بوتين لبايدن: جيناتنا مختلفة... وأتمنّى لك الصحة

مطالبات روسية باعتذار وتوضيح... وواشنطن «المرتبكة» لن تستدعي سفيرها

نشر في 19-03-2021
آخر تحديث 19-03-2021 | 00:04
أبراج الكرملين ومبنى وزارة الخارجية الروسية كما بدت أمس  (أ ف ب)
أبراج الكرملين ومبنى وزارة الخارجية الروسية كما بدت أمس (أ ف ب)
رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تصريحات نظيره الأميركي، التي وصفها فيه بأنه قاتل، وسط سجال من شأنه تسريع دخول العلاقات الروسية-الأميركية في دوامة توتر جديدة.
تفاعلت الأزمة بين واشنطن وموسكو، بعد تعليقات لاذعة من الرئيس الأميركي جو بايدن وصف فيها نظيره الروسي بأنه قاتل، ما دفع موسكو الى استدعاء سفيرها في واشنطن للتشاور.

وفي تصريحات تلفزيونية، رد بوتين أمس على بايدن بأسلوبه الخاص، متمنياً له الصحة، في إشارة على ما يبدو الى سن بايدن (78 عاماً)، الذي يعتبر اكبر رئيس أميركي.

وقال بوتين، الذي يتباهى بممارسته الرياضة وقتال الجودو: "بشأن تصريحات زميلي الأميركي، فماذا أرد عليه؟ سأقول له كن معافى! أتمنى لك الصحة".

وأضاف: "القاتل هو من يصف الآخر بذلك"، متابعا: "هذه ليست مجرد عبارة طفولية أو مزحة (...) دائما نرى مواصفاتنا في شخص آخر، ونعتقد أنه مثلنا".

وأوضح: "الولايات المتحدة تظن أننا مثلها، ولكن لدينا شفرة جينية مختلفة"، مشيراً إلى أنه سيتعين على الولايات المتحدة أن تحسب حساباً لروسيا.

وأضاف أن موسكو لن تقطع علاقاتها بواشنطن، بل ستعمل مع الولايات المتحدة بناء على ما يصب في "مصلحة" بلاده.

وأكمل متحدثاً عن المؤسسة الأميركية: "الأميركيون الأفارقة يتعرضون للظلم والإبادة حتى الآن".

وأشار بوتين إلى أنه في التاريخ الأميركي كانت هناك "فترة صعبة للغاية وطويلة وقاسية من العبودية"، متابعاً: "كل هذا يمر عبر التاريخ، يصاحب حياة الولايات المتحدة حتى يومنا هذا، وإلا من أين جاء حركة حياة السود مهمة".

من ناحيته، قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس، إن "تصريحات الرئيس الأميركي سيئة للغاية ولا سابق لها. من الواضح أنه لا يريد تحسين العلاقات مع بلدنا"، مضيفاً: "من هذا المبدأ سننطلق من الآن فصاعداً".

وأوضح بيسكوف أن السفير الروسي لدى واشنطن، أناتولي أنتونوف، الذي تم استدعاؤه للتشاور، سيعود غداً إلى موسكو، وسيبقى هناك لعدة أيام وقد يجتمع مع بوتين شخصيا إذا لزم الأمر.

بدورها، أشارت الناطقة باسم الخارجية الروسية الى أن استدعاء سفير هو أمر نادر في الدبلوماسية الروسية، مضيفة: "لا أذكر انه تم القيام بمثل هذه الخطوة".

وأوضحت أن "المشاورات لن تكون فقط في وزارة الخارجية، ولكن أيضا في مختلف الوزارات. وستستغرق الوقت الذي يجب أن تستغرقه".

اما نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي، قسطنطين كوساتشوف، فقد طالب باعتذار أميركي وتوضيحات، مؤكداً أن استدعاء السفير لن يكون رد الفعل الأخير إذا لم تقم واشنطن بالاعتذار.

وفي تعليقه على وصف بوتين بالقاتل، تساءل كوساتشوف: "لماذا لا يعلق بايدن على قيام الولايات المتحدة بإسقاط قنبلة في أي مكان من العالم كل 12 دقيقة؟".

وفي مؤتمر صحافي خصصه للتعليق على "الاستفزاز والفظاظة الدبلوماسية غير المسبوقة"، قال زعيم الحزب الشيوعي الروسي المعارض غينادي زيوغانوف إن "اتهام الشخص الأول والزعيم والرئيس بالقتل هو أمر غير مقبول من أي وجهة نظر، بل هو تحد لكل مواطن روسي".

