محمد كوتوفادمي: نجيب محفوظ أبهرني بـ «أولاد حارتنا»

نشر في 07-04-2021
آخر تحديث 07-04-2021 | 00:02
عشقه للحروف العربية بدأ منذ الصغر، فقرّر أن يكرّس حياته لخدمة لغة الضاد، حيث قرأ العديد من كتب مبدعيها، والتحق بجامعة معدن الثقافة الإسلامية في ولاية كيرالا الهندية، ولم يكتف بذلك، بل ترجم ديواناً لابن جلدته الشاعر وِبِين شاليبُرمي، ويحلم باستكمال دراسته في جامعة الأزهر الشريف بمصر... إنه الأديب والمترجم الهندي الشاب محمد رافع كوتوفادمي، الذي أكد في حوار لـ«الجريدة» أن اللغة العربية جزء من حياته ولا يستطيع العيش من دونها، معبراً عن انبهاره بأدب نجيب محفوظ، خصوصاً روايته الأشهر «أولاد حارتنا»... وفيما يلي نص الحوار:

• لماذا اخترت التخصص في اللغة العربية؟

- منذ نعومة أظفاري، كانت اللغة العربية بالنسبة إليّ جزءاً لا يتجزأ من حياتي، فهي لغة تنفرد من بين اللغات الأخرى بأسلوبها الأنيق وهندامها الشيق، إضافة إلى أنها لغة القرآن، ما دفعني لاختيار هذا التخصص، خصوصاً مع التشجيع الذي قدمه لي الدكتور إبراهيم خليل البخاري، مؤسس ورئيس جامعة معدن الثقافة الإسلامية بولاية "كيرالا" الهندية، فهو يشجع دائماً على تعلم اللغة العربية.

• هل تقوم بترجمة النصوص الإبداعية من الهندية إلى العربية فقط أم العكس أيضاً؟

- دائماً أفضل الترجمة من الهندية (المليالمية) إلى العربية، العكس أيضا يحدث أحياناً.

• من واقع عملك باحثاً ومترجماً، ما أوجه التشابه بين اللغتين والثقافتين العربية والهندية؟

- لقد اتصل العرب بالهند وأهلها منذ العصور القديمة، وتداخلت العربية حتى أصبحت لغة تُكتَسبُ بالتعلم والدراسة، وكنتيجة حتمية لذلك أثرت اللغة العربية بشكل كبير في اللغات والثقافة الهندية، ويمكن أن نكتشف ألفاظاً لا تُحصى ترجع جذورها إلى اللغة العربية، كما نجد أن هناك متشابهات على مستوى الثقافة والفنون بين الهند والعالم العربي، ولا شك أن اللغة العربية انتشرت في المجتمع الهندي بفضل العلاقة الوطيدة بين الجانبين.

• ما أبرز الصعوبات التي تواجهك في الترجمة: اختيار النص، أم تقنية كتابة النص الأصلي، أم صعوبات النحو والصرف؟

- تقنية الكتابة في النص الأصلي تقف حجر عثرة أمامي في الترجمة، ففي البداية كنت أواجه هذه المشكلة بشكل كبير، لكنني واصلتُ عملي بهمةٍ، كما أن ممارستي المستمرة للترجمة مهَّدت لي الطريق لأن يصبح الأمر سهلاً تدريجياً، وعموماً ما زالت أحاول قصارى جهدي اجتياز هذه الصعوبات، وأعتقد أن عملية الترجمة ستصبح أكثر سهولة مستقبلاً.

• أنت من أبناء الجنوب في الهند الذين يتحدثون اللغة المَليالمية، حدثنا عن تعدد اللغات في بلادك، وهل عملك مقتصر على الترجمة من المليالمية إلى العربية؟

- المعروف لدى الجميع أن الهند تتمتع بثقافات مختلفة ولغات عدة، حتى أن لكل ولاية لغة وثقافة خاصة، أنا أنتمي إلى ولاية "كيرالا" ولغتي الأم هي المليالمية، بالتالي لدينا ثقافة خاصة. وفي الوقت نفسه فإن الولايتين المجاورتين لكيرالا (تاميل نادو، كرنادكا) لغتاهما مختلفتان وتسميان "تاميلوا" و"كنتا"، أما الهندية فهي لغة أكثر استخداماً في الهند، وحالياً عملي لا يقتصر على الترجمة من اللغة الهندية إلى العربية فقط، بل أقوم بترجمة نصوص إبداعية إنكليزية إلى العربية أيضاً.

