مكالمة هاتفية تكشف جريمة مروّعة في مزرعة كلاب

5 لصوص تحالفوا مع الشيطان من أجل حفنة مخدرات

نشر في 29-04-2021
آخر تحديث 29-04-2021 | 00:00
No Image Caption
تحالف اللصوص الخمسة مع الشيطان من أجل حفنة مخدرات، وسددوا طعنات غادرة لصاحب مزرعة الكلاب، وفرّوا من مسرح الجريمة، ومعهم أحد الكلاب، واختفوا بعيداً عن الأنظار، وبعد ساعات قليلة تمكّن رجال المباحث من القبض عليهم، وأسفرت التحقيقات عن اعتراف الجناة بارتكاب جريمتهم البشعة، وأمرت النيابة بحبسهم على ذمة القضية، تمهيداً لمثولهم أمام القضاء، وصدرت ضدهم أحكام متفرقة.
جرت أحداث تلك الجريمة في منطقة أوسيم بمحافظة الجيزة، وشغلت الشارع المصري خلال فترة محاكمة الجناة، وتركت أثرها الدامي في نفوس عائلة المجني عليه، فهم لا يدرون بأي ذنب فقد ابنهم حياته في عمر الزهور، وراح ضحية الغدر من أشخاص تجرّدوا من الرحمة، واقتحموا مزرعته بقصد السرقة، وحين تصدّى لهم، انهالوا عليه طعناً بالأسلحة البيضاء، وتركوه مضرجاً في دمائه، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

كانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، عندما استقل الجناة عربة "توك توك"، وساد بينهم الصمت طوال الطريق، وعقب وصولهم إلى المزرعة، انتظروا قرابة نصف الساعة لكي يتأكدوا من هدوء المنطقة، وتحركوا كأشباح في الظلام ناحية السور، واقتحموا المكان، ووجدوا أن المجني عليه نائم بمفرده داخل غرفته بالمزرعة، بينما انطلق نباح الكلاب، فأسرعوا في تنفيذ الجريمة قبل انكشاف أمرهم.

تتابعت أصداء نباح الكلاب، وانطلق الـ "توك توك" بالجناة، وأحدهم ينظر خلفه بتوجّسٍ، ولا يصدق أنه تحوّل من لص إلى قاتل، وقادته نزعاته الإجرامية إلى تكوين عصابة للسرقة بالإكراه، وكانوا يمارسون جرائمهم تحت ستار الليل، ويقطعون الطريق على شخص عابر، ويسرقون نقوده أو هاتفه تحت تهديد السلاح، ويذهبون لشراء المخدرات، ويفكرون في خطة جديدة لسرقة ضحاياهم من سكان المنطقة.

اختفى الجناة بعد ارتكاب جريمتهم البشعة، وتصاعد الصراخ في منزل أسرة المجني عليه، وتجمّع الجيران لمواساة الأب المصدوم في مصرع ابنه على هذا النحو الأليم، فيما اتجهت الشكوك نحو أصحاب السلوك المنحرف بالمنطقة، وانحصرت في عصابة اللصوص الخمسة.

قبل وقوع الجريمة، تعددت البلاغات المقدمة من المواطنين ضد هؤلاء اللصوص، وصاروا في دائرة الاشتباه، من دون أدلة دامغة على ارتكابهم تلك الجرائم، لكنهم أصبحوا في مرمى الاتهام بعد مقتل صاحب المزرعة، وأدلى المتهم الرئيسي باعترافات تفصيلية عن الجريمة، وأنه تعرّف إلى بقية المتهمين قبل عام واحد، وحدثت بينهم مشاجرة، وأصاب خلالها أحدهم، وبعدها اتفقوا على تكوين العصابة، وبلغ إجمالي سرقاتهم نحو 65 هاتفاً و30 حافظة نقود تحت تهديد السلاح.

