أم حردوب تخطط لاسترداد صفية ابنة ملك القسطنطينية (11- 30)

العجوز ارتدت ثوب الإيمان وقدّمت للنعمان هدية مسمومة

نشر في 25-04-2021
آخر تحديث 25-04-2021 | 00:00
No Image Caption
توقفت شهرزاد، في الحلقة السابقة، عند سرد حكايات الجواري الخمس اللاتي جلبتهن ذات الدواهي للملك عمر النعمان، وكذلك حكاية العجوز التي ارتدت ثوب الزهاد، فانبهر بأحاديثهن التي جابت آفاق العلم والمعرفة.
وفي هذه الحلقة، أراد النعمان أن يبقي الجواري في قصره، فاشترطت عليه ذات الدواهي الصيام شهرا كاملا مع خراج دمشق، وأعطته كأسا مختومة بها سُم - دون أن يدري - ليشرب منها بعد انقضاء فترة الصوم، وأنها ستأخذ معها الجواري لنيل البركة، فيطلب منها أن تأخذ زوجته صفية معهن لتنال البركة، وتعود ذات الدواهي إلى بلادها بالجواري وصفية... وإلى تفاصيل الحكاية.
لما كانت الليلة الخامسة والخمسون بعد الستمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير دندان قال لضوء المكان: قالت العجوز لوالدك: كان الإمام الشافعي يقول: وددت أن الناس ينتفعون بهذا العلم، على ألا ينسب إليّ منه شيء، وقال: "ما ناظرت أحداً إلا أحببت أن يوفقه الله تعالى للحق ويعينه على إظهاره، وما ناظرت أحداً قط إلا لأجل إظهار الحق، وما أبالي أن يبين الله الحق على لساني أو على لسانه"، وقال رضي الله تعالى عنه: "إذا خفت على علمك العجب، فاذكر رضا من تطلب وفي أي نعيم ترغب ومن أي عقاب ترهب".

مودة الجبابرة

اقرأ أيضا

وقيل لأبي حنيفة إن أمير المؤمنين أبا جعفر المنصور قد جعلك قاضياً ورسم لك بعشرة آلاف درهم فما رضي، فلما كان اليوم الذي توقّع أن يؤتى إليه فيه بالمال، صلى الصبح ثم تغشى بثوبه فلم يتكلم، ثم جاء رسول أمير المؤمنين بالمال، فلما دخل عليه وخاطبه لم يكلمه، فقال له رسول الخليفة: إن هذا المال حلال، فقال: اعلم أنه حلال لي، لكنني أكره أن تقع في قلبي مودة الجبابرة، فقال له: لو دخلت إليهم وتحفّظت من ودّهم، قال: هل آمن أن ألج البحر ولا تبتل ثيابي؟ من كلام الشافعي رضي الله عنه:

ألا يا نفسُ إن ترضَي بقولي

فأنت عزيزة أبـداً غـنـية

دعي عنك المطامع والأماني

فكمْ أمنيَّة جلبـت مَـنـيَّة

نصائح

ومن كلام سفيان الثوري فيما أوصى به علي بن الحسين السلمي: "عليك بالصدق، وإياك والكذب والخيانة والرياء، فإن العمل الصالح يحبطه الله بخصلة من هذه الخصال، ولا تأخذ دينك إلا عمن هو مشفق على دينه، وليكن جليسك من يزهدك في الدنيا، وأكثر ذكر الموت وأكثر الاستغفار، واسأل الله السلامة فيما بقي من عمرك، وانصح كل مؤمن إذا سألك عن أمر دينه، وإياك أن تخون مؤمناً، فإن من خان مؤمناً فقد خان الله ورسوله، وإياك الجدال والخصام، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك تكن سليماً، وأمُر بالمعروف وانْهَ عن المنكر تكن حبيب الله، وأحسن سريرتك يُحسن الله علانيتك، واقبل المعذرة ممن اعتذر إليك، ولا تبغض أحداً من المسلمين، وصِلْ من قطعك واعفُ عمّن ظلمك تكن رفيق الصالحين، وليكن أمرك مفوضاً إلى الله في السر والعلانية، واخش الله خشية من قد علم أنه ميت ومبعوث وسائر إلى الحشر والوقوف بين يدي الجبار، واذكر مصيرك إلى إحدى الدارين، أما إلى جنة عالية، وإما إلى نار حامية".

