فاروق الفيشاوي... «برنس السينما المصرية» (2- 10)

الفتى الوسيم يقع في غرام سمية الألفي على خشبة المسرح

نشر في 09-05-2021
آخر تحديث 09-05-2021 | 00:00
طرق فاروق الفيشاوي أبواب الفن بعد تخرجه في الجامعة، ورفض الالتحاق بوظيفة حكومية، وتحوّل «كومبارس» المسرح إلى نجم تلفزيوني، ونال إعجاب المشاهدين بدوره في مسلسل «أبنائي الأعزاء شكراً» (1979)، وتألق بأدائه المتميز خلال العديد من الأعمال الدرامية الأخرى، وحجز لنفسه مقعداً وثيراً في الصف الأول بين نجوم الثمانينيات، وتوالت رحلته في عالم النجومية والشهرة.
قطع الفيشاوي مسافة قصيرة للوصول إلى النجومية، وكانت أدوار مثل الشرير والانتهازي طريقه إلى التألق، ليغيِّر المفهوم النمطي للبطل الدرامي، رغم تخوف بعض النجوم من تجسيد هذه النوعية من الشخصيات، لكنه برع في أدائها، ورفض الفتى الوسيم فكرة الانتشار على حساب القيمة الفنية، وتصدَّر قائمة الممثلين الباحثين عن التفرد، وترك بصمة مهمة في السينما والدراما التلفزيونية.
في عام 1985، قام فاروق الفيشاوي ببطولة مسلسل «علي الزيبق» أحد أهم الأعمال الكلاسيكية في تاريخ الدراما المصرية، وجاءت الفكرة عندما استلهم الكاتب يسري الجندي، واحدة من قصص التراث الشعبي تدور أحداثُها إبان فترة حكم المماليك لمصر، وتحمس المخرج المتميز إبراهيم الشقنقيري لإخراجها، وذهب الدور الرئيس إلى الفتى الوسيم، وتوزعت الأدوار على كوكبة من النجوم، ولعبت الفنانة ليلى فوزي شخصية «المقدم دليلة»، والفنان أبوبكر عزت «المقدم سنقر الكلبي»، والفنان صلاح قابيل «شهبندر التجار»، والفنان حمدي أحمد «الشيخ حلاوة»، فيما أدت الفنانة الكبيرة هدى سلطان دور «والدة علي الزيبق».

وتوفرت لهذا المسلسل عناصر النجاح الفني من تمثيل وإخراج، وقام بتأليف الأغاني الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، وصاغ الألحان الموسيقار إبراهيم رجب، وبرع الفيشاوي في تجسيد شخصية «علي الزيبق» الذي فقد والده بعد أن قُتِل على يد أعدائه من المماليك (المقدم دليلة والمقدم سنقر الكلبي) ويكبر علي وينتقم منهما بواسطة الحيل والألاعيب التي تعلمها من مساعد والده سالم (إبراهيم الشامي).

ظلت أصداء نجاح المسلسل تخايل الفيشاوي سنوات طويلة، وبعد مرور 34 عاماً على عرض «علي الزيبق» فوجئ المخرج مجدي الهواري، حين قابله صديقه فاروق ومعه نص مسرحي يريد تقديمه في عام 2020، عن تلك الملحمة الشعبية الشهيرة، لكنه رحل قبل أن يحقق حلمه، ومازال هذا العمل المتفرد يحظى بنسبة مشاهدة عالية على موقع «يوتيوب» والقنوات الفضائية.

اقرأ أيضا

أولاد آدم

كان النجاح حليف الفيشاوي في عام 1986، حين شارك في بطولة مسلسلين كتبهما المؤلف محمد جلال عبدالقوي، وتركا أثراً في وجدان المشاهد، أولهما المسلسل الاجتماعي «أولاد آدم» إخراج جلال غنيم، وتألق في دور الابن «إلهامي» أمام الفنان الكبير عبدالمنعم إبراهيم «الأب آدم»، والفنان أحمد مرعي، وأحمد ماهر، ومنى جبر، ودارت أحداثه حول علاقة أب بأبنائه بعد بلوغهم سن الشباب، ومحاولته تعديل مسار حياتهم إلى الأفضل.