وفي أثناء التحقيق، قال المتهم الرئيسي إنهم كانوا يتوخون الحذر في سرقاتهم، ويغيّرون أماكن نشاطهم الإجرامي، حتى لا يسقطوا في قبضة الشرطة، وأنه استشعر أن تلك السرقات لا تفي بثمن المخدرات التي أدمنها، ففكّر في جلب أموال كثيرة من خلال التوسع في نشاطه الإجرامي، ووجد أن كثيراً من الناس يقبلون على شراء الكلاب، وأنها غالية الثمن، فقرّر مع أفراد العصابة سرقة كلبين من مزرعة المجني عليه، وعندما قاومهم صاحبها، انهالوا عليه بالطعنات، وأخذوا معهم الكلب، وبعد ساعات قليلة ألقى رجال الشرطة القبض عليه، وعثروا على "جنزير" الكلب المسروق، وجرى تحريزه كدليل إدانة، فأرشد عن بقية المتهمين.

مسرح الجريمة

سقطت عصابة الخمسة واحداً تلو الآخر، واعترفوا في محضر الشرطة بارتكاب الجريمة، وجرى تحويلهم إلى النيابة التي باشرت التحقيق معهم، وأدلوا باعترافات تفصيلية حول الحادث، وأظهرت المعاينة أن الجثة بها ٥٤ طعنة في أنحاء متفرقة بالجسم، وجرى رفع البصمات، ونقل الجثة إلى مشرحة المستشفى، وانتداب لجنة من الطب الشرعي لتشريحها وبيان سبب الوفاة، وحبس المتهمين على ذمة القضية.

وأعاد المتهمون تمثيل الجريمة في مكان حدوثها، وسط حراسة مشددة، واعترف المتهم الرئيسي بأنهم اقتحموا المزرعة من أجل السرقة، لكنّ المجني عليه خرج من غرفته، واشتبك معهم، وأنهم لم يقصدوا قتله، وأصابهم الخوف من إبلاغه الشرطة، فقيّدوه، ولما كان من السهل أن يتعرّف إليهم، وينتهي بهم الأمر خلف القضبان، سددوا إليه 54 طعنة، حتى تحوّل جسده إلى أشلاء وفارق الحياة، ووقتها شعروا بالخطر المحدق بهم، ففرّوا من مسرح الجريمة ومعهم الكلب المسروق.

وفي الطريق قرروا الاختفاء لفترة، حتى لا تتجه إليهم أصابع الاتهام، وبعدها يستأنفون نشاطهم الإجرامي مجدداً.

وأظهرت التحقيقات أن المتهم الرئيسي (مصطفى) مسجل خطر، وأن سلوكه يميل إلى العنف، وكثير الشجار مع جيرانه، ولديه تأثير قوي في أصدقائه، واستطاع أن يقنعهم بارتكاب جرائم السرقة بالإكراه، وأنه المخطط الأول لاقتحام المزرعة، وهي الجريمة التي أسفرت عن قتل المجني عليه، وبعد هروبهم خافوا من انكشاف أمرهم، فقتلوا الكلب بطريقة غريبة، حيث ربطوه في جذع شجرة، وأعدموه شنقاً، مما ينمّ عن استهانتهم البالغة بأرواح البشر والحيوانات، ثم ألقوا به في مجرى مائي، لكن احتفاظ المتهم بجنزير الكلب، عجّل بسقوطهم واعترافاتهم أمام الشرطة والنيابة.

وقال المتهم إنه اتفق مع بقية المتهمين على سرقة كلب من مزرعة المجني عليه أحمد منتصر (24 عاماً) وبيعه لشراء مخدرات بثمنه، بعد أن ضاقت بهم الحال هو وبقية المتهمين، فاستقل "توك توك" معهم وانطلقوا إلى المزرعة التي يقيم بها المجني عليه، وعقب وصولهم، تسلّق سور المزرعة وقفز بداخلها، ثم فتح الباب حتى يتمكن أصدقاؤه من الدخول، وعقب دخولهم تمكّنوا من سرقة كلب ونقلوه إلى الـ "توك توك"، ثم حاولوا بعد ذلك سرقة كلاب أخرى كانت داخل الغرفة التي ينام فيها المجني عليه، فاقتحموا الغرفة، فشعر بهم المجني عليه وتصدّى لهم، إلا أنهم شلّوا حركته واعتدوا عليه بسكين، وسددوا له أكثر من 54 طعنة في مختلف أنحاء جسده، وقاموا بعد ذلك بوضع الجثة على السرير، ولاذوا بالفرار بعد أن تمكّنوا من سرقة كلب.

