شخصيات عربية تستحضر دروس التحرير في احتفالية «كويت السلام»

«نسعى لرفع المعاناة الإنسانية عن كاهل أبناء العالم عبر تضافر الجهود»
«الغزو الصدامي كان نكبتنا الثالثة... والرابعة هي الاحتلال الإيراني»

نشر في 09-03-2021
آخر تحديث 09-03-2021 | 00:00
تحولت احتفالية "ذكرى الوعي"، التي نظمها معهد المرأة للتنمية والسلام، بعنوان "كويت السلام بقلوب عربية"، إلى منبر عربي جامع استعاد دروس تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم، حيث أجمعت الكلمات التي ألقيت على مكانة الكويت الرائدة في الأسرة العربية، وعلى النموذج الكويتي الذي يمكن أن يشكل المخرج المناسب لكثير من الدول العربية التي تعاني الأزمات والحروب.

وتميزت الفعالية، التي أقيمت افتراضيا أمس الأول، بحضور عربي جامع تمثل في رئيس الحكومة المغربية د. سعدالدين العثماني، ورئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة، والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية السفيرة د. هيفاء أبوغزلة، وعضو المجلس التنفيذي رئيس دائرة الطيران المدني لرأس الخيمة الشيخ المهندس سالم بن سلطان القاسمي، ورئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي بالبحرين نائب رئيس مجلس أمناء مركز عيسى الثقافي المدير التنفيذي الشيخ د. خالد بن خليفة آل خليفة، ورئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الشرق الأوسط بالسعودية د. أنور عشقي.

كما شارك الرئيس الأعلى لمؤسسة المرأة العربية بالسعودية الأميرة دعاء بنت محمد عزت، وسفير قطر لدى الكويت بندر بن محمد العطية، وسفير عمان لدى الكويت د. صالح الخروصي، ومدير كلية الدفاع الوطني الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر اللواء محمد الغباري، ورئيس محكمة الاستئناف رئيس المركز العربي للوعي بالقانون بمصر القاضي د. خالد القاضي، ورئيس محكمة الاستئناف بمحافظة جبل لبنان القاضية غادة عون، والنائب اللبناني السابق د. مصطفى العلوش، ورئيس مكتب الاستشارات الأوروبية الخليجية الأفريقية بروكسل شمص.

الناصر: ملتزمون بترسيخ ثقافة التسامح

أكد وزير الخارجية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ د. أحمد الناصر حرص والتزام الكويت بمواصلة ترسيخ قيم السلام ونشر ثقافة التسامح في المجتمع والمنطقة العربية ككل.

ودعا الناصر خلال احتفالية "كويت السلام بقلوب عربية" تحت شعار "ذكرى الوعي" الى تضافر الجهود العالمية لمواجهة التحديات وترسيخ ثقافة الحوار ونبذ الإرهاب والتطرف والعنف.

وأقيمت الاحتفالية التي نظمها معهد المرأة للتنمية والسلام بمناسبة الأعياد الوطنية مساء أمس الأول وشارك فيها عبر تقنية المرئي والمسموع رئيس حكومة المغرب د. سعد الدين العثماني ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس الأمناء والمدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي في البحرين الشيخ د. خالد بن خليفة آل خليفة وعدد من كبار الشخصيات العربية السياسية والإعلامية والفكرية وممثلي البعثات التمثيلية المعتمدة لدى البلاد.

وألقى الناصر كلمة بالمناسبة أكد فيها حرص الكويت منذ نشأتها على نشر وتكريس ثقافة السلام والحوار والاعتدال فباتت أولوية في مرتكزات السياسة الخارجية تنطلق من مبادئ وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وعادات وتقاليد جبل عليها أهل الكويت فقد كرس دستور الكويت في عام 1962 في ديباجته مبادئ وثقافة السلام فدولة الكويت تفخر بأنها بلد الصداقة والسلام وملتقى لمختلف الأديان والحضارات.

وذكر أن هذه المبادئ والأسس شكلت ركيزة مهمة لسياسة دولة الكويت الخارجية في تعاطيها مع المجتمع الدولي فأضحى دعم جهود الوساطة والمساعي المبذولة لحل النزاعات بالطرق والوسائل السلمية وتعزيز مفهوم الدبلوماسية الوقائية من ثوابت الدبلوماسية الكويتية.

مبادئ السلام

وأضاف الناصر أن شعار الاحتفالية بذكرى الوعي بعنوان "كويت السلام... بقلوب عربية" هو دلالة على أهمية تضافر الجهود لتحقيق مزيد من التآزر عبر الوعي الحريص على مكتسبات الأمتين العربية والإسلامية فدولة الكويت تؤمن إيمانا مطلقا بمبادئ السلام ومعانيه وأهمية تطبيقه بشكل فاعل على أرض الواقع عبر الوسائل السلمية التي حث عليها أولا ديننا الحنيف وأكدته كل المواثيق والأعراف الدولية وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة.