• مَنْ أبرز المبدعين العرب الذين قرأت لهم وربما تترجم أعمالهم إلى اللغة الهندية مستقبلاً؟

- قرأت كتب المنفلوطي، كما قرأت للأديب الفلسطيني أدهم شرقاوي والكاتب السعودي محمد الرطيان والسوري علي الطنطاوي وغيرهم، وأكثر ما أعجبني كان كتب شرقاوي، إذ إن لها نكهة خاصة عن غيرها في الأدب العربي، وترجمة أعمالهم إلى الهندية حلم حياتي. أنا على يقين أنني سأحقق هذه الأمنية في المستقبل بإذن الله. وهناك كتاب عرب كثيرون يجب أن تنقل أعمالهم إلى اللغة الهندية كي يقرأ الهنود الأدب العربي.

• لكن هناك أعمالاً كثيرة لأديب "نوبل" نجيب محفوظ نقلت إلى الهندية... فهل وصل أحدها إلى يديك؟

- نعم، قرأت له رواية "أولاد حارتنا"، وقد انبهرت بها، إذ إن له أسلوباً فريداً في السرد، وهو بالفعل كاتب مختلف، وأعجبني ما يكتبه جداً.

• ما أبرز الأعمال التي نقلتها إلى اللغة العربية حتى الآن؟

- ترجمت قصائد للشاعر الهندي وِبِين شاليبُرمي إلى العربية في ديوان يحمل عنوان "بعد الموت" سيصدر عن دار الحرف للنشر والتوزيع بالسعودية خلال الشهرين المقبلين، كما سبق أن نقلت نصوصاً لمبدعين هنود آخرين إلى العربية في بداية عملي بالترجمة لا أتذكرها حالياً بدقة. وسيصدر

• وكيف كانت تجربتك الأولى في ترجمة قصائد شاليبُرمي؟

- تجربة جيدة رغم أنها كانت صعبة، كما أكسبتني خبرة لمواجهة الصعوبات في مجال الترجمة، وعموماً أنا سعيد جداً لإصدار كتابي الأول في العالم العربي.

• حتى الآن لم تسافر إلى أي بلد عربي، إلى أي مدى ساعدتك الوسائط الإلكترونية الحديثة مثل "فيسبوك" في التواصل مع الحياة الثقافية مع العالم العربي؟

- لسوء حظي لم أسافر بعد إلى أي بلد عربي، يظل هذا الحلم في ذهني، لطالما أشتاق أن أستنشق هواء الوطن العربي، ولكن الأمل يبقي وسوف تقر عيناي برؤية بلدان عربية مباشرة. تجدر الإشارة هنا إلى أهمية الوسائط الإلكترونية الحديثة في حياتي الثقافية. لا سيما "فيسبوك" الذي منحني فرصا غير محدودة إضافة إلى أنني تمكنت من خلاله من التواصل مع الأدباء والشعراء العرب مباشرة. بفضل هذه العلاقات المتسعة نشرت إبداعاتي في جرائد ومجلات عربية. قائمة أصدقائي على "فيسبوك" مملوءة بالعرب فقط، ومن بينها المبدعون المشهورون مثل هدى بركات، وسعود السنعوسي وإنعام كجه جي، وغيرهم، لا محل للهنود هناك.. ولا أنشر على حسابي إلا باللغة العربية، يمكن القول إن هذا العالم الأزرق جعلني أكثر إبداعا في اللغة العربية.

• هل ستكتفي بالترجمة فقط أم تخطط للكتابة الإبداعية بالعربية؟

- أبداً، فأنا أكتب القصص القصيرة والمقالات والقصائد باللغة العربية مباشرة، وخلال الفترة الأخيرة خرجت إبداعاتي ومقالاتي إلى النور عبر مجلات وجرائد عربية، تصدر في الكويت والسعودية والإمارات والأردن وقطر.

• بعدما انتهيت من ترجمة ديوان شاليبُرمي، ما الخطوة التالية؟

- هذه خطوة أولى فقط، وسأواصل الكتابة والإبداع باللغة العربية إلى أن أحقق حلمي في أن أصبح مبدعاً بهذه اللغة، لا أتمكن من الحياة إلا بالعربية، فقد أصبحت جزءاً من حياتي، أما الخطوة التالية فهي أن يصدر لي ديوان شعر بالعربية يحمل توقيعي في العالم العربي.

أحمد الجمَّال

كتب أدهم شرقاوي لها نكهة خاصة وأحلم بترجمة المنفلوطي إلى «الهندية»
back to top