وكالة فيتش : انتعاش معتدل للاقتصاد الكويتي في 2021

• مع بدء تلاشي الصدمة المزدوجة لانخفاض إنتاج النفط وجائحة كورونا
• الوكالة أكدت التصنيف الائتماني للكويت عند «AA» مع تخفيض النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية

نشر في 04-02-2021
آخر تحديث 04-02-2021 | 00:02
أكدت وكالة فيتش «Fitch Ratings» تصنيفها الائتماني السيادي لدولة الكويت لعام 2021 عند المرتبة «AA» مع تغيير النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية.

وقالت الوكالة في بيانها «Rating Action Commentary-RAC» وتناول محركات التصنيف الرئيسية، إن تخفيض النظرة المستقبلية يعكس مخاطر السيولة قصيرة الأجل والمرتبطة بالنفاد الوشيك لصندوق الاحتياطي العام مع غياب إذن للحكومة بالاقتراض، ورأت أن هذا الخطر يتجذر في الجمود السياسي والمؤسساتي، الذي يفسر أيضاً غياب إصلاحات مؤثرة لمعالجة العجز المالي الكبير في الميزانية العامة للدولة، والضعف المتوقع في أرصدة الموازين المالية والخارجية للكويت، ومع ذلك ستظل تلك الأرصدة من بين أقوى الميزانيات السيادية التي تصنفها الوكالة.

وحذرت الوكالة من أن عدم تمرير قانون دين عام جديد؛ قد يؤدي إلى نفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام في الأشهر المقبلة؛ ما لم تتخذ مزيداً من التدابير لمعالجة أوضاعه.

وذكرت أن استنفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام من شأنه أن يحد كثيراً من قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى اضطراب اقتصادي كبير.

تجنب النضوب

ووفقاً للسيناريو الأساسي للوكالة، الذي يفترض أن الحكومة ستجدد موارد صندوق الاحتياطي العام لتجنب النضوب حتى بدون أي تشريع جديد من مجلس الأمة، واستمرار الحكومة في خدمة الدين (بواقع نحو 400 مليون دينار وبنسبة 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021)، لا تزال هناك درجة من عدم اليقين.

وأشارت إلى أن السلطات أبدت التزامها بتجنب أزمة السيولة ولديها المرونة لاتخاذ تدابیر استثنائية لتحقيق هذه الغاية، مبينة أنه في أغسطس 2020، أقر مجلس الأمة قانوناً يجعل من تحقيق فوائض مالية شرطاً مسبقاً لتحويل 10 في المئة من الإيرادات العامة إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، وسمح القانون الجديد بإلغاء التحويل للسنة المالية 2019/2018، وتبع ذلك شراء صندوق احتياطي الأجيال القادمة للأصول السائلة من صندوق الاحتياطي العام.

وقالت إنه لا تزال لدى صندوق الاحتياطي العام أصول غير سائلة يمكن تحويلها أيضاً إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، بما في ذلك مؤسسة البترول الكويتية.

واعتبرت أنه بدون تشريع جديد، يمكن للصندوق الاحتیاطي العام الاقتراض من صندوق احتياطي الأجيال القادمة، كما حدث أثناء الغزو العراقي في 1990–1991، مع أن ذلك ليس خياراً تدرسه الحكومة في هذه المرحلة.

ورأت أن جهود تقليص العجز المالي والإصلاح المالي وإقرار قانون الدين العام لا تزال تواجه انقسامات سیاسية راسخة وجموداً في الموازنة، إذ تشكل المرتبات والدعوم الحكومية أكثر من 70 في المئة من الإنفاق العام، ويُشكل المواطنون الكويتيون نحو 80 في المئة من العاملين في القطاع العام.

وتوقعت الوكالة أن يتسع عجز الميزانية العامة «بعد إضافة دخل الاستثمارات الحكومية» إلى نحو 6.7 مليارات دينار أو ما نسبته 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2021/2020.

وعلى صعيد الإيرادات العامة، توقعت الوكالة انخفاضه بنحو 33 في المئة ليصل إلى ما يزيد قليلاً على 14 مليار دينار أو ما نسبته 42 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مدفوعاً بانخفاض أسعار النفط وكميات إنتاجه.

وبالنسبة للمصروفات العامة، توقعت الوكالة أن تتماشى مع المصروفات الفعلية للسنة المالية السابقة عند نحو 21 مليار دينار أو ما نسبته 62 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي أقل من المصروفات المرصودة في الموازنة العامة في السنة المالية 2021/20.

وعلى مدار السنة المالية الحالية، خصصت الحكومة ما مجموعه 740 مليون دينار أقل من 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي «كإنفاق إضافي لمكافحة فيروس كورونا ودعم القطاع الخاص، والذي قابلته مدخرات في بنود أخرى، بما في ذلك انخفاض الدعوم الحكومية».

عجز الميزانية

وبينت «فيتش» أنه وسط غياب إصلاحات مالية كبيرة أو حدوث انتعاش في الطلب العالمي على النفط، فمن المتوقع أن يبقى عجز الميزانية العامة في خانة العشرات على المدى المتوسط إلى الطويل. كما توقعت أن تسجل الميزانية العامة عجزاً مالياً بنحو 7.5 مليارات دينار أو ما نسبته 21 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية القادمة 2022/2021، بافتراض أن متوسط سعر برميل النفط سيلغ نحو 45 دولاراً أميركياً للبرميل ومتوسط الإنتاج عند نحو 2.4 مليون برميل يومياً.