وفي المسلسل الثاني «غوايش» لعب دور الشاب الريفي «حسنين» أمام الفنانة صفاء أبوالسعود «غوايش فتاة الموالد»، والفنان نبيل الحلفاوي «معلا عُمدة القرية» المتميز بقسوة القلب وحب التعالي، ويحتدم الصراع بين الخير والشر، ويتهم «حسانين» ظلماً بالقتل، وتتوالى الأحداث.

لقاء الأصدقاء

قطع الفتى الوسيم رحلة طويلة مع الدراما التلفزيونية، وفي عام 2002، أتته الفرصة في مسلسل «الأصدقاء» تأليف كرم النجار وإخراج إسماعيل عبدالحافظ، ليجتمع الفيشاوي بأصدقائه وأبناء جيله صلاح السعدني ومحمد وفيق، وجسّد شخصية صديقهما الثالث «حسن أبوسِنة» الرجل الأربعيني الفوضوي، الذي قضى عمره متنقلاً بين السجون والمعتقلات ثمناً لأفكاره التقدميّة، ليصل به الحال للعمل كمراكبي إلى أن يتزوج من ابنة مليونير. وبهذه الشخصية قدّم نموذجاً آخر من النماذج المجتمعية نادرة التناول في الدراما التلفزيونية، تشير إلى وعيه في اختياراته، والبحث عن الشخصيات غير النمطية.

دارت أحداث المسلسل حول ثلاثة أصدقاء من أبناء قرية واحدة، تربطهم علاقة قوية منذ صباهم، الأول المستشار رأفت الغندور قاضي بمحكمة الجنايات الذي كان فلاحاً بسيطاً، لكنه تعلَّم حتى وصل إلى هذا المنصب، وقام بدوره الفنان محمد وفيق، والثاني عالم فذ في أبحاث الذرة «الدكتور عزيز محفوظ»، ولعب دوره الفنان صلاح السعدني، وجسّد الفيشاوي شخصية الصديق الثالث «أبوسِنة»، وشاركهم البطولة النجمة صفية العمري في دور «ابنة المليونير»، وحمدي غيث، وجميل راتب، وهالة فاخر، وأشرف زكي، وحمدي هيكل.

وكان الفيشاوي على موعد مع تجربة درامية متفردة في عام 2013، وتحمس لأداء شخصية الشاعر الشهير بيرم التونسي في مسلسل «أهل الهوى»، تأليف الكاتب المبدع محفوظ عبدالرحمن وإخراج عمر عبدالعزيز، وشارك في البطولة دينا، ومادلين طبر، ومحمود الجندي، وسميرة عبدالعزيز، وإيمان، ونبيل نورالدين، وقام بدور «فنان الشعب سيد درويش» حفيده المطرب إيمان البحر درويش.

ويتناول المسلسل السيرة الذاتية للشاعر بيرم التونسي، الذي يعتبر رائداً لشعر العامية المصري، وعاش حياته بين الوطن والمنفى بداية القرن الماضي، كما يتناول سيرة سيد درويش فنان الشعب ومطرب ثورة 1919، ورغم إبداع الفيشاوي في تقديم الشخصية من واقع ثقافته وقراءاته عن الشاعر الكبير، بجانب تميزه في رسم ملامح مميزة للشخصية، ليضفي حالة من التألق في الأداء، والتأثير في وجدان المشاهد، فإن هذا العمل الدرامي لم يلق نصيبه من الاهتمام والدعاية الإعلامية، على الرغم من امتلاكه عناصر النجاح سواء على مستوى النص المكتوب أو الإخراج والتمثيل.

وامتدت تجربة الفيشاوي نحو 40 عاماً، وترك أعمالاً خالدة على صعيد الدراما التلفزيوينة تحديداً، لكنه لم يجعلها تأخذه من حبه لمعشوقته الأولى السينما، أو ينحصر في العمل بها، وكان شديد النضوج في اختياراته الفنية في كل عقد زمني يمر به، ففي الثمانينيات والتسعينيات جسّد الشخصية الانتهازية والنفعية، وأعقبها بأدوار الأب، ثم عاد في السنوات الأخيرة ليصبح «سونيور» يقدم الدعم للشباب أو أصحاب الفرص الأولى في البطولة المطلقة كما حدث في مسلسل «بعد البداية» أول بطولة مطلقة للفنان طارق لطفي، وأيضاً كضيف شرف أو يشارك في العمل كاملاً كما حدث في مسلسل «رأس الغول» مع النجم محمود عبدالعزيز، أو مع الزعيم عادل إمام في مسلسل «عوالم خفية”.

