق وسط تراجع الإيرادات.

وذكر أن هذه الأزمة حملت اختباراً حقيقياً لحصافة السياسات النقدية والرقابية، التي دأب البنك المركزي على تطبيقها على مدار العقد الماضي. وأبرزت متانته وتمكنه من المحافظة على استمرارية الأعمال لديه ولدى القطاع المصرفي في البلاد، لتقديم الخدمات المالية للجمهور رغم الظروف الضاغطة والاستثنائية وغير المسبوقة التي فرضتها الجائحة، إذ واصل البنك أعماله بسلاسة ودون انقطاع لأي من مهامه، واستمر في أداء أدواره الموكلة إليه وجميع عملياته دونما توقف، وبالسرعة والكفاءة المعهودتين.

وبيّن أنه على مدار السنة المالية الماضية استمر «المركزي» في جهوده لتعزيز الاستقرار النقدي والاستقرار المالي انطلاقاً من نهجه الاستباقي، وتدخله المبكر، وواصل استخدامه الفعال لمنظومة أدوات السياسة النقدية، والسياسة الرقابية وأدوات التحوط الكلي، وتوظيفها جميعها باحترافية عالية لتعزيز النمو الاقتصادي على أسس مستدامة، والمحافظة على جاذبية العملة الوطنية كوعاء مجزٍ وموثوق للمدخرات المحلية، وضمان مواصلة البنوك والجهات الخاضعة لرقابته تقديم خدماتها المالية للاقتصاد والمجتمع على نحو سلس وسريع وآمن.

وأكد أن الطبيعة غير المعهودة لهذه الأزمة أكسبت دور بنك الكويت المركزي باعتباره مستشاراً مالياً للحكومة أهمية استثنائية، تطلبت منه قيادة جهود تحفيز الاقتصاد الوطني في مواجهة تداعيات الجائحة، والمساهمة في تطوير المنظومة التشريعية، ووضع الضوابط الرقابية لتنفيذ القرارات المتصلة بالشأن المصرفي والمالي، وتقديم الدراسات والتصورات لمسار الأزمة وسبل معالجة أبعادها المختلفة.

وقال المحافظ، إن الأزمة أثبتت رصانة الثقافة المؤسسية لبنك الكويت المركزي، القائمة على تسهيل تدفق المعرفة وتبادل الخبرات، وتعزيز التميز ورفع الإنتاجية من خلال بيئة عمل تمكن العاملين في المؤسسة من تطوير أدائهم وتنمية معارفهم وزيادة تأهيلهم، والاعتماد على كفاءات وطنية استثمر طويلًا في تنميتها وتدريبها وتطويرها، وقد واصل «المركزي» خلال هذه السنة تعميق هذه الثقافة المؤسسية، وترسيخها عبر جهوده في مجال تنمية الكوادر البشرية وتطويرها.

وذكر أن البنك جمع إلى عنايته بالعنصر البشري اهتمامه بتطوير البنى التحتية لتقنية المعلومات والاقتصاد الرقمي، لتوفير بيئة ملائمة لتطور التقنيات المالية والاستفادة منها، وأردف ذلك بجهود متواصلة لتطوير المنظومة الرقابية لتلك الخدمات الإلكترونية، وإدارة حصيفة وقوية لمخاطر أمن المعلومات والأمن السيبراني.

كما واصل «المركزي» جهوده على مستوى المسؤولية الاجتماعية والاتصال مع الجمهور عبر تقديم التوعية التي من شأنها حماية عملاء البنوك والمحافظة على حقوقهم، ورفع الثقافة المالية عبر حملة التوعية المصرفية «لنكن على دراية» التي أطلقها البنك بالتعاون مع اتحاد مصارف الكويت، إلى جانب سعيه الاستراتيجي لتطوير الكفاءات الوطنية في المجال الاقتصادي والمصرفي والمالي، عبر مبادرة «كفاءة»، بالإضافة إلى جملة من أنشطة التواصل والمسؤولية المجتمعية.

وشدد على أنه ما زال من المبكر القول بانتهاء التداعيات الاقتصادية للأزمة رغم جميع الخطوات والتدابير التي اتخذت في مواجهتها، إذ لا تزال حالة انعدام اليقين تهيمن على الأفق المستقبلي للاقتصاد. لذا يصب بنك الكويت المركزي تركيزه المستقبلي على تعزيز متانة القطاع المصرفي تحسباً لما قد يتخذه مسار الأزمة من تطورات، ولما قد يضمره المستقبل من أزمات، فضلاً عن المخاطر التي تنطوي عليها عملية العودة عن سياسات مواجهة الأزمة، وأثر الرقمنة في تراجع دور الوساطة المالية للقطاع المصرفي، كما لا يمكن إغفال أثر بيئة الاقتراض منخفضة الفائدة على نموذج أعمال البنوك.

في ذات السياق، ركز المحافظ على ما يبذله بنك الكويت المركزي من جهود رقابية، مؤكداً سعي البنك المتواصل نحو تطوير ممارساته في هذا الشأن عبر الاستفادة من التقنيات الرقابية والإشرافية الحديثة (Regtech / Suptech) إذ يمكن لتلك التقنيات أن تؤدي دوراً فعالاً في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإدارة المخاطر التحوطية وغير ذلك من المنافع التي تعود إيجاباً على متانة القطاع المصرفي واستقراره. وتابع أنه وفي ضوء تنامي أهمية البيانات الكبرى (Big Data) يولي البنك عناية خاصة لحوكمة البيانات، مراعاةً لاستخدام القطاع المصرفي تلك البيانات لتطوير خدمات ومنتجات تلبي احتياجات العملاء، مع الحفاظ على خصوصية العملاء في ذات الوقت، كما أضحت مواصلة تعزيز الأمن السيبراني وأمن المعلومات من الأولويات، في ظل تزايد الدور المحوري للتقنية وتطور المخاطر السيبرانية وتقدم مستوياتها.

كما يولي بنك الكويت المركزي ضمن أهدافه وخططه المستقبلية أهمية خاصة لقضايا التمويل البيئي، عبر تطوير معايير الإفصاح البيئي ومقاييس الأثر البيئي، والمطالبات التي تترتب على البنوك في هذا الشأن، وتضمين ذلك في نماذج اختبارات الضغط.

وعلى صعيد رؤية «المركزي» للمستقبل أشار المحافظ إلى أن دور البنك المركزي في رعاية الابتكار ودعمه لتطوير الصناعة المالية على أسس مستدامة، وتطوير البنى التحتية المالية، بما يتيح مزيداً من ابتكار الخدمات المالية التي تلبي متطلبات العملاء على نحو آمن ومريح. ومع كل ما يحفل به المستقبل من تحديات وفرص يبقى الإنسان محور هذا التطور، ولذا أكد المحافظ مواصلة بنك الكويت المركزي تعزيز جهوده الرامية إلى تنمية كفاءاته الوطنية عدداً وتأهيلاً، وزيادة تدفق المعارف والخبرات ضمن بنك الكويت المركزي، لمواصلة مسيرة التميز والنجاح التي قادتها هذه المؤسسة على مدى عقود من خدمة اقتصاد البلاد.

back to top