المحكمة الدستورية تبطل عضوية بدر الداهوم: إعلان فوزه شابه عيب جسيم

• أكدت فقدانه شرطاً لازماً للعضوية... ودعت إلى إعادة الانتخاب في الدائرة الخامسة لشغل مقعده
• نفاذ قانون «حرمان المسيء» بعد نشره وتطبيقه فوري وليس رجعياً

نشر في 15-03-2021
آخر تحديث 15-03-2021 | 00:05
قالت المحكمة الدستورية إنه سبق لها، في قضاء سابق، تأكيد أن اختصاصها بنظر الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم، منوط في الأساس بخوض المرشح الانتخابات وهو مستوفٍ لجميع شروط الترشح.
حسمت المحكمة الدستورية، أمس، مصير عضوية النائب د. بدر الداهوم، وقررت قبول ثلاثة طعون انتخابية مقامة من ثلاثة ناخبين، بينهم ابن مرشح سابق، والحُكم بإبطال عضويته من انتخابات مجلس الأمة باعتباره نائباً فائزاً عن الدائرة الخامسة.

وأكدت "الدستورية"، برئاسة المستشار محمد بن ناجي، وعضوية المستشارين عادل البحوه وصالح المريشد وعبدالرحمن الدارمي وإبراهيم السيف في حيثيات حكمها، عدم توافر المادة الثانية من قانون الانتخاب الكويتي وفق التعديل الأخير بحرمان المسيء للذات الأميرية، وهو الشرط الذي يفتقده النائب الداهوم، لافتة إلى أن هذا الشرط نافذ وفوري وليس رجعياً.

وقالت المحكمة إنها قد سبق لها، في قضاء سابق، التأكيد على أن اختصاصها بنظر الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم، منوط في الأساس بخوض المرشح الانتخابات وهو مستوفٍ لجميع شروط الترشيح، وتعلق الطعن بعملية الانتخاب ذاتها من تصويت وفرز وإعلان النتيجة، وما شاب عملية الانتخاب والإعلان عن إرادة الناخبين من مطاعن وأخطاء، وأن العضوية في مجلس الأمة أساسها إرادة الناخبين الذين يدلون بأصواتهم لمصلحة مرشح بعينه ممن تتوافر فيه الشروط التي حتمها الدستور والقانون، فإذا سمح للمرشح بخوض الانتخابات وهو فاقد شرطا من شروط الترشح، سواء لأسباب سابقة أو معاصرة لعملية الانتخاب، فإن إرادة الناخبين في هذه الحالة تكون قد وردت على غير محل صالح للتصويت والاقتراع عليه حتما، ولا يكون إعلان نتيجة الانتخابات بفوزه فيها متضمنا إعلانا عن إرادة الناخبين، ولا وجه للقول - والحال كذلك - بتحصن قرار إدراج اسم المرشح في كشوف المرشحين بعدم الطعن عليه، أو باكتمال مركزه القانوني بإعلان فوزه في الانتخاب، أو التحدي بحق مكتسب يستعصي على التغيير.

شروط الترشيح

وأضافت: "وعلى ذلك، فإن الطعن على الإجراءات التي تتعلق بانتخاب عضو مجلس الأمة - سواء كان الطعن منصبا على إجراءات الانتخاب أو على فقدان المرشح الذي قام بخوض الانتخابات وأعلن فوزه فيها شروط الترشيح - ينطوي ومن ثم على طعن في عملية الانتخاب، لأن الفصل في هذا الشأن يؤثر بالضرورة وبحكم اللزوم على صحة عضوية من أعلن فوزه في هذه الانتخابات".

وأشارت إلى أنه غني عن البيان أيضا، أن الطعن على إعلان نتيجة الانتخاب ليس طعنا على قرار إداري مما يختص القضاء الإداري بطلب إلغائه، إذ لا يُعد إعلان نتيجة الانتخاب إفصاحا عن إرادة الجهة الإدارية، وإنما عن إرادة الناخبين، ومتى كان ذلك، وكان وجه النعي المثار في هذا الطعن ينصب في حقيقته على إجراءات عملية الانتخاب التي تمت بالدائرة الخامسة، وإعلان نتيجتها بفوز المطعون ضده الأول، بادعاء بطلان إعلان فوزه وبطلان عضويته لمخالفته الدستور وقانون الانتخاب، فإن الطعن بهذه المثابة يكون مندرجا ضمن الطعن الانتخابي الذي تختص بالفصل فيه هذه المحكمة.

القضاء الإداري

ولفتت المحكمة أنه جدير بالذكر في هذا الصدد، أن اختصاص القضاء الإداري ببسط رقابته على القرارات الإدارية الصادرة في المرحلة السابقة على عملية الانتخاب واستنهاض ولايته بإلغائها، لا يستنزف بحال اختصاص هذه المحكمة ببسط رقابتها على عملية الانتخاب للتأكد من سلامتها والتثبت من صحة عضوية من أعلن فوزه فيها.

