ماما أنيسة: نِلتُ لقباً لم تحصل عليه الإمبراطورات

«ماركات الملابس ومساحيق التجميل لا تصنعان مذيعة جيدة»

نشر في 05-07-2021
آخر تحديث 05-07-2021 | 00:02
مَن منّا لم يشاهد برامجها؟ ومَن منّا لم يتمَنّ أن يشارك معها في إحدى الحلقات؟
إنها ماما أنيسة، أمّ الأجيال، المرأة التي لقّبها الكبير والصغير بـ «ماما»، ولم يزعجها الأمر، بل على العكس، أصبح اللقب مصدر فخر لها.
تعاقبت الأجيال عليها، وبقيت هي ماما أنيسة، وظلت أمّا لكل جيل.
تركت بصمة في نفوس الجميع صغارا وكبارا، منذ بدأت عام 1961 وحتى هذه اللحظة وهي مقدّمة برامج أطفال اختارتهم لأنّها تحمل من صفاتهم الكثير، فهي نقية وعطوفة ومحبة وغير متكلفة، فدخلت عالَمهم، واستقرت في قلوبهم، وكان النجاح حليفها منذ حلقتها الأولى وحتى الآن.
رسالتها عظيمة، فقد عملت على تنشئة أجيال على قيم ومبادئ تساعد في بناء الوطن وازدهاره، وحتى الاّن تعمل على إيصال هذه الرسالة بمختلف الطرق إذاعيا أو تلفزيونيا.
«الجريدة» حاورت ماما أنيسة، تقديرا منها لما قدّمته على مدار أعوام كثيرة وأجيال كانت جزءا من نشأتهم، حيث قالت: أحبّ أن أرحّب بجريدة «الجريدة» العقلانية المحترمة والمعتدلة وإدارتها الرائعة والمهنيّة، والتي أقدّر مجهوداتها الصحافية، وأنا سعيدة بأن أجري معكم هذا اللقاء، وفيما يلي التفاصيل:

● حين اخترت العمل مذيعة، كيف كانت ردّة فعل أسرتك حول هذا القرار، آنذاك، علما بأنك كنت من أوليات المذيعات في تلفزيون دولة الكويت؟

- أسرتي كان موقفها تشجيعيا وداعما، وكلّه فخر بما أقدّمه من برامج للأطفال، فأنا منذ بدأت العمل في التلفزيون وأنا متخصصة في مجال برامج الأطفال، وهذا أسعد أسرتي كثيرا، حيث إنني أساهم في تنشئة جيل من الأطفال للكويت وبداخلهم مبادئ وقيم تساعد على بناء دولتنا الحبيبة، فكنت "ماما أنيسة" منذ اخترت العمل مذيعة، وحتى الاّن ولله الحمد، وكانت أسرتي دائما من المرحبين بأيّ شخص يخدم دولتنا العزيزة، ويساعد في رفعة شأنها، وبالتالي كانوا سعداء بما أقدّمه وباحتضاني لأطفال الكويت والعرب.

● ولماذا اخترتِ الأطفال لتقدّمي لهم برامج كثيرة ومتنوعة على مدار أعوام؟

- الأطفال أحباب الله، بكل تأكيد، وأن يحبونك فهذا فضل منه سبحانه، وكلانا اختار الاّخر، فأنا أستمتع بالعمل معهم لطهارة قلوبهم وبراءة نفوسهم وعفويتهم، وهم النبتة التي نعمل على تنشئتها ورعايتها حتى تكبر وتثمر على المجتمع والدولة بالخير، والأطفال يعلّمون الكبار الكثير، وقد قدّمت هذا من خلال برنامج "عيال الديرة"، الذي كان الأطفال فيه هم من يخاطبون الكبار ويحاورونهم، وبالنسبة لي شخصيا تعلّمت الكثير من الأطفال، فصدقهم الدائم ومشاعرهم البريئة وحبّهم الحقيقي الخالي من النفاق، جميعها صفات اكتسبتها من تعاملي معهم، ولهذا استمررت في عملي مع الأطفال حتى يومنا هذا، ولولا ظروف "كورونا"، واضطرارنا إلى الالتزام بالبقاء في المنزل، لكنت الآن أصوّر في المدرسة مع أحبائي الأطفال، لكن رغم ذلك، فنحن نسجّل حلقات إذاعية وتلفزيونية من داخل منزلي.