ولفت إلى أن هذا الإيمان الراسخ بتلك الأسس دفع سياستنا الحكيمة وفق إرشادات وتوجيهات سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي العهد الأمين الشيخ مشعل الأحمد وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد إلى تدعيم بل دفع كل الجهود السلمية لحلحلة الأزمات التي يمر بها عالمنا العربي عبر الحوار الفاعل والمفاوضات البناءة حقنا للدماء ودعما للتقدم والرخاء.

وأضاف: "ولا يفوتني هنا أن استذكر البصمة الراسخة لسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد في تبني الجهود الدولية لرأب أي خلاف يبرز على الساحة الخليجية أو العربية، فتلك المدرسة الدبلوماسية العريقة كان لها أبلغ الأثر في إبراز جهود دولة الكويت في تدعيم سبل السلام والرخاء التي أثمرت مؤخرا بتحقيق المصالحة الخليجية ورأب الصدع في البيت الخليجي الواحد وتماسك لحمته وإعادة مسيرة التضامن العربي".

وأكد أن "دولة الكويت وانطلاقا من إيمانها التام بثوابتها ومبادئها تسعى وبشكل مستمر إلى دعم دول وشعوب العالم عبر مؤسساتها الوطنية الحكومية والأهلية لرفع المعاناة الإنسانية عن كاهل أبناء العالم والارتقاء بهم إلى مستويات التنمية المطلوبة التي باتت ضرورة ملحة تستوجب تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة كل التحديات والعوائق، وترسيخ ثقافة الحوار ونبذ الإرهاب والتطرف والعنف وفهم ومعالجة جذور الاختلاف دفعا للوئام والسلام بين البشر على مختلف أجناسهم وثقافاتهم ومعتقداتهم".

السنيورة: العرب أمام مفترق وبحاجة إلى النموذج الكويتي

اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، فؤاد السنيورة، أن العرب يقفون حاليا أمام مفترق بسبب التحديات التي يواجهونها، مشددا على حاجة العالم العربي الى نموذج الكويت ودورها.

وقال السنيورة، في كلمة باحتفالية "ذكرى الوعي": "أخذني التفكير في الحديث عن مناسبة مرور 30 سنة على تحرير دولة الكويت من الغزو الصدَّامي إلى رحلة مع الذكريات، وإلى ما كنّا نفكر ونحلم به في النصف الثاني من القرن العشرين من تحريرٍ ونهوضٍ وطنيٍ وقوميٍ وديمقراطيٍ وحكمٍ رشيدٍ وحوكمة، وإلى ما أصبحنا عليه في حاضرنا، وكيف - مع الأسف - ننظر وتنظر إليه مجتمعاتنا العربية من خوف على المستقبل، وبما أصبح يحول دون مشاركتنا للعالم وباقتدار في نموّه وتطوره وحضوره الثقافي والاقتصادي". وتابع: "في صبيحة الثاني من أغسطس 1990، كانت هناك قمة عربية مقررة الانعقاد لبحث التهديدات الصدَّامية للكويت في القاهرة، لكنّ الجلسة الافتتاحية لم تنعقد، بعد ورود أنباء الغزو الصدامي.

بعض العرب طرحوا التوسط مع المعتدي قبل اتخاذ أي موقف، لكن لبنان الذي كان ممثلا برئيس الحكومة د. سليم الحص، أطال الله عمره، بادر مباشرةً، من دون تردد وباسم لبنان، إلى إصدار بيان من القاهرة يدين الغزو جملةً وتفصيلاً.

وهو قال يومها: لا نستطيع أن نقر للأقوى بأن يبتلع الأضعف، أو للأكبر أن يلتهم الأصغر، ولبنان كما هو معروف تربطه بالكويت علاقات وثيقة وصفاتٌ وقواسم مشتركة كثيرة، أبرزها أنه دولةٌ صغيرةٌ محاطة بالكبار والأقوياء".

وأضاف: "لم يتورّع صدام عن دفع جيشه الى الداخل الكويتي واحتلال الكويت. ولقد فهمت القيادة السعودية رسالة التهديد، وشرعت في التحضير لأوسع تحالف، وانطلق العمل لتحرير الكويت. ما حصل وتحقق كان بفضل المساعدة القوية للمملكة والموقف العربي والدولي. ولكن، فوق ذلك كلّه، كان الفضل لصلابة وأصالة القيادة الكويتية وإرادة وعزيمة شعب الكويت المنيعة والصلبة والمصممة على تحرير بلدها".

وأشار الى أنه "بعد نكبة فلسطين عام 1948 ونكبة الهزيمة العربية في عام 1967 نُكب العرب مرة ثالثة في عام 1990 بغزو صدام للكويت. وإذا كانت النكبة الأولى والثانية قد وقعتا على يد عدو الأمة، إلا أنّ نكبتهم الجديدة كانت على يد رئيس دولة عربية شقيقة وجيش عربي".