وتابع المتهم اعترافه قائلا: "عقب تنفيذ جريمة قتل المجني عليه، اكتشفنا أنا وبقية المتهمين عدم قدرتنا على بيع الكلب الذي سرقناه، وذلك لأنه نوع نادر، وسوف ينكشف أمرنا، مما سيقود ضباط المباحث إلى كشف الجريمة، فقررنا قتل الكلب من خلال شنقه في شجرة، ثم إلقائه في الترعة الموجودة بالمنطقة".

وتطابقت أقوال المتهمين مع اعتراف المتهم الرئيسي، حيث قالوا إنهم اقتحموا المزرعة بغرض السرقة، وأن نشاطهم السابق اقتصر على السرقة بالإكراه، وكان ضحاياهم لا يبدون أية مقاومة تحت تهديد السلاح، وفي كل مرّة يخرجون بحصيلة من النقود والهواتف المحمولة التي يبيعونها ويشترون بثمنها مخدرات، لكن في تلك المرة تبيّن لهم أن سرقة المواطنين أسهل من سرقة الكلاب، ولم يسبق لهم قتل أحد من ضحاياهم، أو طعنِه بسكين، لكن الأمر خرج عن السيطرة، واضطروا لقتل صاحب المزرعة.

وحاول المتهمون المراوغة، ونفي تعمّدهم ارتكاب جريمة القتل، وكأنهم يتعلّقون بخيط واهنٍ للإفلات من العقاب، وبهدوء بالغ اعترف المتهم الرئيسي أنه بعد قتل الكلب، احتفظ بالجنزير على سبيل الذكرى، من دون إدراكه أنه دليل إدانة، وأنه فوجئ بوصول رجال المباحث في وقت قياسي بعد وقوع الجريمة بساعات قليلة، وحينها أدرك أن نفي التهمة لن يفيد، وسيعرّضه لتحمّل مسؤولية الجريمة بمفرده، مما دفعه للإبلاغ عن بقية أفراد العصابة.

أقوال الشهود

كانت الشرطة قد تلقّت بلاغاً من والد المجني عليه، يفيد بواقعة القتل والسرقة، وعلى الفور تحرك رجال المباحث لمعاينة موقع الجريمة، وإخطار النيابة التي باشرت التحقيق مع المتهمين، وأمرت بحبسهم على ذمّة القضية، وبعد اعترافاتهم التفصيلية باراتكاب الجريمة، جرى تحويلهم إلى القضاء.

وجاء في أقوال الشاهد الأول منتصر أحمد فهمي (53 عاماً)، أنه حاول الاتصال بنجله المجني عليه للاطمئنان عليه، فأجابه شخص وأفاده بحدوث إصابته، وعلى الفور ذهب الأب إلى المزرعة، فوجده غارقاً في دمائه، وتبين له اختفاء أحد الحيوانات الموجودة بالمزرعة، فأبلغ الشرطة، وبعد ضبط المتهمين تعرّف إلى "الجنزير" الحديدي الخاص بالحيوان المسروق والمضبوط مع المتهم الأول.

وقال والد المجني عليه إن ابنه كان شخصاً مسالماً، وعلاقته طيبة بأهل المنطقة، وتحوّلت هوايته في تربية الكلاب إلى مشروع تجاري، وتفرّغ تماماً لعمله، وأصبحت لديه سلالات نادرة، منها الكلب المسروق، وكان يقضي كل وقته في المزرعة، وذاعت شهرته في أرجاء المحافظة، حتى طالته يدُ الغدر، ودفع حياته ثمناً لمواجهة هؤلاء اللصوص، لكنهم تجرّدوا من الرحمة، وقتلوه بوحشية من دون وازع من ضمير، وأصابوا أسرته بالحزن وصدمة الفقد، وعزاؤها الوحيد أن يجري القصاص العادل من الجناة، جزاء ارتكابهم تلك الجريمة الآثمة.