● حدثينا عن كواليس العمل مع الأطفال، ما مدى صعوبتها بالنسبة لك

؟

- الأم في المنزل إذا كان لديها ولدان أو ثلاثة لا تستطيع، في أوقات كثيرة، ضبطهم جميعا والسيطرة عليهم في وقت واحد، لكن هل تصدقين أن الأطفال أثناء تصويرهم مع "ماما أنيسة" فرحتهم واستمتاعهم يجعلان الأمور سهلة والتعامل بسيطا، ويلتزمون، لأنّ سعادتهم بأنهم جزء من حلقة لبرنامجهم المفضل تساعدني على تقديم الحلقة دون مواجهة صعوبات كبيرة أو مشاكل، وأنا أشكر كل من ساعدني في تقديم حلقة ممتعة، سواء من الأطفال أو فريق العمل الذي شاركني هذا المشوار الجميل.

● واكبتِ أجيالا متعددة من الأطفال، وبالتأكيد كل جيل يكون أكثر تطورا من الذي قبله... كيف استطعتِ مسايرة عقليات مختلفة من الأطفال؟ وهل هذا يحتاج منك إلى عمل وجهد لتواكبيهم، أم أنّ الموضوع يسير بطبيعية دون ترتيبات؟

- بالطبع الحياة في تطور دائم، فأنا منذ عام 1961 أقدّم برامج الأطفال في تلفزيون الكويت، ونحن الآن في عام 2021، وأنا أفنّد العمر كل 10 أعوام، أي من عقد إلى عقد اّخر بعقلية أخرى مختلفة، حيث إن التكنولوجيا تختلف من جيل لآخر وتتطور، وأنا من مشجّعي الاستفادة من التطور بكل جوانبه، وأن نأتي بما يفيدنا ويخدمنا، وإذا رجعنا إلى كتاب الله عز وجل (القرآن الكريم)، فسنجد أن الله ذكر كل هذه التكنولوجيا في كتابه العزيز بصور مختلفة، فالطائر الذي يحلّق في الجو، مَن يمسكه غير الله؟ ومنه جاء اختراع الطيران والطائرات، وقد ذكر الله الفلك الذي تمشي في البحر بأمره، ومنها جاءت صناعة السفن والغواصات وغيرها، فسبحانه علّم الإنسان ما لم يعلم، وهو العالم بكل شيء وبيده كل شيء، وكل ما نحن فيه من تطوّر كان السبب الأول فيه الله، ثم العلم والدراسة والتجارب، فنحن كنّا في الماضي نشرب المياه من الآبار، ونبذل الجهد في نقل الماء، لكننا الآن ننعم في بيوتنا بوجود نعمة الماء البارد والساخن عن طريق توصيلات، ومن كان السبب في هذا؟ إنه تطوّر عقليات الأجيال والاختراعات والتطور الفكري والذهني، ومواكبة كل هذا التطور شيء أساسي وطبيعي، ويحدث بشكل طبيعي في عملي لأنّني كي أخاطب الطفل يجب أن ألمّ بما يفكر به وبما يحلم ويأمل، وهذا ما يساعد في تنمية المجتمع بكل تأكيد، ومادام الشخص يقوم بالعمل الذي يحبّه، فهو لا يجد أي صعوبة ولا يشعر بالتعب أبدا، وحلاوة العمل تمحو صعوبته.

● كيف تقضين يومك، وما أهم نشاطاتك؟

- أنا كثيرة الاطلاع، وبجانبي 30 جزءا من القرآن الكريم، وأكثر ما يسعدني في يومي هو أن أقرأ جزأين أو ثلاثة، بحسب مقدرتي، وأيضا حريصة على قراءة الكتب المتنوعة والصحف اليومية، وهكذا بين الكتب أقضي يومي.

