الشعب هو المسؤول أولاً وأخيراً

نشر في 28-05-2021
آخر تحديث 28-05-2021 | 00:00
 د. نوري أحمد الحساوي الشعب هو المسؤول الأول والأخير عن تقدم أي أمة أو دولة أو تأخرها، فبيده يستطيع إنجاح أي تجربة تمر بها الدول أو إفشالها، فإذا أردت أن تتعرف على رقي وتقدم أي دولة فابحث عن الشعب ومستواه الثقافي ومدى احترامه للقوانين والأنظمة، وعن مستوى وعيه السياسي الذي يملكه، فإذا أدركت أن هذه الأشياء متوافرة في شعب ما فاعرف أن هذا الشعب راقٍ ومتقدم ومتطور وبإمكانه أن يمسك زمام الأمور في بلده ولا خوف عليه، أما إذا كان هذا الشعب يفتقر إلى تلك الأمور فيصبح هذا الشعب سبباً لتأخر بلده وعاملاً من عوامل إضعافه، انظر إلى الأمم المتقدمة فستجدها ذات شعوب حية واعية محترمة للقوانين والأنظمة، مدركة أنها بغير تطبيقها بالشكل الصحيح تعني الفوضى والغوغائية.

اليوم نحن في الكويت نعاني الكثير من المشاكل والصراعات والإخفاقات السياسية، سواء على مستوى مجلس الأمة أو على مستوى الحكومة، وحتى على مستوى الشعب، وكل طرف يلقي اللوم والتهم على الآخر، حتى أن هذا الوضع غير المستقر أثر وعطّل كل خطوة نحو التطور والتقدم والتنمية.

نعم تتحمل الحكومة مسؤولية ما يحدث من إخفاقات وعدم استقرار سياسي واقتصادي، وكذلك أعضاء مجلس الأمة يتحملون جزءاً كبيراً من هذا الانحدار السياسي بتصرفاتهم غير المسؤولة، وتحويل مجلس الأمة إلى وكر لتصفية حساباتهم وصراعاتهم الشخصية، فأصبحوا في واد ومصالح الوطن في واد آخر.

نرى من وجهة نظرنا الخاصة أن المسؤول عن الحالة غير المستقرة التي نعيشها اليوم سياسياً وعن ممارستنا المضحكة للديمقراطية هو الشعب، نعم نحن مسؤولون بالمرتبة الأولى عن الحالة التي نعيشها اليوم، فالناس في الكويت هم من ساهموا بشكل رئيس فيما نحن فيه، فمنهم من ركز على مصلحة القبيلة التي ينتمي إليها أو الطائفة التي هو منها والعائلة المنتمي إليها، ومن ورائهم نوابهم في المجلس يدفعون لمصلحة تلك الانتماءات متناسين المصلحة العامة ومصلحة البلد العليا، وهناك نوعية من الشعب خاملة غير فعالة لا تدري ما يدور حولها، وهؤلاء أعطوا فرصة لأصحاب الآراء الفاسدة بالظهور والانتشار، حيث أصبحت تلك الآراء الهدامة هي المسيطرة على الساحة السياسية، وبدا وكأن الرأي العام هو ما يدعون هم إليه، مما دعاهم إلى الصدام مع الحكومة، التي بدورها بدأت تستخدم جميع أوراقها بالتخبط وسوء التقدير، والنتيجة الوضع الذي نحن فيه.

جمعيات المجتمع المدني وجامعة الكويت ورجال الكويت أصحاب الخبرات الطويلة في مجال السياسة والاقتصاد والاجتماع كل هؤلاء يعيشون في سبات عميق، ولم يتحرك أي منهم إلا ما ندر لإيجاد الحلول وإبداء الرأي والمشورة، فيما نحن فيه، وإخراجنا من المستنقع الذي نحن فيه.

إذاً العملية تحتاج إلى تضافر الجهود جميعاً للنهوض بهذا البلد، ولا نلقي اللوم على الحكومة فقط، فنحن جميعاً مسؤولون كشعب عما يحدث للكويت، فالصراخ والتحلطم الزايد لا ينفعان، وكل ما نحتاج إليه العمل الدؤوب المخلص المبني على المصلحة العليا لا على مصلحة القبيلة أو الطائفة أو العائلة، أما الوعيد فهذا لا يبني وطناً بل يهدمه.

● د. نوري أحمد الحساوي

back to top