هل نزل التابوت على أهل فلسطين؟

نشر في 21-05-2021
آخر تحديث 21-05-2021 | 00:09
 ناجي الملا بعد أن كانت القضية الفلسطينية تحتل المركز الأول في الاهتمام العربي والإسلامي منذ أربعينيات القرن المُنصرِم تراجعت إلى أسفل سلم الأولويات بعد اندلاع تطورات مفصلية في الساحة الإقليمية والعالمية وفقدت كل الثقل الذي استأثرت به لعقود من الزمن.

فأميركا منذ عهد واضع إنجيل السياسة الأميركية جون فوستر دلاس الذي وضع قواعد وسيناريوهات السياسة الخارجية الأميركية لمواجهة الخطر الشيوعي وتحطيم قوته دفع دالس في اتجاه حل القضية الفلسطينية بدُويلة عازلة بين ما يسمى إسرائيل والعرب (Buffer state) وأيضا تعويض اللاجئين تحت ذريعة أن مخيمات اللاجئين بيئة خصبة للتمدد الشيوعي كما كان ينادي الخبير حورج ماغي الذي تبناه عبدالناصر آنذاك.

إلا أن كل المشاريع الأميركية تحطمت على صخرة العناد الإسرائيلي سواء في عهود حزب العمل أو تكتل الليكود المتطرف، وعندما أبدى إسحق رابين رغبة جادة للحل تم اغتياله على يد متطرف يهودي.

وبلغت القضية الفلسطينية غاية تدهورها وفقدان مركزيتها عندما تمت تصفية وجودها في لبنان وعند تأييد قادتها غزو العراق للكويت، ففي وهج الحرب الأميركية لتحرير الكويت وتدمير العراق غابت القضية الفلسطينية عن المسرح السياسي تماماً، ومما زاد في هذا الغياب أحداث سبتمر وبروز الإرهاب الإسلامي السُّني على يد ابن لادن وانشغال أميركا باستئصال جذور الإرهاب لتزحف على الدول التي يترعرع فيها التطرف والإرهاب رابطةً بين الأنظمة الدكتاتورية التي تُفرِز ظروف الفقر كمستنقع لأفكار التطرف، ووجدت في الربيع العربي أفضل تطور لفرض الديمقراطية حسب النموذج التركي، إلا أن هذا المشروع قد أسهمت جهود بعض دول الخليجية في وأده وتدميره وأسفر الوضع عن دخول روسيا وإيران بقوة في إدارة بعض الدول وتهديد المنطقة بنشوب حروب تأكل الأخضر واليابس مما تلاشت معه القضية الفلسطينية حتى من الذاكرة والوجدان العربي، حتى أن الفاعلين في هذه الحقبة أدخلوا ما يسمى إسرائيل في اللعبة السياسية ضمن تحالفات ضد بعضهم لتكون درعاً حامياً من أخطار الغزو الخارجي وأخيراً قيام البعض بإدخال إسرائيل كعنصر طبيعي في التحالف معها ضد إيران مستعيدين تحالف إيران الخفي في أحداث الكونترا ضد العراق.

بطبيعة الحال فقد الفلسطينيون كل أوراقهم بل تلاشت فضيتهم وأصبحوا أمام خيار وحيد هو صفقة القرن الذي يعني دولة في سيناء مع الوعد بتمويل مالي ضخم لإنشاء دولة بديلة وابتلاع الكيان الصهيوني للقدس بشكل كامل.

ويشاء الرب من فوق السبع الطِّباق عندما أقدم الصهاينة على إخلاء القدس مما تبقى من مساكن الفلسطينيين أن يقلب الرب عاليها سافلها ويخرج شبابا فلسطينيين بمقلاع نبي الله داود وأن ينزل سكينته على أهل غزة وأهل الداخل الفلسطيني وبصواريخ محلية الصُّنع وكأنهم يرون التابوت تحمله الملائكة فيدمرون جالوت الصهيونية، وتنشق أرض التجاهل والنسيان للقضية الفلسطينية عن شلالات التكبير والتعاطف المنقطع النظير، ويلف الرعب اليهود فتخفق روح العالم الإسلامي لهذا الحدث وتتربع قضية فلسطين على عرش الاهتمام العربي والإسلامي.

ناجي الملا

back to top