عندما تكذب الأرقام

للأرقام دور رئيس في تشكيل حياتنا على وجه العموم وصياغة أحداث أيامنا على وجه الخصوص، فمنها ما يسهل قراءته وفهمه مثل درجة الحرارة أو تقييم تطبيق (Google maps) لأحد المطاعم، ومنها ما يستعصي فهمه وفك أسراره مثل نسبة الوفيات من ضحايا فيروس كورونا، كفانا الله وإياكم شره.

أخص في هذا السياق، الاستبيانات التي لا يمر يوم دون أن ننجرف في تيار المشاركة بأحدها، حيث كثر في الآونة الأخيرة استخدام البعض للاستبيانات على شبكات التواصل الاجتماعي من مثل (Twitter poll) والاستشهاد بها في الكثير من المحافل السياسية والتخصصية، والأعجب من هذا مطالبة بعض الناشطين بتغيير قانون أو لائحة مستشهدين بنتائج استبياناتهم، لذلك وجب التطرق لمثل تلك المسائل والتفصيل فيها لما لها من أهمية بالغة في تغيير القناعات وتوجيه الآراء.

في السطور القادمة سأتحدث عن أهم الطرق العلمية للتمييز بين نتائج الاستبيانات السليمة من الملوثة:

أولاً، صياغة السؤال وطريقة عرضه تؤثر في نتائج الاستبيان، مما أذكر أنه قبل انقضاء العام الماضي طرحت (القبس) استبيانا عبر حسابها في (تويتر) نصه: "هل أنت مستعد لأخذ لقاح كورونا في حال وصوله الكويت؟"، الجدير بالذكر هنا هي كلمة مستعد، فالاستعداد قد يعني عدة أمور وقد يأخذ عدة أوجه، فهل الاستعداد هنا هو الاستعداد الصحي؟ أم يقصد به تقبل فكرة اللقاح من الأصل؟ وعلينا الحذر من نتائج مثل تلك الاستبيانات التي لا ينتج عنها نتائج دقيقة.

ثانيا، عدد الاختيارات المتاحة تؤدي دوراً مهماً في تحديد نتائج أي استبيان، فتقييد عدد الاختيارات قد يجعل المشارك يختار ما لا يعكس واقعه، وهذا ما نلاحظه في الاستبيانات الثنائية والتي تقيد المشارك في أن يختار بين (نعم) أو (لا) مثلا، والعكس صحيح أيضاً، فالكثير من الاختيارات قد يشل قدرة المشارك في تحديد الاختيار الأنسب.

وهذا- بدوره- يقودنا الى التساؤل الثالث وهو الشريحة المستهدفة أو ما يسمى العينة "Sample"، فإذا كان لطريقة عرض السؤال- كما ذكرت أعلاه- تأثير فللسائل تأثيرٌ أكبر، وبالتالي لا يمكننا أن نستند إلى مثل تلك الاستبيانات ونعمم نتائجها، لأن العينة المستهدفة في هذه الحالة غير تمثيلية. نلاحظ مثل هذه الأخطاء بشكل متكرر عندما يدعو سياسي متابعيه على أحد منصات التواصل للمشاركة في استبيان للقيام بتعديل قانون أو لائحة.

ختاماً، يجب علينا عند قراءة نتائج أي استبانة البدء بطرح التساؤلات المذكورة أعلاه، وأنا بذلك لا أقلل من أهمية الاستبيانات في تسهيل عملية وصولنا لنتائج فاعلة، فهي سلاح ذو حدين.

بدر ناصر بوقماز