المرأة جزء من الاستجابة الإنسانية في ميانمار!

نشر في 29-06-2021
آخر تحديث 29-06-2021 | 00:00
 ذي دبلومات في ظل الأزمة السياسية والإنسانية التي تشهدها ميانمار راهناً، تواجه المنظمات النسائية اختباراً صعباً بدرجة غير مسبوقة، حيث تحمل نساء هذا البلد إرثاً طويلاً في مجال الاستجابات الإنسانية في ميانمار التي تشهد حرباً أهلية منذ أكثر من سبعين سنة، فعلى مر الأجيال، أدت المرأة دوراً أساسياً في تلبية حاجات النازحين، لا سيما الجماعات العرقية التي تستهدفها قوات أمن الدولة منذ وقت طويل.

في وقت الأزمات، يتكل الجميع على المنظمات النسائية لتسليم الإعانات والمواد الإنقاذية، حيث يثق بها الآخرون لضمان وصول المواد الضرورية بكل أمان إلى سكان المناطق البعيدة، وعلى مر العقود، حققت هذه المنظمات ما عجزت عنه الحكومة ومنظمات الإغاثة الدولية نظراً إلى عدم إلمامها باللغة المحلية وظروف المناطق النائية.

غداة استيلاء الجيش على السلطة في 1 فبراير، شهدت جميع مناطق ميانمار سلسلة من الأزمات الإنسانية والاقتصادية والأمنية، فقُتِل نحو 900 مدني ولا يزال آلاف آخرون معتقلين لأنهم قاوموا استيلاء المجلس العسكري على السلطة، لكن بعد وقتٍ قصير على الانقلاب، بدأت قوى المعارضة تنتفض. كان المحتجون في الشارع جريئين بما يكفي كي يتصدوا لقوات تاتمادو الوحشية، وبدأت المقاومة تتوسع في أنحاء البلد وانضم أشخاص من جميع الأعمار والخلفيات إلى صفوف المقاومة، وفي جنوب شرق ولاية "كارين"، بدأ المدنيون يحملون الأسلحة، وراح الأطباء والمحامون وحتى المعلمون يتدربون على القتال في المناطق الحدودية مع منظمات عرقية مسلّحة.

لكن رغم هذا البصيص من الأمل، توسعت مظاهر الفوضى في البلد، فلم تلقَ الدعوات إلى تقوية التحركات الدولية آذاناً صاغية، لذا تضع النساء أنفسهنّ حرفياً في مرمى الاشتباكات المسلّحة لتسليم المساعدات، وتُعتبر النساء من أكثر الفئات المعرّضة للخطر في ساحات الصراعات، لكن غالباً ما تنشط النساء في ميانمار على الخط الأمامي من الصراع لتلبية الحاجات الإنسانية.

دائماً حظيت منظمات الحقوق النسائية المحلية بثقة الناس نظراً إلى تعاطفها وجدّية التزاماتها بتأمين المساعدات للفئات الأكثر ضعفاً، لكن الوضع اختلف خلال هذه السنة الطويلة والشاقة، رغم المخاطر المطروحة، تُعرّض النساء الناشطات في مجال حقوق الإنسان حياتهنّ للخطر لتقديم المساعدات القادرة على إنقاذ حياة الناس. في ولاية "كاياه"، تسعى "منظمة كاريني الوطنية للمرأة" إلى دعم أكثر من 60 ألف نازح داخلياً، وفي ولاية "كارين"، تتابع "منظمة كارين النسائية" حملتها لتقديم المساعدات عبر الحدود، لكن أدى القتال بين جيش ميانمار والجماعات المسلّحة إلى نزوح أكثر من 70 ألف مدني في ولاية "كارين" وحدها، وتحاول المنظمات النسائية العرقية في مناطق صراع متنوعة في ولايتَي "شان" و"كاشين" تقديم المساعدة عبر شبكاتها وقنواتها المحلية لدعم النازحين.

للتعامل مع الأزمة الإنسانية بأفضل الطرق، يجب أن يقدم المجتمع الدولي المساعدة أيضاً، ويُفترض أن تتماشى تحركات دول العالم مع مساعي المنظمات النسائية لتحقيق الأهداف نفسها، إذ تُعتبر المساعدات العابرة للحدود مثلاً جزءاً من القنوات التي يمكن استعمالها لتلبية حاجات الناشطين ميدانياً.

تحتاج المنظمات المحلية إلى خطوات ملموسة وفورية، منها تقديم الدعم والتمويل عبر المنظمات النسائية الشعبية، ويُعتبر الدعم الميداني مهماً بقدر حظر توريد الأسلحة أو الحظر الجوي، وفي نهاية المطاف، يجب ألا يعترف أحد بالمجلس العسكري ويُفترض أن تقطع الأمم المتحدة والجماعات الإنسانية والجهات الدولية جميع روابطها العسكرية به، فقد أدت المقاربة الوحشية التي اعتمدها المجلس العسكري لحكم البلد إلى نشر الفوضى وسقوط الضحايا بلا مبرر، لكن يمكن التصدي لهذا الوضع من دون التوجه إلى الخطوط الأمامية، وتستطيع الجهات المانحة أن تتعاون مع المنظمات العرقية المحلية عن بُعد، فتضمن وصول المساعدات إلى أكثر الأشخاص ضعفاً، مما يسهم في إنقاذ حياة الناس وتحقيق العدالة.

* ماغي كادريني

ماغي كادريني

back to top