● مذيعو الوقت الحالي أم مذيعو الماضي... من برأيك أكثر مهنية وحرفية؟

- في الماضي كان الاعتماد على شخصية المذيع، التي يصقلها من خلال العمل والتقديم، ويبذل مجهودا في تكوين أسلوب خاص به، وشخصية منفردة حتى يكون اسمه مميزا، أما الآن، فالحياة أسهل، والتطور أكبر، والتقديم بالطبع أسهل، لأنّ الديكور جميل ويساعد على إيصال الرسائل المراد إيصالها، وأيضا أمام المذيع "أوتوكيو" يكتب عليه ما سيقوله، وهذا ليس تقليلا، لا سمح الله، من مجهودات مذيعينا ومذيعاتنا، بالعكس هم في زمن تتوافر لهم أمور تسهّل عليهم نقل الأخبار وطرح المواضيع، وهذا شيء جميل، وكل زمان ووقت له حرفيته في التقديم بحسب الظروف التي يعمل فيها.

● وأيهما أصعب أن تصبح مذيعا الآن، أو أن تصبح مذيعا في ذاك الوقت؟

- سأتحدث عن نفسي في هذا الخصوص، فأنا لم أخضع لأي اختبار، وقدّمت أولى حلقات برنامجي، ولاقت نجاحا كبيرا من الجميع، وهكذا استمررت في العمل مذيعة؛ سواء إذاعيا أو تلفزيونيا، وسأقول من دون أي غرور إنه، ولله الحمد، منذ بدأت وأنا أقدّم دون أن يسأل أي مسؤول عن المحتوى أو عن مضمون ما سأقدّمه من حلقات، وهذا لثقتهم بما أقدّم، ولأنّي أيضا واثقة جدا بالمحتوى الذي أقدّمه، لم ألجأ إلى تحضير أوراق أقرأ منها في حياتي، إلا في بعض الأشياء المهمة جدا أن تذكُر كما هي حرفيا، ولكن غير ذلك أنا أقدم وأحاور وأنصح وأعلّم الأطفال دون اللجوء إلى ورقة مكتوبة، وهذا كان أحد أسباب نجاح برامجي، لأنّها تلقائية وطبيعية، لكن نصيحتي لمذيعي هذا الوقت ألّا تبحثوا عن التكلف في المظهر، واعملوا على تحسين الجوهر والعقل، فالمشاهد لا يهمه ما هي ماركة الملابس الذي ترتديها المذيعة، ولا كميّة مساحيق التجميل التي تضعها، على العكس؛ ما يهمه أنه حين يشاهد مذيعة أن تكون أنيقة باحتشام، بغضّ النظر عن مدى كلفة ملابسها؛ رخيصة كانت أو غالية الثمن، وأنّ المشاهد يهتم بمضمون الموضوع المطروح للنقاش أو بأسلوب التقديم والطرح، وهذا أكثر ما يجب أن يلتفت له ويهتم به كل مذيع ومذيعة.

● هل من برنامج معيّن تداومين على متابعته؟

- بين كل محطات التلفاز التي أتابعها، لا يفوتني أن أتابع يوميا تلفزيون دولة الكويت، وهنالك الكثير من البرامج والمذيعات والمذيعين الجيدين، وأنا من المعجبين بهم وبالصورة المشرّفة التي يظهرون بها، لكنني لن أسمّي برنامجا أو شخصا بعينه، الكثير منهم جيدون وصورة مشرّفة لتلفزيون دولتنا الحبيبة الكويت.

● لقب ماما أنيسة أو "أم الأجيال"، حين أطلق عليك واشتهرت به، ما هو الشعور الذي راودك من الداخل؛ هل خفت من مسؤولية اللقب، أم أن الفرحة كانت أكبر من القلق والخوف؟

- بالطبع فرحتي به أكبر بكثير من أي شيء، فأنا أكون في قمة سعادتي حين يناديني رجل كبير أو امرأة كبيرة، أو أحد من الشباب والشابات، أو الأطفال، بـ "ماما أنيسة"، فماذا أريد أكثر من ذلك؟ حين يخاطبني مسؤول ويناديني "ماما أنيسة"، هذا فخر لي وشرف، فأنا أم الجميع؛ الكبير والصغير، مَن في العالم كله حصل على مثل هذا اللقب؟ الإمبراطورات في العالم لم يحصلن على هكذا لقب، فكونك أميرة أو ملكة أو إمبراطورة، فهذه صفتك ولقبك الرسمي، لكن أن تناديكِ جميع الفئات العمرية ومختلف المناصب والمسميات بـ "ماما"، فما الذي سيجعلني أحزن أو أقلق، فأنا بكل فخر "ماما أنيسة" في الماضي والحاضر، وهذه هبة وفضل من الله عليّ.

