حوار كيميائي: قرار مجلس الوزراء الأخير عقاب جماعي للأطفال وأسرهم

نشر في 18-07-2021
آخر تحديث 18-07-2021 | 00:20
 د. حمد محمد المطر يضع كثير من الدول المشكلات الناجمة عن إجراءات مواجهة "كورونا" نصب العينين، خصوصاً قرارات الإغلاق، وما إذا كانت هذه القرارات ستؤدي إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية أكبر مما ستحققه من فوائد، ولذلك تمهّل كثير من الدول فيها، وبعضها لم يتّخذ مثل هذه القرارات أساساً، بناءً على دراسات أثبتت ضررها وعدم جدواها، خصوصاً تلك المتعلّقة بالأطفال؛ لأنّها تترك آثاراً كارثية ودائمة أحياناً.

وفي هذا السياق، يمكن قراءة قرار مجلس الوزراء الأخير بإغلاق كل الأنشطة الخاصة بالأطفال، بما فيها النوادي الصيفية، اعتباراً من الأحد 25 الجاري وحتى إشعار آخر، على أنه قرار مُستغرب، خصوصاً أنه يتزامن مع العطلة الصيفية التي يستعد فيها الأطفال لممارسة العديد من النشاطات الرياضية والثقافية والعلمية، وهي في معظمها نشاطات لا يمكن ممارستها إلا في هذه النوادي، فأين يذهب الأطفال؟ خصوصاً أن بيئة الكويت الحارة لا تسمح بممارسة أي نشاط خارج المنزل وخارج أماكن مغلقة مخصصة لذلك.

كان من الأجدى تنظيم هذه النشاطات، واعتماد إجراءات كفيلة بتحقيق سلامة الأطفال من خلال التباعد الاجتماعي وغيرها من الإجراءات الوقائية، لا الذهاب إلى قرار "سجن" الأطفال في منازلهم، وحرمانهم من النشاطات الطبيعية التي ينتظرونها، وكأننا بذلك نعاقب الأطفال على فشلنا في إحراز تقدّم في مواجهة الوباء.

وفق ما ذكرته بعض الصحف المحلية، فإن أكثر من 35 ألف طفل سيتأثرون بقرار مجلس الوزراء الأخير، وهم الأطفال المسجلون في هذه النوادي فقط، فضلاً عن الخسائر الاقتصادية التي ستتكبدها هذه النوادي وأصحابها، وهي مؤسسات موسمية يعتمد استمرارها على موسم العطلة الصيفية، مما يعني دمارها.

فوفق ما ذكرته الصحف، تفوق خسائر هذه الأندية 15 مليون دينار، إضافة إلى فقدان كثير من المواطنين والمقيمين ممن يعملون فيها وظائفهم.

وبعيداً عن الخسائر الاقتصادية، تبدو الآثار الاجتماعية المترتبة على هذا القرار كارثية بالنظر إلى أضراره على الأطفال ونفسياتهم، وعلى أولياء الأمور والأسر جراء بقاء الأطفال في المنازل، وأقلّها المشكلات السلوكية والنفسية وتأثيرها على النمو الجسدي للأطفال، كما ينعكس على أولياء الأمور، خصوصاً الموظفين منهم، مما يجعلهم مشتتين بين أعمالهم وبين البقاء مع أطفالهم في المنازل، وبذلك تكون للقرار آثار ونتائج سيئة على المجتمع كله.

لا تتخذ الدول مثل هذه القرارات إلا بناءً على دراسات علمية معمّقة، تبين تأثيراتها المباشرة والأخرى بعيدة المدى، ولا يمكن بحال من الأحوال اتخاذها ارتجالياً، وهو ما حصل ويحصل مع الأسف، فكل القرارات الحكومية لم تنجح في احتواء الوباء والسيطرة عليه، وهذا ما يؤكده الواقع، في الوقت الذي كانت هذه القرارات ناجحة في إلحاق الضرر الكبير اجتماعياً واقتصادياً.

نتمنى أن يراجع مجلس الوزراء هذا القرار قبل فوات الأوان، وأن يعتمد أساليب غير أساليب المنع والعقاب الجماعي التي لا يفهم لغتها الوباء، وغالباً ما تكون آثارها وخيمة.

***

"Catalyst" مادة حفّازة:

قرارات ارتجالية + إصرار وتعنّت = مجلس الوزراء

د. حمد محمد المطر

back to top