الملك الكريم

ثم إن العجوز جلست إلى جانب الجواري، فلما سمع والدك المرحوم كلامهن، علم أنهن أفضل أهل زمانهن، ورأى حسنهن وجمالهن وزيادة أدبهن فآواهن إليه، وأقبل على العجوز فأكرمها وأخلى لها هي وجواريها القصر الذي كانت فيه الملكة إبريزة بنت ملك الروم، ونقل إليهن ما يحتجن إليه من الخيرات، فأقامت عنده 10 أيام، وكلما دخل عليها وجدها معتكفة على صلاتها وقيامها في ليلها وصيامها، فوقعت في قلبه محبتها، وقال لي: يا وزير إن هذه العجوز من الصالحات، وقد عظمت في قلبي مهابتها.

فلما كان اليوم الحادي عشر، اجتمع بها من جهة دفع ثمن الجواري إليها، فقالت له: أيها الملك اعلم أن ثمن هذه الجواري فوق ما يتعامل الناس به، فإني ما أطلب فيهن ذهباً ولا فضة ولا جواهر، فلما سمع والدك كلامها تحير، وقال: أيها السيدة وما ثمنهن؟ قالت: ما أبيعهن لك إلا بصيام شهر كامل تصوم نهاره وتقوم ليله لوجه الله تعالى، فإن فعلت ذلك فهنّ لك في قصرك، فتعجب الملك من زهدها وورعها وعظمت في عينه، وقال: نفعنا الله بهذه المرأة الصالحة، ثم اتفق معها على أن يصوم الشهر كما اشترطته عليه. فقالت: وأنا أعينك بدعوات أدعو بهن لك، فائتني بكوز ماء، فأخذته وقرأت عليه وهممت وقعدت ساعة تتكلم بكلام لا نفهمه ولا نعرف منه شيئاً، ثم غطّته بخرقة وختمته وناولته لوالدك، وقالت له: إذا صمت العشرة الأولى فأفطر في الليلة الحادية عشرة على ما في هذا الكوز، فإنه ينزع حب الدنيا من قلبك ويملأه نوراً وإيماناً.

رجال صالحون

وقالت أم الدواهي: في غد أخرج إلى إخواني وهم من الصالحين المعتكفين، فإني اشتقت إليهم ثم أجيء إليك، إذا مضت العشرة الأولى، فأخذ والدك الكوز ثم نهض وأفرد له خلوة في القصر، ووضع الكوز فيها وأخذ مفتاح الخلوة في جيبه، فلما كان النهار صام السلطان وخرجت العجوز إلى حال سبيلها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

الحلاوة الخضراء

ولما كانت الليلة السادسة والخمسون بعد الستمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير دندان قال لضوء المكان: فلما كان النهار صام وخرجت العجوز في حال سبيلها، وأتم الملك صوم الأيام العشرة، وفي اليوم الحادي عشر فتح الكوز وشربه، فوجد له في فؤاده فعلاً جميلاً، وفي الأيام العشرة الثانية من الشهر جاءت العجوز ومعها حلاوة في ورق أخضر يشبه ورق الشجر، فدخلت على والدك وسلّمت عليه، فلما رآها قام، وقال لها: مرحباً بالسيدة الصالحة، فقالت له: أيها الملك إن أخوتي يسلّمون عليك لأني أخبرتهم عنك، ففرحوا بك وأرسلوا معي هذه الحلاوة، وهي من حلاوة لذيذة، فأفطر عليها في آخر النهار، ففرح والدك فرحاً زائداً، وقال: الحمد لله الذي جعل لي إخواناً من رجال الصالحين، ثم شكر العجوز وأكرمها وأكرم الجواري غاية الإكرام.