أسرار وحكايات

امتزج مشوار الفيشاوي الفني بحياة شديدة الثراء بتفاصيلها المثيرة، وتصلح لعمل درامي يسرد رحلته مع الحب والزواج والإدمان، وتبدأ بأشهر قصة حب وكفاح في حياة الفتى الوسيم، حين وقف على مسرح الجامعة بطلاً لمسرحية «السندريلا» أمام البطلة الجميلة «سمية الألفي»، وحينئذ كانت طالبة في السنة الأولى بكلية الآداب، وتخطو أولى خطواتها في عالم التمثيل، وخفق قلبه بالحب للمرة الأولى، وأدرك أن مصيره سيرتبط بمصير الطالبة الصغيرة، وستكون «سندريلا» حياته، فبادلته المشاعر ذاتها وجمعتهما قصة حب كبيرة وتحوّلت أحداث المسرحية إلى حقيقة، وتزوجا في عام 1974 مع بداية خطواتهما الأولى في عالم الشهرة.

واستمر زواج فاروق من سمية الألفي مدة 16 عاماً، وأنجب منها أحمد وعمر، وفوجئ الوسط الفني وجمهورهما بانفصالهما عام 1990، وفي العام نفسه تزوّج الفيشاوي من النجمة سهير رمزي، وكان الفيشاوي هو زوجها التاسع، وحصلت منه على الطلاق بعد فترة قصيرة، إثر معاناتها معه بسبب إدمانه المخدرات، وكانت آخر زيجاته من فتاة تُدعى نوران منصور من خارج الوسط الفني، ولم يظهرها كثيراً للإعلام ولم يتحدث عنها حتى انفصل عنها في عام 1998.

ظلت حياة الفيشاوي كتاباً مفتوحاً أمام جمهوره، سواء قصص زيجاته المتعددة أو رحلته مع الإدمان، ودائماً تتخللها مفاجآت تثير الدهشة حول طبيعة هذا الفنان الاستثنائي، والتناغم بين شغفه الدائم للتفرد والإبداع غير النمطي وعدم ارتكانه إلى الاستقرار الأسري، وكانت سمية الألفي الوحيدة التي تحملته، وتفهمت أبعاد شخصيته المتقلبة، واستمرت علاقتهما الوطيدة بعد الانفصال، ورعايتهما المشتركة لنجليهما أحمد وعمر، وكانت السيدة الوحيدة التي وقفت بجانبه في محنته الأخيرة مع المرض اللعين.

أسرار وحكايات الفيشاوي لا تنتهي، ومنها مشروع زواج قديم لم يكتمل من النجمة ليلى علوي، وبدأت قصته عندما تشاركا في بطولة مسرحية «البرنسيسة» عام 1984، وبالفعل تقدم لخطبتها، لكن والدتها رفضت أن تتزوج ابنتها من النجم «الدونجوان» بعد زيجاته المتعددة التي انتهت بالانفصال، وأصابه ذلك بخيبة أمل كبيرة، وحالة من الندم لعدم زواجه من «البرنسيسة».

غاوي مشاكل

وتبقى السينما دائماً صاحبة الإطلالة الخاصة في حياة النجوم، بعكس السنوات الأخيرة التي ارتبطت فيها نجومية الفنانين بالدراما التلفزيونية، والتجربة أثبتت أن عدداً قليلاً من النجوم هم الذين نجحوا في تقديم حالة توازن في عملهم بين السينما والتلفزيون، لعل الراحل فاروق الفيشاوي كان واحداً منهم، فقد بدأ رحلته من دراما الشاشة الفضية، وانطلق منها إلى الشاشة الكبيرة، بمشوار حافل قدّم خلاله العديد من الأعمال التي كشفت مساحات متنوعة في طاقاته التمثيلية والتي زاد وهجها كلما تقدم به العمر.