وتبيّن من التحريات سلامة أقوال والد المجني عليه، وأن المتهمين الخمسة خططوا لتنفيذ جريمتهم، وهربوا بسيارة "توك توك" بعد أن اقتحموا مزرعة الكلاب، وعقب قتلهم صاحب المزرعة أعدموا الكلب حتى لا ينفضح أمرهم بعد جريمتهم بساعات قليلة، وألقوا جيفة الكلب في إحدى التُرع، وأن الجريمة وقعت في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، كما جاء على لسان مصطفى، المتهم الرئيسي في الواقعة، في أثناء مناقشته أمام النيابة.

وكانت النيابة قد نسبت للمتهمين مصطفى سعيد أحمد وشهرته "مصطفى مجاري" (18 عاماً)، ويوسف محمد عمر (17 عاماً)، عامل، ومحمد عادل أحمد (17 عاماً)، وعلي خالد علي وشهرته "علي حريقة" (20 عاماً)، وسامي محمود (20 عاماً) سائق، أنهم قتلوا أحمد منتصر أحمد فهمي عمداً بعد إتمام مخططهم في سرقة الحيوانات، ولمّا شعر المجني عليه بفعلتهم حاول مقاومتهم والدفاع عن ماله المسلوب، فآثروا التخلص منه، فانهال عليه المتهم الأول والثاني بعدة طعنات متتالية بمعاونة بقية المتهمين ولم يتركوه إلا جثّة هامدة.

كما أسندت النيابة لهم تُهم حمل أسلحة بيضاء (سكين ومطواة وجنزير حديدي) بغير مسوغ قانوني، ووجهت للمتهم الأخير تهم التحريض والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة السرقة ووقوع جريمة القتل كنتيجة محتملة لجريمة السرقة.

وكانت تحريات المباحث قد توصلت إلى تردد المتهم السادس على المزرعة محل عمل المجني عليه، واعتزامه ارتكاب الجريمة مع المتهم الأول الذي وافقه على الجريمة لتحقيق الربح المادي، فاستعان المتهم الأول بالمتهمين من الثاني إلى الخامس لمساعدته على ارتكابها، وحال سرقة المزرعة شعر المجني عليه بالمتهمين، فحاول الاستغاثة حتى بادر المتهم الثاني بتسديد طعنة إليه، محدثاُ إصابته بسلاحه الأبيض (مطواة) وانهال عليه الأول ضرباً بسلاحه الأبيض (سكين) قاصدين التخلص منه، للاستيلاء على المسروقات، وبضبط المتهمين من الأول للخامس أقروا بارتكابهم الواقعة.

وجاء في ملاحظات النيابة أن المتهم الأول أقر بارتكابه الواقعة تفصيليا أثناء التحقيقات.

حكم المحكمة

قضت محكمة جنايات شمال الجيزة، بمعاقبة المتهم مصطفى سعيد أحمد (مجاري)، بالإعدام شنقاً لاتهامه بقتل صاحب مزرعة الكلاب، وذلك بعد إحالة أوراقه في جلسة سابقة إلى مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه.

كما قضت بمعاقبة المتهم الرابع، علي خالد الشهير بـ "حريقة"، بالسجن المؤبد، ومعاقبة المتهمين الثاني والثالث، وهم يوسف محمد عمر، ومحمد عادل أحمد بالسجن 15 عاماً لكل منهما، في حين قضت ببراءة المتهم الخامس سامي محمود.

هشام محمد

المحكمة تقضي بإعدام متهم والسجن لـ 3 وبراءة الخامس

54 طعنة في جسد المجني عليه بعد اقتحام اللصوص المزرعة

قوات الشرطة تقبض على المتهمين في ليلة وقوع الجريمة

جنزير الكلب المسروق في منزل المتهم الأول يتحوّل إلى دليل إدانة
back to top