رحيل صفية

ثم مضت مدة عشرين يوماً وأبوك صائم، وعند رأس العشرين يوماً أقبلت عليه العجوز، وقالت: أيها الملك اعلم أني أخبرت رجال الغيب بما بيني وبينك من المحبة، وأعلمتهم بأني تركت الجواري عندك، ففرحوا حيث كانت الجواري عند ملك مثلك، لأنهم إذا رأوهن يبالغون في الدعاء المستجاب، فأريد أن أذهب بهن إلى المعتكف ليحصلن على البركة، وربما أنهن لا يرجعن إليك إلا ومعهن كنز من كنوز الأرض حتى أنك بعد تمام صومك تشتغل بكسوتهن وتستعين بالمال الذي يأتيك به على أغراضك، فلما سمع والدك كلامها شكرها على ذلك، وقال لها: لولا أني أخشى مخالفتي لك ما رضيت بالكنز ولا بغيره، ولكن متى تخرجين بهن؟ فقالت له: في الليلة السابعة والعشرين، فأرجع بهن إليك في رأس الشهر، وتكون أنت قد أوفيت الصوم وحصل استبراؤهن وصرن لك وتحت أمرك، والله إن كل جارية ثمنها أعظم من ملكك مرات، فقال لها: وأنا أعرف ذلك أيتها السيدة الصالحة، فقالت له: بعد ذلك لا بدّ أن ترسل معهن من يعزّ عليك من القصر حتى يلتمس البركة من الرجال الصالحين، فقال لها: عندي جارية رومية اسمها صفية ورزقت منها بولدين أنثى وذكر، لكنهما فُقدا منذ سنتين، فخذيها معهن لأجل أن تحصل البركة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

الكأس المسمومة

ولما كانت الليلة السابعة والخمسون بعد الستمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال لضوء المكان إن والدك قال للعجوز: لعل إخوتي يدعون الله لها بأن يرد عليها ولديها ويجمع شملنا بهما، فقالت العجوز: نعم ما قلت، وكان ذلك أعظم غرضها، ثم إن والدك أخذ في تمام صيامه، فقالت له: يا ولدي إني متوجهة إلى الرجال الصالحين، فأحضر لي صفية، فدعا بها في ساعتها فسلّمها إلى العجوز فخلطتها بالجواري، ثم دخلت العجوز مخدعها وخرجت للسلطان بكأس مختومة وناولتها له، وقالت: إذا كان يوم الثلاثين فادخل الحمام ثم أخرج منه وادخل خلوة من الخلاوي التي في قصرك، واشرب هذه الكأس، وثم فقد نلت ما تطلب والسلام منّي عليك.

خلوة النعمان

فعند ذلك فرح الملك وشكرها وقبّل يدها، فقالت له: أستودعك الله فقال لها: ومتى أراك أيتها السيدة الصالحة، فإني أود ألا أفارقك؟ فدعت له وتوجهت ومعها الجواري والملكة صفية، وقعد الملك بعدها ثلاثة أيام، ثم قام ودخل الحمام وخرج منه إلى الخلوة التي في القصر، وأمر ألا يدخل عليه أحد، وردّ الباب عليه ثم شرب الكأس ونام، ونحن قاعدون في انتظاره إلى آخر النهار، فلم يخرج من الخلوة، قلنا: لعله تعبان من الحمام ومن سهر الليل وصيام النهار، فبسبب ذلك نام، فانتظرناه ثاني يوم فلم يخرج، فوقفنا بباب الخلوة وأعلنّا برفع الصوت لعله ينتبه ويسأل عن الخبر، فلم يحصل منه صوت، فخلعنا الباب ودخلنا عليه فوجدناه قد تمزّق لحمه وتفتت عظمه.

ورقة تكشف الحيلة

فلما رأيناه على هذه الحالة عظم علينا ذلك، وأخذنا الكأس فوجدنا في غطائها قطعة من ورق مكتوباً فيها: من أساء لا يستوحش منه، وهذا جزاء من يحتال على بنات الملوك ويفسدهن، والذي نعلم به كل من وقف على هذه الورقة، إن شركان لما جاء بلادنا أفسد علينا الملكة إبريزة، وما كفاه ذلك حتى أخذها من عندنا وجاء بها إليكم، ثم أرسلها مع عبد أسود فقتلها ووجدناها مقتولة في الخلاء مطروحة على الأرض، فهذا ما هو فعل الملوك، وهذا جزاء من يفعل هذا الفعل إلا ما حلّ به، وأنتم لا تتهموا أبداً بقتله، ما قتله إلا ذات الدواهي، وها أنا أخذت زوجة الملك صفية ومضيت بها إلى والدها أفريدون ملك القسطنطينية، ولا بدّ أن نغزوكم ونقتلكم ونأخذ منكم الديار، فتهلكون عن آخركم.

