نواب الاعتراض في البرلمان الكويتي‎

نشر في 12-02-2021
آخر تحديث 12-02-2021 | 00:05
 د. نوري أحمد الحساوي نعيش في الكويت في حوسة نظامية أو يمكن أن نسميها "كوكتيلا" في الأنظمة المتبعة، فمثلاً نحن نخلط الرأسمالية مع شوية اشتراكية علشان يطلع لنا نظام اقتصادي نعمل في ظله أو نخلط نظاما رئاسيا على نظام برلماني يطلع لنا نظام ما نعرف أوله من آخره وتعال اشتغل بهالحوسة.

في هذه المعمعة الإدارية والسياسية والبرلمانية ظهرت لنا مجموعة ما يسمون (المعارضة) رغم أن المعارضة المعروفة في النظم الديمقراطية تظهر عندما لا تفوز الأحزاب بالسلطة لعدم تحقيق الأغلبية، فتتحول هذه الأحزاب ذات الأقلية إلى معارضة في البرلمان، ونحن في الكويت الوحيدون في العالم الذين نذهب لانتخاب معارضة لا حكومة، وياريت معارضة سنعة، والسبب سلوك ما يسمون المعارضة، وخصوصا في السنوات العشر الأخيرة، سلوكا هدّاما لا بنّاء، وعملية عناد لا اعتراض في الرأي.

ما لاحظناه نحن كناخبين من سلوك وتصرفات النواب في السنوات الأخيرة، والذين كانوا نتاج انتخابات قائمة على نفس طائفي وقبلي وفئوي بغيض، انعكس على الأداء في المجلس ولم يرض الكثير من المواطنين، حيث غابت ثقافة التعاون والتنسيق بين نواب المعارضة في المجلس لتكوين كتلة موحدة تمتلك القدرة على العمل التشريعي والرقابي وتقديم البدائل والاقتراحات وأي تعديلات مطلوبة.

دور المعارضة في الأنظمة السياسية الديمقراطية العريقة لا يضع العراقيل أمام العمل السياسي وأداء الحكومة الجيد، بل يكون هدفها باستمرارية مراقبة صناع القرار السياسي ومدى نجاحهم وإخفاقهم في العمل وتقويم القرارات غير الجيدة التي لا تهدف إلى مصلحة البلاد والعباد.

يجب على المعارضة تقديم البدائل التي تستطيع أن تحل محل اقتراحات الحكومة إذا كانت هذه الاقتراحات لا تمس المصلحة العامة أو فيها مصلحة لبعض فئات المجتمع دون الآخرين، فبموافقة المعارضة عليها تكون قد قسمت المجتمع دون أن تفيده بشيء، فالمعارضة الوطنية تستمد أهميتها من أنها الوسيلة الوحيدة لتقويم أداء الحكومة وحفظها من الفساد ومراقبتها ومتابعة سياستها، ولكن من المهم على المعارضة عقلنة حركات الاحتجاج والنزاع.

فلا يجوز الفجور في الخصومة وتصيد الأخطاء دون داع كما نشاهد في بدايات مجلسنا الموقر وترجمة كل ذلك إلى مطالب سياسية سلمية يمكن النقاش فيها والتفاهم حولها، فهذا المعنى الحقيقي للمعارضة الذي نطمح له ونؤيده، أما النائب المعارض الذي يعارض كل شيء، فلا يرى أن هناك أي إيجابيات وذلك كي يظهر أمام ناخبيه بالبطل الهمام فوعيه السياسي سلبي، والمشكلة الأكبر أن هناك نفر من الناخبين لديهم هذه الثقافة المؤيدة له.

وأخيراً نقول إن المعارضة لا بد أن تكون إيجابية مسؤولة تعتمد على الوسائل السلمية والديمقراطية، وتستند إلى القانون والدستور وترحب بأي موقف أو عمل إيجابي تتخذه أو تقوم به الحكومة، وأن تعارض ما تعتقد أنه سلبي، وليس فيه مصلحة عامة بعيداً عن الصراخ والاستعراض والعدائية، وخصوصا الشخصية، فدعونا "نبني" الوطن.

د. نوري أحمد الحساوي

back to top