ووسط الافتراضات ذاتها، فإن مشروع الموازنة العامة الأخير يخطط لزيادة واسعة النطاق في الإنفاق العام إلى نحو 23 مليار دينار أو ما نسبته 65 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن الوكالة توقعت أن تكون الزيادة الفعلية في الإنفاق أقل من ذلك.

وقدّرت أن متوسط سعر برميل النفط التعادلي للموازنة العامة سيصل إلى نحو 80 دولاراً للبرميل عند مستويات الإنتاج الحالية للنفط.

وأكدت أنه بموجب منهجية وزارة المالية في إعداد التقارير المالية، والتي لا تتضمن دخل الاستثمارات الحكومية، فمن المتوقع أن يصل عجز الميزانية العامة «بدون حساب دخل الاستثمارات الحكومية» إلى نحو 10 مليارات دينار أو ما نسبته أكثر من 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2021/2020، وهذا يتوافق إلى حد كبير مع الاحتياجات التمويلية للميزانية العامة.

وأشارت الوكالة إلى أن الجزء الأكبر من أصول الهيئة العامة للاستثمار ودخل الاستثمارات الحكومية مرتبط بصندوق احتياطي الأجيال القادمة، مما يتطلب موافقة مجلس الأمة للسحب منه التمويل عجز الميزانية.

الكويت من أقوى الميزانيات السيادية

ورجحت الوكالة أن تظل الميزانية العامة في الكويت من بين أقوى الميزانيات السيادية التي تصنفها وكالة «فيتش»، حتى مع افتراض وجود إصلاحات مالية محدودة وعدم انتعاش أسعار النفط أو كميات الإنتاج. ومع عدم إفصاح الحكومة عن حجم أصول وأداء الهيئة العامة للاستثمار، توقعت الوكالة أن يصل صافي الأصول السيادية الخارجية التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار نحو 581 مليار دولار أو ما نسبته 652 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2020، على الرغم من السحوبات من صندوق الاحتياطي العام. وقالت إن نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي تعتبر من بين الأدنى للسلطات السيادية المصنفة من الوكالة، وتبلغ نحو 17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020، وقد يؤدي تمرير قانون الدين العام الجديد إلى رفع هذه النسبة إلى 50-60 في المئة، أعلى بقليل من متوسط أقرانها في التصنيف «AA».

آفاق النمو

وأشارت الوكالة إلى أن القطاع الخاص المصرفي وغير المصرفي يعتبران في وضع صافي دائن خارجي ومستثمر رئيسي في المنطقة، مما يفسر آفاق النمو المحلي الفاتر نسبياً. وهذا يوفر دعماً لرصيد الحساب الجاري وصافي وضع الاستثمار الدولي «IIP»، الذي تقدره الوكالة بنسبة فائض 675 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وحقق الحساب الجاري للكويت في كل السنوات العشرين الماضية صعوداً ما عدا سنتين.

مؤشرات الكويت شديدة الحساسية

وأفادت «فيتش» بأن المؤشرات المالية والخارجية للكويت شديدة الحساسية للتغيرات في أسعار ومستويات إنتاج النفط، إذ إن تغير متوسط سعر برميل النفط بنحو 10 دولارات للبرميل صعوداً أو هبوطاً عن مستوى الافتراضات الأساسية من شأنه أن يغير رصيد الموازنة العامة بنحو 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي «صعوداً أو هبوطاً»، كما أن زيادة إنتاج النفط بنحو 100 ألف برميل يومياً سيحقق فائضاً في رصيد الموازنة العامة بنحو 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتوقعت الوكالة أن يشهد الاقتصاد الكويتي انتعاشاً اقتصادياً معتدلاً هذا العام مع بدء تلاشي الصدمة المزدوجة لانخفاض إنتاج النفط وفيروس كورونا، ومن المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انكماشاً بنحو 7 في المئة «انكماش القطاع النفطي بنحو 9 في المئة، وانكماش القطاعات غير النفطية بنحو 4 في المئة» في عام 2020.

حساسية التصنيف / تناول تقرير «فيتش» أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر «سلباً» وبشكل فردي أو جماعي على التصنيف الائتماني السيادي وهي:

السمات الهيكلية

استمرار استنزاف موارد صندوق الاحتياطي العام وسط عدم إقرار قانون جدید للدين العام أو تشريع يسمح بالنفاذ إلى أصول صندوق الأجيال القادمة، أو قيام الحكومة بتدابير استثنائية لضمان استمرارها في الوفاء بالتزاماتها، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر خدمة الدين.

المالية العامة

التآكل المستمر لمتانة الأوضاع المالية والخارجية نتيجة استمرار انخفاض أسعار النفط أو عدم القدرة على معالجة الاستنزاف الهيكلي للمالية العامة.

أما أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر «إيجاباً» بشكل فردي أو جماعي على التصنيف الائتماني السيادي فهي:

المالية العامة

اعتماد الحكومة لاستراتيجية تمويلية واضحة ومستدامة من خلال تمرير القوانين التي تسمح بإصدار الدين بانتظام أو النفاذ إلى أصول صندوق الأجيال القادمة، مصحوبة بأدلة على أن المؤسسات والنظام السياسي في الكويت قادرة على مواجهة التحديات المالية طويلة الأجل من خلال إجراءات لتنفيذ خطة واضحة للحد من العجز في الميزانية العامة للدولة.

back to top