نحيب وبكاء

فلما قرأنا هذه الورقة، علمنا أن العجوز خدعتنا، وتمت حيلتها علينا، فعند ذلك صرخنا ولطمنا على وجوهنا وبكينا، فلما يُفدنا البكاء شيئاً، واختلفت العساكر فيمن يجعلونه سلطاناً عليهم، فمنهم من يريدك، ومنهم من يريد أخاك شركان، ولم نزل في هذا الاختلاف مدة شهر، ثم جمعنا بعضنا وأردنا أن نمضي إلى أخيك شركان، فسافرنا إلى أن وجدناك. وهذا سبب موت الملك عمر النعمان.

تشجيع الحاجب

فلما فرغ الوزير من كلامه، بكى ضوء المكان وأخته نزهة الزمان، وبكى الحاجب أيضاً، ثم قال الحاجب لضوء المكان: أيها الملك إن البكاء لا يفيدك شيئاً، ولا يفيدك إلا أن تشد قلبك وتقوي عزمك وتؤيد مملكتك ومن خلف ذلك، فعند ذلك سكت عن بكائه، وأمر بنصب السرير خارج الدهليز، ثم أمر أن يعرضوا عليه العساكر ووقف الحاجب بجانبه والسلحدارية من ورائه، ووقف الوزير دندان قدامه، ووقف كل واحد من الأمراء وأرباب الدولة في مرتبته.

خزائن النعمان

ثم إن الملك ضوء المكان قال للوزير دندان: أخبرني بخزائن أبي، فقال: سمعاً وطاعة، وأخبره بخزائن الأموال وبما فيها من الذخائر والجواهر، وعرض عليه ما في خزانته وما فيها من الذخائر والجواهر، وعرض عليه ما في خزانته من الأموال، فأنفق على العساكر، وخلع على الوزير دندان خلعة سنيّة، وقال له: أنت في مكانك، فقبّل الأرض بين يديه ودعا له بالبقاء، ثم خلع على الأمراء، ثم إنه قال للحاجب: اعرض عليّ الذي معك من خراج دمشق، فعرض عليه صناديق المال والتحف والجواهر، فأخذها وفرّقها على العساكر، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

الاستعداد للحرب

ولما كانت الليلة الثامنة والخمسون بعد الستمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن ضوء المكان أمر الحاجب أن يعرض عليه ما أتى به من خراج دمشق، فعرض عليه صناديق المال والتحف والجواهر، فأخذها وفرّقها على العساكر، ولم يبق منها شيئاً، فقبّل الأمراء الأرض بين يدي ضوء المكان ودعوا له بطول البقاء، وقالوا: ما رأينا ملكاً يعطي مثل هذه العطايا، ثم إنهم مضوا إلى خيامهم، فلما أصبحوا أمرهم بالسفر فسافروا ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع أشرفوا على بغداد فدخلوا المدينة، فوجدوها قد تزينت، وطلع السلطان ضوء المكان قصر أبيه وجلس على السرير ووقف أمراء العسكر والوزير دندان وحاجب دمشق بين يديه، فعند ذلك أمر كاتب السر أن يكتب كتاباً إلى أخيه شركان، ويذكر فيه ما جرى من الأول إلى الآخر، ويذكر في آخره، وساعة وقوفك على هذا المكتوب تجهّز أمرك وتحضر بعسكرك حتى نتوجه إلى غزو الروم، ونأخذ منهم الثأر ونكشف العار.

عودة شركان

ثم طوى الكتاب وختمه، وقال للوزير دندان: ما يتوجه بهذا الكتاب إلا أنت، لكن ينبغي أن تتلطف به في الكلام، وتقول له: إن أردت مُلك أبيك فهو لك، وأخوك نائباً عنك في دمشق، كما أخبرنا بذلك. فنزل الوزير دندان من عنده وتجهز للسفر، ثم إن ضوء المكان أمر أن يجعلوا للوقاد مكاناً حسناً ويفرشوه بأحسن الفرش.