أما زعيم الحزب الديمقراطي الليبيرالي الروسي، فلاديمير جيرينوفسكي، وهو قومي يوصف بأنه السياسي الاستعراضي الأول في روسيا، فاعتبر من ناحيته أن تصريحات بايدن عن بوتين "مجرد سخافات"، وأضاف: "كأنها كذبة قيلت في وجه العالم. وذلك بسبب أن الولايات المتحدة بالذات، هي التي أغرقت نصف العالم بالدماء، وللآن ما زال دخان الحرب قائما في سورية وأفغانستان وليبيا، وما زالت كوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا تعاني من قلة الغذاء".

وتابع جيرينوفسكي: "لا تزال أوروبا مشغولة بإزالة الآثار الناتجة عن الحروب الأميركية في الشرق الأوسط، حيث إنها تستقبل سنويا مئات الآلاف من المهاجرين الجياع، الذين ينتقمون بعد ذلك من الأوروبيين، للمصير الذي ينتهي بهم في الشوارع المظلمة".

ولم يتضح بعد ما إذا كانت تصريحات بايدن تعكس موقفاً أميركياً جديداً، أم مجرد هفوة أخرى من هفوات بايدن جاءت في إطار رده السريع على سؤال مباغت، وهو نمط اشتهر به خلال تاريخه السياسي الطويل.

وفي خطوة قد تعكس ارتباكاً أميركياً، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أنها لا تنوي استدعاء ممثلها من موسكو، في حين جدد البيت الأبيض تأكيده أن موسكو ستتحمل المسؤولية عن أفعالها، في إشارة الى تقرير الاستخبارات الأميركية عن تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020.

وشددت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي على أن إدارة باين تعتمد نهجا إزاء العلاقات مع روسيا يختلف عن الذي كان يتبعه الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، الذي كان يتهمه الديمقراطيون باسترضاء بوتين.

ورفضت ساكي توضيح ما إذا كانت كلمات بايدن "استعارة"، موضحة أن بايدن صرح في وقت سابق بأنه لن "يتراجع" في التعبير عن موقفه، سواء في الاتصالات المباشرة مع القيادة الروسية أو في التقييمات العامة.

وكان بايدن هاتف نظيره الروسي بعد 6 أيام من بدء حكمه. وأشار بيان البيت الأبيض، حينذاك، إلى أن الزعيمين تحدثا في كل ملفات العالقة بين البلدين، واتفقا على المحافظة على اتصالات شفافة ومتسقة بينهما في المستقبل.

وخلال المحادثة، عبّر بايدن عن استيائه من الاختراق الإلكتروني الروسي للعديد من المواقع الأميركية الحساسة، ومن تقارير متعلقة بقضية المكافآت الروسية لمقاتلي "طالبان" مقابل قتل جنود أميركيين، ووعد بفتح هذه الملفات مجددا.

ويصر بايدن على أنه يمكن تحقيق أهداف متناقضة في سياسته تجاه روسيا، فمن ناحية يمكن التعاون معها بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثلما جرى بحالة الاتفاق على تمديد اتفاقية الأسلحة النووية "ستارت الجديدة"، وفي الوقت ذاته التعهد بمحاسبة بوتين على تدخلاته بالانتخابات الأميركية والعدوان في أوكرانيا، ومحاولته قتل معارضيه.

ورغم التراجع الاقتصادي والعسكري لروسيا، الا أن لديها كثيرا من الأوراق في قضايا مهمة بالنسبة للولايات المتحدة، خصوصاً تجاه ما يتعلق بمستقبل الصراع في أفغانستان، ومستقبل سورية، إضافة لعلاقات مميزة اقتصادية وعسكرية تجمعها بإيران.

في سياق متصل، كان لافتاً أمس إصدار مجموعة السبع، التي تضم الولايات المتحدة، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، وبريطانيا، بياناً في الذكرى السابعة لضم روسيا شبه جزيرة القرم، دانت فيه "بشكل قاطع الاحتلال المؤقت لجمهورية القرم المستقلة ومدينة سيباستوبول من جانب روسيا".

وأكد البيان، الذي صدر عن وزراء خارجية المجموعة، أن "بلاده لم ولن نعترف بمحاولات روسيا الهادفة إلى شرعنة هذا الاحتلال".

وكان بايدن أكد في نهاية فبراير أنه لن يقبل "أبداً" ضمّ روسيا للقرم.

back to top