وقال إنه "صحيح أن الكويت تحرّرت من نير ذلك الاجتياح، لكن الجرح الكبير الذي تولّد ترك ندوباً عربيةً كثيرة ومعاناة شديدة بعد ذلك للشعب العراقي وللعرب أجمعين. وذلك ما كان من نتيجته إيقاظ واستعادة الأحلام الإيرانية في السيطرة الفارسية على عدد من الدول العربية. وكان من نتيجة ذلك، أنه قد أصبح على العرب أن يعيشوا نكبتهم الرابعة في الاحتلال الجديد، وأن يعانوا الضغوط المستمرة عليهم والآيلة إلى إشعال الفتن الطائفية والمذهبية في المجتمعات العربية والإسلامية. وهي الحال التي تعيشها وتعانيها دول عربية في مقدمتها سورية والعراق ولبنان واليمن".

وتساءل: لماذا وصلنا الى ما وصلنا اليه ها هنا؟ من النكبة والعزلة والقنوط؟ ببساطة لأننا أضعنا البوصلة الأساس التي تهدينا إلى الطريق القويم والمنهج الصحيح في الدين والدنيا!".

وشدد على أنه "مع التحدي الذي تواجهه أمتنا وتواجهه بالتحديد بعض بلداننا من نزاعات واصطفافات طائفية ومذهبية، لم يعد أمامنا في بلدان وطننا العربي إلا العودة إلى الطريق الصحيح الذي سارت عليه كثير من شعوب الأرض، ونجحت في تحقيق التطور والتقدم على مسارات إعادة بناء دولها وحفظ سيادتها وفرض سلطة القانون والنظام على الجميع. وهي قد قامت بذلك عبر إعادة الاعتبار لنظام المشاركة الحرة والاختيار الحر، أي الاحتكام الى الأنظمة الديمقراطية القائمة على احترام المواطنة واحترام الآخر والقبول بالاختلاف والتنوع من ضمن الوحدة، والاحتكام الى العقل والتعاون المتساوي لا إلى الغرائز، والتعاون الإقليمي والعربي على أساس التكامل وتعزيز نظام المصلحة العربية المشتركة بديلا عن التنافر والتصارع، وبالتالي العودة إلى مبادئ احترام حق الإنسان العربي في حياة حرة وكريمة".

ولفت الى أنه "في خضم هذه المصائب التي تنهال على رؤوس دولنا وشعوبنا العربية، أرى أن هناك حاجة ماسة لتكوين موقف عربي يُخرجُ الأمة من حال التراجع، فنحن العرب أمام مفترق نكون أو لا نكون، والجواب: هو نعم يجب أن نكون. وليس لنا في هذا السبيل بديلاً عن أن تتضافر جهودنا وإراداتنا. وهذا يستدعي أن يكونَ توجُّهُ بوصلتنا صحيحا وملتزما بالثوابت العربية القائمة على التعاون والتكامل والاحترام الكامل لبعضنا بعضا.

دور الكويت التاريخي

وقال إنه "ما عادت وحدة المصالح والأخطار المشتركة أموراً تشبه العظات أو النصائح التي يمكن تجاوُزُها أو الاستخفاف بها. وقد كانت دولة الكويت رائدةً في إدراك هذين الأمرين والعمل على هديهما. وهذه الأمانة للنفس وللمحيط العربي والعالم الأوسع هي التي أفْضت إلى التضامن الكبير العربي والدولي من حولها عندما تعرّضت للمحنة القاسية. واليوم يتعرّض العرب وتتعرض مصالحهم، بل ويتعرض وجودُهم الوطني والقومي لأخطارٍ تنالُ منهم جميعاً، وتنتهك مصالحهم العليا. ولذلك يعود دور الكويت التاريخي للبروز، سواء في جمع الصف الخليجي أو في العمل على مساعدة العراق والقضايا العربية الأخرى".

وأشار الى أن "هناك حركة مبشّرة في ليبيا، واتجاه أوضاع السودان للانتظام بالتوازي ومع التفاهم مع الشقيقة الكبرى مصر، وذلك رغم كثرة المشكلات، وهناك تجدد التحرك من أجل فلسطين. لكنّ الاضطراب في سورية ومن حولها وفي اليمن ومن حولها لا يشير إلى ضوء في نهاية النفق. وهذا ما أقصده بالحاجة المتجددة إلى نموذج الكويت ودور الكويت للتآزر والتضامن العربي".

وختم بالتوجه "بالتحية إلى صاحب السموّ أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد، الذي تابع منهج الأمير الراحل صباح الأحمد، طيّب الله ثراه، في أسلوبه ومنهجه الناجح، والذي أثمر أخيرا وساطة ناجحة على يديه في جمع الأشقاء بعد طول افتراق"، مضيفا: "كما أوجّه التحية لجميع إخواني في دولة الكويت العزيزة في هذه المناسبة العطرة، مناسبة تحرير الكويت متأملاً بربيع حقيقي قادم نريده لأمتنا ولبلداننا العربية وإنساننا العربي سيأتي، بإذن الله، لا محالة".

back to top