ثم إن ضوء المكان توجه يوماً إلى الصيد والقنص، فقدّم له بعض الأمراء من الخيول والجياد، وبعد مدة عاد الوزير دندان من سفره، وأخبره بخبر أخيه شركان، وإنه قادم عليه وقال له: ينبغي أن تخرج وتلاقيه، فقال له ضوء المكان: سمعاً وطاعة، فخرج إليه مع كبار دولته من بغداد مسيرة يوم، ثم نصب خيامه هناك لانتظار أخيه، وعند الصباح أقبل الملك شركان في عساكر الشام ما بين فارس مقدام وأسد ضرغام وبطل مصدام، فلما أشرفت الكتائب وقدمت النجائب وخفقت أعلام المراكب، توجّه ضوء المكان هو ومن معه لملاقاتهم، فلما عاين ضوء المكان أراد أن يترجل إليه، فأقسم عليه شركان ألا يفعل ذلك، وترجّل شركان ومشى نحوه، فلما صار بين يدي ضوء المكان رمى ضوء المكان نفسه عليه فاحتضنه شركان إلى صدره وبكيا بكاء شديداً وعزّى كل منهما الآخر.

وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.

استدعاء الجيوش

ثم ركب شركان وضوء المكان، وسار العسكر معهما إلى أن أشرفوا على بغداد ونزلوا، ثم تقدّم ضوء المكان هو وأخوه شركان إلى قصر الملك وباتا تلك الليلة، وعند الصباح نهض ضوء المكان، وأمر أن يجمعوا العساكر من كل ناحية وينادوا بالغزو والجهاد، ثم أقاموا ينتظرون مجيء الجيوش من سائر البلدان، وكل من حضر يكرمونه ويعدونه بالجميل، إلى أن مضى على تلك الحال مدة شهر كامل والقوم يأتون أفواجاً متتابعة، ثم قال شركان لأخيه: يا أخي أعلمني بقضيتك، فأعلمه بجميع ما وقع له من الأول إلى الآخر، وبما صنعه معه الوقاد من المعروف، فقال له: يا أخي ما كافأته إلى الآن، ولكن أكافئه إن شاء الله تعالى لما أرجع من الغزوة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

ولما كانت الليلة التاسعة والخمسون بعد الستمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن شركان قال لأخيه ضوء المكان: أما كافأت الوقاد على معروفه؟ فقال له: يا أخي ما كافأته إلى الآن، ولكن إن شاء الله تعالى لما أرجع من الغزوة وأتفرغ له، فعند ذلك عرف شركان أن أخته نزهة الزمان صادقة في جميع ما أخبرته به، ثم كتم أمره وأمرها، وأرسل إليها السلام مع الحاجب زوجها، فبعثت له أيضاً معه السلام ودعت له، ورجع شركان إلى أخيه يشاوره في أمر الرحيل، فقال له: يا أخي لما تتكامل العساكر وتأتي العربان من كل مكان، ثم أمر بتجهيز الميرة وإحضار الذخيرة ودخل ضوء المكان إلى زوجته، وكان مضى لها خمسة أشهر، وجعل أرباب الأقلام وأهل الحساب تحت طاعتها، ورتّب لها الجرايات والجوامك، وسافر في ثالث شهر من حين نزول عسكر الشام بعد أن قدمت العربان وجميع العساكر من كل مكان، وسارت جيوش النعمان وعساكره، وتتابعت الجحافل، وكان اسم رئيس عسكر الديلم رستم، واسم رئيس عسكر الترك بهرمان.

الجريدة - القاهرة

ذات الدواهي أوهمت النعمان بأن لها إخوة من الرجال الصالحين

الحرباء تطلب خَراج دمشق مقابل الجواري الفاتنات

الملك يوافق على إرسال صفية مع الجواري لتنال البركة

ورقة كُتب عليها «جزاء من يحتال على بنات الملوك ويفسدهن»... كشفت حيلة ذات الدواهي

شركان جمع في جيشه كلّ فارس مقدام وأسد ضرغام وبطل مصدام
back to top