وقالت: وحيث إن هذه المحكمة على استقرار بأن الحق في الانتخاب شأنه شأن سائر الحقوق السياسية الأخرى ليس حقا طبيعيا لكل فرد، بل لا يحصل عليه الأفراد إلا من الدستور وقوانين الدولة، وللقوانين المذكورة ألا تعترف بهذا الحق إلا لمن ترى أنهم أهل له، وهناك شروط يجب أن تتوافر في الفرد حتى يكون ناخبا، أي حتى يصبح متمتعا بحق الانتخاب، وقانون انتخاب أعضاء مجلس الأمة يحرم من الانتخاب الأشخاص الذين سبق الحكم عليهم في جرائم معينة، باعتبار أنهم ليس لهم الحق أصلا في الاشتراك بانتخاب أعضاء البرلمان، ولا أن يكونوا أعضاء فيه.

وذكرت أن الدستور أبان ما يشترط في عضو مجلس الأمة، فنص في المادة 82 منه على:

أ- أن يكون كويتي الجنسية بصفة أصلية وفقاً للقانون.

ب – أن تتوافر فيه شروط الناخب وفقاً لقانون الانتخاب.

ج - ألا تقل سنه يوم الانتخاب عن ثلاثين سنة ميلادية.

د - أن يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتها.

المعتقدات والثوابت

ولفتت المحكمة إلى أن القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة تضمن النص في الفقرة الثانية من المادة 2 منه والمضافة بموجب القانون رقم 27 لسنة 2016 على أن يحرم من الانتخاب كل مَن أدين بحُكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية، أو المساس بالأنبياء، أو المساس بالذات الأميرية، وقد ساقت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 27 لسنة 2016 سالف الذكر المبررات التي دعت إلى هذا التعديل بأنه صدر ابتغاء تجريد مَن أساء إلى المعتقدات والثوابت والرموز الدستورية وأدين عنها بحُكم نهائي من ممارسة حق الانتخاب، وأوردت المذكرة في هذا الصدد أن "هذا القانون أُعد ليكون منسجما مع ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 2 من القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، إذ حرمت تلك الفقرة من الانتخاب مَن أدين بعقوبة جناية أو بجريمة مخلة بالشرف والأمانة ولو كانت جنحة، لقيام سبب قانوني بشأنه يؤدي إلى حرمانه من الانتخاب، ومعلوم أن تلك الجرائم تقع على أفراد عاديين أو مؤسسات عامة ذات شخصية اعتبارية، وهي جرائم أخف وطأة من الجرائم الواردة في هذا القانون، بما يسوغ معه - من باب أولى - امتداد ذلك المنع لمن ارتكب جريمة المساس بالذات الإلهية أو نال من قدسيتها، أو مس الأنبياء، أو تطاول على الذات الأميرية المحصنة بالدستور طبقا للمادة 54 منه... وتقديرا لعظمة الذات الإلهية، وتوقيرا للأنبياء طبقاً للمادة الثانية من الدستور وحماية للذات الأميرية باعتبارها رمز الولاء للوطن والأمة، يجب الإخلاص لها من ممثلي الأمة طبقا للمادة 91 من الدستور، فقد أعد هذا القانون المرافق ليمنع من ممارسة حق الانتخاب بأثر مباشر من يوم نفاذه - وليعمل مقتضاه في الحذف من الجداول الانتخابية - كل من صدر عليه حُكم نهائي بالإدانة - أياً كان منطوق الإدانة - في أي جريمة من الجرائم المذكورة. ومن ثم يُعد عدم الإدانة بحُكم نهائي في تلك الجرائم شرطا جوهريا لممارسة حق الانتخاب وما يستتبعه من حق الترشيح".

حُكم نهائي

وأوضحت "الدستورية" أن مفاد ذلك، وحسبما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل أن مَن توافرت فيه الشروط الواردة في المادة 82 من الدستور يصح له أن يترشح لانتخابات أعضاء مجلس الأمة، ويكمل هذا الأصل ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون رقم 35 لسنة 1962 بشأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة المضافة بموجب القانون رقم 27 لسنة 2016، حيث نصت على حرمان كل من أدين بحُكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية، أو المساس بالأنبياء، أو المساس بالذات الأميرية، من حق الانتخاب، وبالتالي فإن الشرط الثاني الوارد بالمادة 82 من الدستور، والمتعلق بالشروط المتطلبة في عضو مجلس الأمة، والنص الوارد في الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون رقم 35 لسنة 1962 متكاملان لا يستقيم أن ينظر لأحدهما بمعزل عن الآخر، مما لازمه أنه يشترط في عضو مجلس الأمة ألا يكون قد أدين بحُكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية، أو المساس بالأنبياء، أو المساس بالذات الأميرية ويحرم من حق الانتخاب ومن حق الترشيح وتبطل عضويته إذا ما تم انتخابه.

