دونالد ترامب : انتخابات 2020 الأكثر احتيالاً في التاريخ

• واشنطن تخطط للتشدد مع بكين... و باريس تحذر الأوروبيين من «الاعتماد» على الأميركيين
• جو بايدن سيسعى لإعادة الاستقرار إلى «البنتاغون»... وأوباما ينصح خليفته بالتنازل

نشر في 17-11-2020
آخر تحديث 17-11-2020 | 00:04
ترامب يستبدل مضرب الغولف بناديه في ستيرلينغ بفيرجينيا أمس الأول (رويترز)
ترامب يستبدل مضرب الغولف بناديه في ستيرلينغ بفيرجينيا أمس الأول (رويترز)
في خطوة تظهر أن أزمة واشنطن السياسية والانتخابية لا تزال بعيدة عن الحل، وصف الرئيس دونالد ترامب انتخابات 3 نوفمبر بأنها الأكثر احتيالاً في التاريخ، بينما تسعى إدارته إلى اتخاذ إجراءات غير مسبوقة ضد الصين لتوريط الرئيس المنتخب جو بايدن قبل مغادرته المفترضة للبيت الأبيض في يناير المقبل.
بعد أيام من الإشارات المتضاربة، عاد الرئيس الأميركي إلى التشكيك بالكامل بنزاهة الانتخابات التي جرت في 2020. وفي تغريدة أمس اعتبر دونالد ترامب أن "انتخابات 2020 هي الأكثر احتيالاً في التاريخ"، مؤكداً أنه سيرفع قضايا كبيرة "تظهر عدم دستوريتها وما حدث فيها من فضائح لتغيير النتيجة بالأدلة".

وكتب ترامب، في تغريدة أرفقها "تويتر" بإشعار أزرق: "فزت بالانتخابات. لماذا يفترض الإعلام الإخباري الكاذب باستمرار أن بايدن سيصل إلى الرئاسة، دون حتى السماح لجانبنا بالظهور، وهو الأمر الذي نحن مستعدون له".

وإذ أوضح ترامب أن "العديد من القضايا المرفوعة في جميع الأنحاء ليست قضاياه بل لأشخاص شهدوا انتهاكات مروعة في الانتخابات"، أكد محاميه الشخصي وعضو فريق الطعون رودي جولياني أن لديه أدلة ستقلب النتيجة في ولاية ميشيغان وولايات أخرى متأرجحة.

وشدد جولياني على أن الرئيس يطعن في الانتخابات بقوة لأنه يحصل على المزيد من الأدلة، مؤكداً أنه ليس لوسائل الإعلام الحق في تحديد الفائز.

وأشاد ترامب برفض رئيسة إدارة الخدمات العامة إميلي مورفي التوقيع على خطاب يسمح للفريق الانتقالي لبايدن ببدء عمله رسمياً وتمكينه من الأموال اللازمة لمهامه.

وقال فريق بايدن إنه لم يُسمح له بالعمل مع إدارة ترامب لمكافحة فيروس كورونا. وحث كبير موظفي البيت الأبيض رون كلَين إدارةَ الخدمات العامة على الإسراع في التصديق على نتائج الانتخابات لبحث المرحلة الأصعب المتمثلة في كيفية توزيع اللقاح على الشعب.

نصيحة أوباما

ووسط استمرار ترامب في رفض الهزيمة وإعلانه الجديد عن فوزه بالانتخابات، وجه سلفه الرئيس السابق باراك أوباما له نصيحة، قائلاً: "إذا كنت ترغب في أن يتذكرك الناس في هذه المرحلة المتأخرة من اللعبة كشخص وضع البلد في المقام الأول، فقد حان الوقت لكي تفعل الشيء نفسه".

وقال أوباما، لشبكة CBS أمس الأول، "وظيفة الرئاسة مؤقتة والرؤساء ليسوا فوق القواعد أو القانون، وهذا هو جوهر ديمقراطيتنا، وعندما يحين وقت الرحيل فإن وظيفتك هي أن تضع البلد في المقام الأول، وأن تفكر فيما وراء الأنا ومصالحك الخاصة وخيبات أملك".

وإذ اعتبر أن دعم مسؤولي الحزب الجمهوري لمزاعم ترامب عن تزوير الانتخابات، تهديد للديمقراطية، أكد أوباما أن بايدن لا يحتاج إلى نصيحته، ولكنه تعهد بمساعدته بأي طريقة ممكنة.

