إيران: هجومان «غامضان»... ومبادرة سياسية داخلية

في مؤشر على استمرار الضغوط الأمنية على إيران، في حين تشهد المفاوضات النووية في فيينا جمودا قاتلا رغم انطلاق العد العكسي لتولي الرئيس الأصولي إبراهيم رئيسي السلطة في طهران الشهر المقبل، تعرضت إيران لهجومين غامضين، تعاملت معهما السلطات ببيانات متضاربة وارتباك كبير.

هجوم القطارات

وأمس نفت مؤسسة السكك الحديد الإيرانية تعرض خدماتها لهجوم معلوماتي سيبراني، غداة تقارير عن اضطراب وفوضى غير مسبوقة في حركة القطارات، أدت إلى تأخير أو إلغاء مئات الرحلات في مناطق مختلفة من البلاد.

وقال المتحدث باسم مؤسسة السكك الحديد صادق سكري، في تصريحات أمس، «لم يطل أي اضطراب أو هجوم معلوماتي قطارات الركاب أو البضائع أو قطارات ما بين المدن». وكانت وسائل إعلام إيرانية رسمية نشرت أمس الأول صورا عن توقف بعض المحطات عن العمل.

وفي وقت لاحق أفادت وزارة الطرق الإيرانية بحدوث «خلل فني في أنظمة الحواسيب وشبكة الإنترنت بالوزارة»، مؤكدة أن «التحقيق جار لمعرفة أسباب العطل السيبراني الذي تسبب في عدم قدرة الموظفين على الدخول إلى موقع وبوابات الوزارة الفرعية على الإنترنت»، ولم يتضح ما إذا كانت هناك صلة بين الأمرين إلا أن مصدرا في شركة القطارات الإيرانية كشف أن شبكة اتصالات الشركة واجهت هجوما سيبرانيا ظهر الجمعة أدى إلى تعطيل شبكة اتصالاتها، وأرغم إدارة السكك الحديدية على وقف تحرك العديد من القطارات.

وكشف المصدر، لـ«الجريدة»، انه ولمدة قصيرة شاهد بعض المراجعين لصفحة مؤسسة القطارات عبارة تقول إن «هذه الشبكة تمت السيطرة عليها من قبل القراصنة»، لكن خبراء فنيين بالشركة استطاعوا استعادة السيطرة على الصفحة الأساسية للشركة خلال بضع دقائق، مبينا أن خبراء جهاز «مكافحة القرصنة» وخبراء منظمة «الحروب غير الاعتيادية» ساعدوا خبراء شركة القطارات، وتؤكد المعلومات الأولية أن مصدر الهجوم إسرائيل.

وأضاف أنه، وحسبما اطلع به الخبراء، فإن الإسرائيليين يستخدمون هويات إلكترونية مزيفة من دول مختلفة للنفاذ إلى الأنظمة الإلكترونية بإيران، لكي يصعب تتبعهم، لكن هذه المرة تمت القرصنة من إسرائيل مباشرة، في خطوة يبدو أنها «تحمل رسالة ضمنية»، بعد سلسلة تهديدات جديدة أطلقها مسؤولون بالحكومة الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني.

انفجار «ملت»

وبموازاة الاضطراب الإلكتروني، دوى انفجار ضخم في وقت متأخر من ليل الجمعة ـ السبت شمال وشمال غربي طهران، وقال العديد من المواطنين في نفس الوقت إنهم إضافة إلى سماع «صوتين رهيبين للانفجار، يفصل بينهما بضع ثوانٍ»، شعروا بهزة.

ووقع الانفجار بمحيط متنزه «ملت» بالقرب من المبنى المركزى للإذاعة والتلفزيون، والمبنى المركزى لمنظمة التجديد والتنمية الصناعية، التي تتعاون مع منظمة الطاقة الذرية و«الحرس الثوري» ووزارة الدفاع في تطوير البرامج النووية والصاروخية والجوفضائية.

وفتحت السلطات الإيرانية تحقيقا في أسباب الانفجار الذي لم يتسبب في أضرار أو إصابات. وردا على سؤال عما إذا كان الانفجار «اعتداء إرهابيا»، قال نائب محافظ طهران حميد رضا كودرزي إن نتائج التحقيق ستعلن بعد التأكد منها.

وأوردت القناة الرسمية، في تقرير متلفز، أن سيارات الإطفاء والإسعاف هرعت لمكان الحادث، ملمحة إلى أن الانفجار نتج عن «قنبلة صوتية».

مبادرة سياسية داخلية

على مستوى آخر، تشهد العاصمة طهران حراكا سياسيا في محاولة لإعادة التوازن إلى المشهد السياسي في أعقاب فوز رئيسي بالرئاسة.

وكشف مصدر مقرب من الرئيس الإيراني حسن روحاني أن الأخير والأخوين صادق عاملي لاريجاني، الذي يترأس «مجمع تشخيص مصلحة النظام»، وعلي لاريجاني رئيس البرلمان السابق، التقوا المرشد الأعلى علي خامنئي الخميس الماضي، لأول مرة بعد الانتخابات الرئاسية، في محاولة لإقناعه بضرورة إيجاد توازن بين القوى في البلاد بعد سيطرة التيار الأصولي المتشدد على كل أركان السلطة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، في البلاد.

واعتمد الثلاثي في مبادرته هذه على أن زيادة قدرة الأصوليين في مؤسسات النظام دون وجود دعم شعبي كاف لهم، نظرا للمشاركة الهزيلة في الانتخابات الرئاسية، التي شهدت أقل نسبة تصويت في تاريخ الجمهورية الإسلامية، ليس لمصلحة المرشد ونظام «الولي الفقيه».

وحسب المصدر، فإن مبادرة الثلاثي تنص على أن يقوم المرشد بتعيين 6 مندوبين من المعتدلين والإصلاحيين في مجلس «صيانة الدستور»، الذي يسيطر عليه الأصوليون الآن، على أن يحال رئيس المجلس الأصولي المتشدد أحمد جنتي للتقاعد.

وحذر الثلاثي من أن رئيسي قرر الاستعانة بالعديد من الوزراء من أنصار الرئيس الأسبق أحمدي نجاد، في خطوة اعتبروا أنها تشكل خطرا كبيرا على الحكومة المقبلة، وتعزز عوامل عدم اليقين في المشهد السياسي المقبل.

إلى ذلك، وبعد تحليلات تشير الى أن إيران ستمضي في عهده نحو مزيد من التصعيد في السياسة الخارجية، صرح الرئيس الإيراني الجديد، في كلمة ألقاها من مدينة قم أمس، بأن تعزيز العلاقات وبناء العلاقات الشاملة مع دول الجوار يعد من أولويات حكومته المقبلة التي يتوقع تشكيلها بعد حلفه اليمين الدستورية 5 أغسطس المقبل.

وشدد على أن «مثل هذه العلاقات تخدم إيران والدول الجارة»، وتحدث رئيسي عما وصفه بـ«التنمية المستدامة»، التي أكد عزم حكومته وضع بلاده على طريقها.

ولفت رئيسي، الذي يخضع للعقوبات الأميركية، إلى أن حكومته ستعمل على حل مشاكل المواطنين الإيرانيين من أجل «تحسين حياتهم المعيشية وكسب ثقة الشعب».

طهران - فرزاد قاسمي