عبارات واضحة

وقالت المحكمة إنه لما كان ما تقدم، وكانت عبارات نص الفقرة الثانية من المادة 2 سالفة البيان واضحة جلية، قاطعة صريحة في دلالتها، دون أن يملك أحد لها دفعا ولا تعطيلا، وكانت نصوص القوانين توضع لتنفذ، والالتزام بها، وإعمال مقتضاها واجب لا فكاك منه طالما كان القانون قائما ونافذا، وكان هذا الحرمان من حق الانتخاب لا يحتاج لأن ينطق به القاضي في حكم الإدانة، بل هو ناتج عن القانون مباشرة، وأن الشرط الوارد في البند "ب" من المادة 82 من الدستور - بوجوب توافر شروط الناخب وفقا لقانون الانتخاب في عضو مجلس الأمة - ليس فقط شرطا لاكتساب العضوية في مجلس الأمة، وإنما هو شرط صلاحية للاستمرار في عضوية المجلس، ويتعين أن يصاحبه طيلة فترة عضويته، وكان التعديل الذي طرأ على قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة رقم 35 لسنة 1962 بإضافة فقرة ثانية إلى المادة 2 بموجب القانون رقم 27 لسنة 2016 بحرمان كل من أدين بحكم نهائي في إحدى الجرائم المنصوص عليها من حق الانتخاب، إنما يخاطب - بموجب قوة نفاذه الفوري وفق أثره المباشر - كل من تمت إدانته بحُكم نهائي في إحدى الجرائم المنصوص عليها فيه، وأدركه هذا التعديل قبل انقضاء الآثار الجنائية لذلك الحُكم، وهو ما يُعد تطبيقا مباشرا له، وليس تطبيقا رجعيا، ما يترتب عليه حرمانه نهائيا من هذا الحق.

تجريده من ممارسة حق الانتخاب

ولفتت المحكمة إلى أنه متى كان ما تقدم جميعه، وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 27 لسنة 2016 نصت على العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وقد نشر هذا القانون في الكويت اليوم في ملحق العدد 1294 السنة الثانية والستون الصادر في 29/ 6/ 2016، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول (بدر زايد حمد الداهوم) تمت إدانته بتاريخ 8/ 6/ 2014 بحكم بات من محكمة التمييز في جريمة المساس بالذات الأميرية، والطعن علنا في حقوق الأمير وسُلطته، وأن هذه الإدانة في حد ذاتها تستتبع لزوما تجريده من ممارسة حق الانتخاب بقوة القانون، ومن حق الترشيح تبعاً لذلك منذ تاريخ نفاذ القانون المشار إليه في 29/ 6/ 2016، والذي صدر قبل انتهاء مدة وقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية في حق المطعون ضده الأول في الجريمة سالفة البيان.

شرط جوهري في عضوية المجلس

أشارت المحكمة إلى أنه متى ثبت أن المذكور قد تخلف في شأنه شرط جوهري من الشروط اللازم توافرها في عضو مجلس الأمة طبقا للدستور والقانون منذ هذا التاريخ، وكانت إرادة الناخبين قد وردت على محل معدوم غير صالح للاقتراع عليه، لا يولد أثرا، أو يكسبه مركزا يعتد به، فيكون إعلان النتيجة بفوزه في الانتخابات بالدائرة الخامسة قد شابه عيب جسيم لا ينشئ لصاحبه حقاً، ويضحى هو والعدم سواء، بعد أن ثبتت عدم سلامة إجراءات عملية الانتخاب، وعدم صحة إسباغ صفة العضوية على المطعون ضده الأول تغليبا لحكم الدستور، ومن ثم فقد حق القضاء ببطلان انتخابه في الدائرة الخامسة، وبعدم صحة عضويته، وإعادة الانتخاب مجددا في هذه الدائرة لشغل مقعده الانتخابي.

اضغط هنا لقراءة الحكم

حسين العبدالله

المطعون ضده أدين بحكم بات من «التمييز» في جريمة المساس بالذات الأميرية وهذه الإدانة تستتبع لزوماً تجريده من ممارسة حق الانتخاب بقوة القانون

إذا سمح للمرشح بخوض الانتخابات وهو فاقد شرطاً من شروط الترشح فإن إرادة الناخبين تكون وردت على غير محل صالح للتصويت

المحكمة مختصة بالفصل في العملية الانتخابية لا بقرارات الترشح

الشرط الوارد بوجوب توافر شروط الناخب ليس فقط لاكتساب العضوية بمجلس الأمة بل شرط صلاحية للاستمرار في العضوية

المحكمة على استقرار بأن الحق في الانتخاب كسائر الحقوق السياسية الأخرى وليس حقاً طبيعياً لكل فرد بل لا يحصل عليه الأفراد إلا من خلال الدستور وقوانين الدولة
back to top