كيف يُرمّم بايدن صورة الولايات المتحدة المشوّهة؟

نشر في 16-02-2021
آخر تحديث 16-02-2021 | 00:00
 شيكاغو تريبيون تزامناً مع محاكمة عزل دونالد ترامب، يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن تحدياً صعباً لتحسين صورة الولايات المتحدة المشوّهة في العالم عبر إثبات الفكرة التالية: نجا البلد من هجوم مباشر على ديمقراطيته وزادت قوته بدل أن يضعف.

وحدها السياسة الصادقة والفاعلة تستطيع تغيير الرأي العام محلياً وخارجياً وقد أطلق بايدن بداية واعدة غداة حركة التمرد ضد مبنى الكابيتول في 6 يناير، لكن رغم تعهده باستضافة "قمة الديمقراطية" في مرحلة مبكرة من عهده لجمع الدول الأخرى وتشجيعها على "الدفاع عن الديمقراطية عالمياً"، فإنه كان مضطراً للاعتراف بنقاط ضعف الولايات المتحدة في هذا المجال.

يتمتع بايدن بخبرة واسعة في السياسة الخارجية، وهي تفوق أي رئيس آخر منذ عهد جورج بوش الأب، وقد أثبت ذلك في خطاباته خلال الأسبوع الماضي حين اعترف صراحةً بوجود رابط واضح بين السياسة الخارجية والداخلية، فهو يدرك أهمية تعريف النفوذ الأميركي على أساس القيم الأميركية المقدسة التي تدعم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد حرص على التوجه إلى وزارة الخارجية والبنتاغون في الفترة الأخيرة للتأكيد على عودة الولايات المتحدة وجهودها الدبلوماسية إلى ساحة المعركة.

لكن تحتاج عقيدة بايدن المبنية على تجديد التواصل مع العالم إلى دعم كافٍ من الحزبَين الجمهوري والديمقراطي كي تحظى بالمصداقية الكافية محلياً وتضمن نجاحها خارجياً. كان الرئيس محقاً حين بدأ يثبت أن الولايات المتحدة تسعى إلى إعادة ترسيخ النظام محلياً في المرحلة الأولى.

طرح بايدن لائحة من الخطوات التي سبق أن اتخذتها إدارته "لعيش القيم الديمقراطية الأميركية محلياً"، فألغى قرار حظر السفر الذي يستهدف الدول ذات الأغلبية المسلمة وقرار منع المتحولين جنسياً من الانخراط في صفوف الجيش، وجدّد التزامه بالحقيقة والوقائع العلمية، وشدّد على دعمه لدور الصحافة الحرة في إطار نظام ديمقراطي سليم، وأكد تمسّكه بالشفافية والمحاسبة في الحكومة.

كانت السياسات التي حدّدها بايدن في وزارة الخارجية مؤشراً واضحاً على توجّهه المرتقب، فقال إنه ينوي التوقف عن دعم الاعتداءات العسكرية التي تطلقها المملكة العربية السعودية في اليمن وكبح انسحاب القوات الأميركية من ألمانيا، ثم تعهد بتحدي الحكومات الاستبدادية حول العالم ومواجهة روسيا لأنها حاولت إضعاف الانتخابات الأميركية، والتصدي للصين نظراً إلى مخالفاتها الاقتصادية ولجيش ميانمار غداة الانقلاب الذي نفّذه حديثاً.

لكن كانت الناحية الرمزية من خطاب بايدن مهمة بالقدر نفسه، فأخبر ضباط الخدمة الخارجية وطاقم الموظفين والدبلوماسيين بأنه يثق بهم ويقدم لهم أعلى درجات الحماية ويدعم مهامهم، كما أنه أعاد مجموعة من المستشارين الداعمين للتعاون الدولي إلى إدارته. باختصار، انتهى زمن الانكفاء الدبلوماسي الأميركي من العالم.

لا تستطيع الولايات المتحدة أن تُرسّخ نظاماً عالمياً مبنياً على المبادئ الديمقراطية إذا كانت الحكومة الأميركية تواجه مأزقاً داخلياً متواصلاً وتتعامل مع انقسامات مريرة وأعمال عنف ينفذها إرهابيون محليون، تُعتبر محاكمة عزل ترامب في مجلس الشيوخ، بغض النظر عن نتيجتها، خطوة أساسية لفضح الحقائق كاملة ومواجهتها.

سبق أن دعا بايدن قادة أقرب حلفاء الولايات المتحدة إلى التعاون في ملفات مثل فيروس كورونا، والتعافي الاقتصادي، والهجرة، والتغير المناخي، ودعم حلف الناتو. إنها بداية واعدة حتماً.

لكنّ النفوذ الأميركي الذي يسمح بالتأثير على أحداث العالم عبر طرح نموذج مثالي من الديمقراطية الليبرالية وحُكم القانون تراجع بكل وضوح، لذا تحتاج الولايات المتحدة إلى المزيد من التواضع والتعاون في حين تحاول استرجاع مكانتها في العالم الدبلوماسي الدولي، كذلك، يُفترض أن تتعامل مع ملايين الأميركيين المقتنعين حتى الآن بكذبة ترامب الكبرى حول فوزه بانتخابات 3 نوفمبر.

من دون كشف الحقائق وتحقيق المصالحة محلياً، سيصعب على بايدن أن يحكم بفاعلية وسيجد صعوبة إضافية طبعاً في طرح سياسة أميركية جديرة بالثقة وفرض القوة والقيادة الأميركية حول العالم.

ستورير راولي - شيكاغو تريبيون

back to top