● هل ندمتِ على أي شيء في رحلة عملك؟

- ليس ندما، لكنه نقد دائم للنفس، وبعض لوم، ففي بعض المواقف أتمنى لو أنني لم أقل هذا وقلت ذاك، بطبعي أنا شخصية أنتقد ذاتي كثيرا، لكن لم يوجّه لي نقد من أي شخص، ولله الحمد، غير أنني أحرص على انتقادي لذاتي حتى أتعلّم مما مضى، فأنا للآن أضع أعمالي القديمة من برامج، وأنتقد وأقول لنفسي لو أني لم أقل هذا، ولو أني لم أفعل هذا في ذلك الوقت، لكنّها جميعها دروس تعلّمت منها، ومن لا يخطئ لا يتعلم بكل تأكيد، الأخطاء هي دروس مجانية لنا، وعلينا الاستفادة منها.

● "كورونا" وما غيّرته في العالم ككل، برأيك ما هي إيجابياتها وما السلبيات؟ وهل تجدين أن اللقاح حلّ لعودة الحياة إلى طبيعتها؟

- الخطر الذي اجتاح العالم بوجود وباء فيروس كورونا، من وجهة نظري، ليست له إيجابيات، وسلبياته لا تعدّ، فهو كارثة عالمية، لكن الله قدّرها، فلا نستطيع سوى أن ندعوه أن يرفع عنّا وعن العالم كله هذا الوباء، وليس لنا سوى أن نحمد الله على كل ما قدّر لنا، لكن نحن صنعنا إيجابيات لهذا الوباء، فقد كانت الأسرة لا تلتقي وتجتمع بالشكل الكافي، فمن يذهب للعمل صباحا، ومن يذهب لقضاء التزاماته، ومن ثمّ من يذهب إلى المجمعات، ومن يلتقي الأصدقاء، وبهذا فقدت الأسرة جزءا كبيرا من ترابطها وتجمّعها، وهذا الوباء فرض على الجميع ملازمة المنزل في أغلب الأوقات، مما سمح للأسرة بالتجمع وقتا أطول، والتواصل ومشاركة الكثير من المواضيع وأمور المنزل والاستمتاع بهذه الأجواء العائلية وقرب الكثير من الإخوة والأزواج لبعضهم البعض بشكل أكبر، وهذه هي الإيجابية الوحيدة لهذا الفيروس.

وأدعو جميع المواطنين والمقيمين - من خلال جريدتكم المحترمة - إلى أخذ اللقاح والتسجيل، وعدم الاستماع لأي شائعات، وعدم القلق، ولنحمد الله جميعا على نعمة توافر اللقاح بالمجان للجميع مواطنين ومقيمين، وهذه ليست بمنّة، لكنّها نعمة أن يتاح لنا جميعا أن نأخذ اللقاح لنحمي أسرنا وأبناءنا ومجتمعنا، وبالتالي دولتنا، ونسمح بعودة الحياة إلى طبيعتها وسابق عهدها في أمن واطمئنان وسعادة.

نرمين أحمد

الأطفال أحباب الله وأن يحبوك هذا فضل منه سبحانه

الإعلام شهد تطوراً كبيراً في التقنيات وأنا من مشجّعي الاستفادة من التكنولوجيا بكل جوانبها

تعلّمت الكثير من الأطفال ونسجّل حلقات إذاعية وتلفزيونية من داخل منزلي

أنتقد ذاتي كثيراً لكن لم يوجّه لي نقد من أي شخص

منذ عام 1961 أقدّم برامج الأطفال في تلفزيون الكويت وحتى الآن
back to top