هل تتحمل الصين مسؤوليتها في الشرق الأوسط؟

نشر في 18-03-2021
آخر تحديث 18-03-2021 | 00:00
 ريسبونسيبل ستيتكرافرت على غرار روسيا، لا تحاول الصين أن تكون بديلة عن الولايات المتحدة كقوة مُهيمِنة في الشرق الأوسط، لا سيما على المستوى العسكري، بل إنها تستعد تدريجياً للاستفادة من الرغبة الأميركية في تعديل التزاماتها الإقليمية عبر استعمال الجهود الأميركية الرامية إلى تقاسم الأعباء على نطاق أوسع مع الشركاء والحلفاء الإقليميين.

تريد الصين أن تثبت أن الولايات المتحدة تعجز عن التحكم في صراعات وخلافات الشرق الأوسط، مما يعني أن المصلحة الصينية تقضي بمساعدة المنطقة على تهدئة الأوضاع تزامناً مع بقاء الجيش الأميركي ركيزة لأي هندسة أمنية مُعدّلة في المرحلة المقبلة.

تشمل هذه الرسالة فكرة ضمنية مفادها أن منطقة الشرق الأوسط قد تكون المساحة التي تسمح لواشنطن وبكين بالتعاون والتنافس في آن، يستطيع الطرفان أن يتعاونا للحفاظ على الأمن الإقليمي وأن يتنافسا في مجالات مثل التكنولوجيا.

لطالما افتخرت الصين بقدرتها على التمسك بعلاقات حسنة مع جميع الأطراف المنقسمة عبر تجنب التورط في صراعات الشرق الأوسط في زمن الانقسامات الوجودية.

لكن قد يكون بناء هندسة أمنية مستدامة تشمل آليات لإدارة الصراعات القائمة شبه مستحيل من دون معالجة جوهر تلك الانقسامات، ولهذا السبب، لا مفر من التساؤل: في أي مرحلة ستشعر الصين بأن كلفة عدم التدخل تفوق كلفة التدخل؟

لا يزال الشرق الأوسط بعيداً كل البعد عن تطبيق المقاربات والسياسات المطلوبة لبناء هندسة أمنية شاملة، ومع ذلك، بدأت التعديلات التي تبنّتها إدارة جو بايدن في السياسة الأميركية تُسبب شرخاً، ولو صغيراً، في مواقف دول الشرق الأوسط، ما يدعم موقف الصين.

حاولت القوى المتناحرة أن تخفف حدة الاضطرابات في المنطقة رغم عدم تغيّر المبادئ الأساسية السائدة هناك، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، وتركيا. في المقابل، لم تتخذ إيران ولا إسرائيل هذا النوع من الخطوات، أقله في ملفات مثل إيران والفلسطينيين، لكن قد تؤدي إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم في عام 2015 إلى تغيير الوضع بطريقة جذرية.

من المتوقع أن يُركّز أي اتفاق بين إيران والولايات المتحدة على المسائل النووية حصراً وألا يشمل نقاطاً أخرى مثل الصواريخ البالستية والدعم الإيراني لجهات غير رسمية في مناطق معينة من الشرق الأوسط، لكن قد توافق إيران على مناقشة هذه المسائل إذا كانت جزءاً من نقاش مرتبط بترتيبات أمنية إقليمية.

قد تقدّم الصين مساهمة قيّمة في هذا المجال تحديداً، ولإقناع جميع الأطراف المعنية بمناقشة خطة أمنية واسعة وشاملة، يجب ألا تقتصر المقاربة المعتمدة على تملق الآخرين بل تحاول تهدئة المخاوف عبر مناقشة طريقة تأثير العلاقات الصينية مع إيران غير الخاضعة للعقوبات الأميركية والعزلة الدولية على دول الخليج.

تلتزم الصين بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، وتتعاطف مع الأنظمة الاستبدادية، وتحمل ثقلاً اقتصادياً كبيراً، وتشدد على المسائل الاقتصادية، لكنها تحتاج إلى السيطرة على الثغرات في سياستها، بما في ذلك تضرر سمعتها رغم دبلوماسية اللقاحات التي أطلقتها، وإقدامها على قمع جماعة الإيغور في محافظة "شينجيانغ" الشمالية الغربية، وسياستها التمييزية ضد جماعات مسلمة أخرى.

قد لا تكون السياسات الصينية المعادية للمسلمين مسألة مُلحّة بالنسبة إلى معظم العالم الإسلامي راهناً، لكن يُخيّم هذا الموضوع دوماً على جميع الملفات وقد يسبب مشكلة في أي لحظة.

في مطلق الأحوال، تستطيع الصين أن تؤدي دوراً محورياً، إلى جانب الولايات المتحدة، لتجديد استقرار الشرق الأوسط، لكن تتعلق المسألة الأساسية الآن بمعرفة مدى استعداد بكين وواشنطن لتحمّل هذه المسؤولية المشتركة.

‏‫دجيمس دورسي - Responsible Statecraft

back to top