بدأت رحلة الفيشاوي مع السينما في عام 1980، وشارك في بطولة فيلم «الباطنية» مع النجوم فريد شوقي، ونادية الجندي، ومحمود ياسين، وأحمد زكي، كما شارك في أفلام مهمة منها «غداً سأنتقم»، و«عذاب الحب»، و«فتوة الجبل»، و«غاوي مشاكل»، و«الأشجار تموت واقفة».

وفي عام 1981، تردد الفيشاوي في قبول دور ضابط شرطة في فيلم «المشبوه»، أمام عادل إمام وسعاد حسني، لكن الزعيم أقنعه بتجسيد الشخصية، لاسيما أن هناك مشهداً سيصفق فيه الجمهور للفيشاوي، عندما ينقذ الطفلة، وبالفعل تألق النجم الصاعد، وحقّق الفيلم نجاحاً غير مسبوق لجميع طاقم العمل، لاسيما الفتى الوسيم الذي قام بدور «طارق» ضابط المباحث.

وحقق الفيشاوي رقماً قياسياً عام 1984 حين شارك في 16 فيلماً خلال العام نفسه، ما بين بطولة واستضافة، ومن هذه الأفلام «السطوح» للمخرج حسين عمارة، وبطولة النحم فريد شوقي، وبوسي، وشويكار، ووحيد سيف، وحسن مصطفى، وشارك مع النجمة نادية الجندي في «جبروت امرأة» إخراج نادر جلال، والتقى في «بيت القاضي» مع النجم نور الشريف، ومعالي زايد، وشويكار، ومحمد رضا.

بطل «الجراج» يتعلم لغة الإشارة

قدّم الفنان فاروق الفيشاوي عملين عن ذوي الاحتياجات الخاصة، أولهما فيلم «ديك البرابر» (1992)، سيناريو محمود أبوزيد، وإخراج حسين كمال، وتألق في شخصية الشاب المعاق ذهنياً أمام النجمة نبيلة عبيد والفنان الكبير عبدالله غيث، واستطاع أن يقدّم أداءً أبهر الجمهور والنقاد على حد سواء، وتخلى عن وسامته، كممثل مغامر يعشق التجريب وتعدد الأقنعة.

وكانت التجربة الثانية في فيلم «الجراج» (1995)، مع المخرج علاء كريم، وقام بدور عبدالله «عامل الجراج الأخرس» أمام النجمة نجلاء فتحي « نعيمة» حارسة العمارة، وهي أيضاً أم لسبعة أطفال، أما زوجها «زينهم» فهو عاطل عن العمل ومنحرف خلقياً ومتنكراً لمسؤوليته أمام زوجته وأطفاله، ويسعى للحصول على عقد عمل في الخارج، ويسافر تاركاً أطفاله لأمهم تتحمل وحدها عبء تربيتهم، ويساعدها عبدالله على مواجهة ظروفها الصعبة.

واستعان الفيشاوي بخبير لتعليمه لغة الإشارة الخاصة بذوي الهمم من الصم والبُكم، واكتشف أن هذه الفئة لديها مشاعر خاصة، ولديهم إحساس قوي بمشكلات الآخرين. وتعامل مع أبعاد الشخصية بوعي شديد، وهذا ما عبّر عنه في تعاطفه مع الأم ومشكلاتها مع أبنائها. كما حرص على مقابلة السيدة الحقيقية التي تناول الفيلم قصتها ليعرف منها أدق تفاصيل حياتها التي لم تأتِ في السيناريو.

أحمد الجمَّال

بطل مسلسل «علي الزيبق» حلم بأداء شخصيته على خشبة المسرح

ظهور الفتى الوسيم كضيف شرف في أعمال «الساحر» و«الزعيم» له سر

جمهور السينما صفّق للنجم الصاعد بعد إنقاذه ابن «المشبوه»

«بيرم التونسي» مغامرة درامية للفيشاوي مع نجوم «أهل الهوى»

الإدمان عجّل بانفصال النجمة سهير رمزي عن زوجها التاسع

والدة ليلى علوي رفضت زواج «البرنسيسة» من «الدونجوان»
back to top