هاييتي: الغموض يلفّ هوية ودوافع قتلة «رجل الموز»

نشر في 09-07-2021
آخر تحديث 09-07-2021 | 00:02
أفراد من الشرطة والطب الشرعي يبحثون عن أدلة خارج المقر الرئاسي - هاييتي
أفراد من الشرطة والطب الشرعي يبحثون عن أدلة خارج المقر الرئاسي - هاييتي
دخلت هاييتي، أمس، في حداد وطني لأسبوعين بعد اغتيال رئيس البلاد جوفينيل مويز، مما أثار صدمة في البلاد ولدى المجموعة الدولية إزاء هذا الهجوم الذي هدّد بزعزعة استقرار هذه الدولة الهشة أساسا بشكل إضافي، بينما لم تتسرب أي معلومات حتى الآن حول هوية ودوافع منفذي عملية الاغتيال.

وأعلن المدير العام للشرطة الوطنية، ليون شارل، أنّ 4 من «المرتزقة» الذين هاجموا منزل مويز ليل الثلاثاء - الأربعاء قُتلوا، في حين اعتُقل اثنان، كما تمّ تحرير 3 شرطيين كانوا محتجزين كرهائن.

ووفق سفير هاييتي في الولايات المتحدة، بوكيت ادموند، فإن الكوماندوس كان مؤلفا من مرتزقة «محترفين» قدّموا أنفسهم على أنهم مسؤولون في وكالة مكافحة المخدرات الأميركية.

من ناحيته، كشف القاضي المكلف القضية، كارل ديستان، لصحيفة لو نوفيليست إن ابنة الرئيس جومارلي كانت في المنزل عند وقوع الهجوم، لكنها اختبأت في غرفة نوم.

وأضاف أنه «تم نهب مكتب وغرفة الرئيس. وعثرنا عليه ممدداً على ظهره مرتدياً بنطالاً أزرق وقميصاً أبيض كان ملطخاً بالدم وفمه مفتوحاً وعينه اليسرى قد فقئت وجثته اخترقتها 12 رصاصة».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء بالوكالة، كلود جوزف، أن المهاجمين كانوا «أجانب يتحدثون الإنكليزية والإسبانية»، علما بأن الفرنسية هي اللغة الرسمية في هذه الدولة.

وبعد أن دعا السكان الى الهدوء، وعد بأن «القتلة سيدفعون ثمن ما قاموا به أمام القضاء».

وأوضح جوزف في خطاب أنه قرر «إعلان الطوارئ في كل أنحاء البلاد»، مما يعطي سلطات موسعة للحكومة لمدة 15 يوما.

وأوضح جوزف أن زوجة الرئيس التي أصيبت بجروح ونقلت عبر الطائرة الى فلوريدا في ميامي باتت «خارج الخطر ووضعها مستقر». وكان السلطات في الدومينيكان أعلنت، أمس الأول، وفاتها، قبل أن يتضح أن المعلومات مغلوطة.

ويُهدّد اغتيال الرئيس بزعزعة استقرار أفقر دول الأميركيتين بشكل أكبر، لا سيما أنها تواجه أزمات سياسية وأمنية واقتصادية. وطالب مجلس الأمن الذي عقد جلسة طارئة أمس بإحالة منفذي الاغتيال «الى القضاء على وجه السرعة».

ودعت وزارة الخارجية الأميركية الى إبقاء الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في 26 سبتمبر المقبل في موعدها مع دورة ثانية في 21 نوفمبر.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين لجوزف، في اتصال هاتفي «التزام الولايات المتحدة العمل مع حكومة هاييتي لدعم الشعب الهاييتي والحكومة الديموقراطية والسلام والأمن»، كما أعلن الناطق باسمه نيد برايس.

وندّد الرئيس جو بايدن بـ «عمل شنيع»، معربا عن استعداد الولايات المتحدة لمساعدة هذه الدولة، في حين حذّر الاتحاد الأوروبي من «دوامة عنف» في هاييتي.

وفي الفاتيكان، ندد البابا فرنسيس بالاغتيال «الشنيع» ودان «كل أشكال العنف» في تسوية الأزمات السياسية.

وفي تقريرها حول اغتيال مويز، كتبت فرانسيس روبلز، مراسلة «نيويورك تايمز» للشؤون الدولية، أن المعركة التي أدت إلى نهاية مويز بدأت قبل توليه السلطة.

فقبل توليه منصبه، كما تقول مراسلة الصحيفة الأميركية، كان على مويز أن يقاوم الاتهامات بأنه بصفته مصدّر موز غير معروف فعلياً، لم يكن سوى دمية منتقاة بعناية للرئيس السابق ميشيل مارتيللي.

وعن مسيرة حياته، قالت الكاتبة إنه كان الرئيس السابق للغرفة التجارية في بورت دي بيه، المنطقة الشمالية الغربية للبلاد، عندما ترشّح للرئاسة. وعندما ظهر كمرشح رئيسي عام 2015 لم يسمع عنه سوى قلّة من الناس، حتى أنهم أطلقوا عليه «رجل الموز».

وقبل رئاسته كان يدير جمعية تعاونية كبيرة توظف 3 آلاف مزارع. لكن خلال فترة وجوده بالمنصب اتُّهم على نطاق واسع بالتصرف كمستبد حاول تعزيز سلطته.

وعام 2019 اتهمه تقرير للمفتش العام بالاختلاس في إحدى القضايا. واتهم أيضا باستخدام عصابات عنيفة قوية لقمع المعارضة السياسية.

وقالت الصحيفة إن مويز حاول، من خلال دستور جديد، أن يمنح منصبه مزيدا من السلطة والقدرة على تأمين المزيد من فترات الرئاسة، لكنّ وباء كورونا وتزايد انعدام الأمن في البلاد أخرجا خططه عن مسارها.

ومع ذلك كان «بالنسبة للبعض قائدا فاسدا، وللآخرين مصلحا»، كما قالت الناشطة المجتمعية ليوني هيرمانتين. وأضافت: «كان رجلا يحاول تغيير ديناميكيات القوة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالمال ومن الذي يتحكم في عقود الكهرباء».

وأشار سيمون ديسراس، (سيناتور سابق معارض)، إلى أنه يبدو أن مويز كان يعرف أن معركته ضد الأغنياء والمصالح القوية بالبلاد ستؤدي إلى مقتله. وقال في مقابلة هاتفية: «أتذكر في خطابه أنه قال إنه استهدف الأغنياء فقط من خلال إنهاء عقودهم. وأضاف: «هذا قد يكون سبب وفاته، لأنهم معتادون على اغتيال الناس أو دفعهم إلى المنفى».

وكان من المفترض أن يحل آرييل هنري، الذي عينه مويز رئيسا للوزراء قبل يوم واحد من الاغتيال، محل جوزيف.

وقال هنري، في مقابلة مقتضبة مع وكالة «أسوشيتيد برس»، إنه رئيس الوزراء، واصفا الوضع بأنه استثنائي ومربك. وفي مقابلة أخرى مع «راديو زينيث»، ذكر انه ليس في صراع مع جوزف، لكن «فقط لا أتفق مع حقيقة أن الناس قد اتخذوا قرارات متسرعة... عندما تتطلب اللحظة مزيدا من الهدوء والنضج».

back to top