وأكد الرئيس رقم 44 ضاحكاً أنه لا يخطط للعمل بشكل مفاجئ مع موظفي البيت الأبيض بعد فوز بايدن، مؤكداً أنه لو فعل هذا فستقوم زوجته ميشيل أوباما بتركه.

وأكد أوباما أن حصول المرشحين على أكثر من 70 مليون صوت تظهر أن "الأمة لا تزال منقسمة بشدة، وهي ليست علامة جيدة"، لافتاً إلى أن "من الصعب جداً على الديمقراطية في وجود الانقسامات العميقة المدفوعة بالعقلية المختلفة لمؤيدي ترامب ووسائل الإعلام المحافظة التي تغذي هذه الآراء".

هاريس وساندرز

واتهمت نائبة الرئيس المنتخب كامالا هاريس ترامب والجمهوريين بالسعي لطمس "النصر الجلي" للديمقراطيين بدعاوى قضائية لا أساس لها، ودعت إلى التبرع لبايدن لتمويل تحركه القانوني "لحماية كل صوت انتخابي".

بدوره، اتهم السيناتور اليساري بيرني ساندرز ترامب بتقويض الديمقراطية أكثر من أي شخص في التاريخ الأميركي، مبدياً استعداده للعمل وزيراً للعمل في حكومة بايدن لحماية الأسر المهددة.

الصين

على المستوى الخارجي، وفي أوج أزمة سياسية وضعت عملية نقل السلطة في حالة سُبات عميقة، تخطط إدارة ترامب، لمواصلة تنفيذ سياساتها المتشددة تجاه الصين في الشهرين المقبلين قبل أن تتولى إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن السلطة.

وأوضح مسؤولان، لشبكة CNN، أن الصقور في الإدارة الجمهورية تأمل في الضغط على الصين للجلوس على طاولة المحادثات النووية إضافة إلى روسيا قبل مغادرة ترامب لمنصبه في 20 يناير، موضحين أنهم يعتقدون أن هناك إجراءات معينة يمكنهم اتخاذها الآن، من شأنها محاصرة إدارة بايدن في هذا الملف.

ومع خسارة ترامب المحتملة، كشف مسؤول بالإدارة أنه طُلب من القائم بأعمال وزير الدفاع كريستوفر ميللر التركيز في الأشهر المتبقية على الحرب السيبرانية وغير النظامية مع الصين على وجه الخصوص.

وذكر المسؤولان أن التعامل مع الصين قد يكون أصعب تحدٍّ يواجهه بايدن في السياسة الخارجية، وأوضحا أن صقور الإدارة تستعد للتحرك بسرعة أكبر في بعض إجراءات كانت تخطط لاتخاذها لأنها أقل قلقاً بشأن انهيار اتفاق التجارة مع الصين، وهذا الخوف كان دائماً يعيق سياساتهم من اتخاذ إجراءات بسرعة.

استقرار «البنتاغون»

في هذه الأثناء، سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الضوء على انتهاج إدارة بايدن مساراً ثابتاً في وزارة الدفاع (البنتاغون) في ضوء مساعيها نحو استعادة الاستقرار في عملية صنع القرار العسكري، مع إعادة التأكيد على التحالفات والمضي قدماً في جهود التعامل مع نفوذ الصين المتزايد.

وذكرت الصحيفة، أن أمام الإدارة القادمة تحديات مماثلة للحالية، حيث يسعى قادة الجيش الجدد إلى إنهاء عمليات مكافحة التمرد وإجراء مبادلات وخيارات صعبة للتحول صوب آسياً.

ماكرون وأوروبا

إلى ذلك، حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادة الاتحاد الأوروبي من الاعتماد على أميركا في أمور الأمن والدفاع، مؤكداً أن عليهم أن لا يتحججوا بهزيمة ترامب والتعامل مع حكومة جديدة بقيادة بايدن لترك مصالح الكتلة الأوروبية واستراتيجيتها المستقلة وذات السيادة.

وطالب ماكرون الاتحاد الأوروبي بتعزيز جهوده لتطوير القدرة على التعامل بصورة مستقلة في مجالات التكنولوجيا والتمويل الدولي والدفاع حتى مع وجود حكومة أميركية جديدة، معتبراً أن "الولايات المتحدة سوف تحترمنا فقط كحلفاء إذا كنا جادين، وإذا كنا نتمتع بالسيادة ونحترم دفاعنا وعلينا أن نستمر في بناء استقلالنا من أجل أنفسنا كما تفعل الولايات المتحدة والصين".

وانتقد ماكرون تأكيد وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب-كارنباور أن من " الخيال" التفكير في أن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يحل محل دور أميركا في الحفاظ على الأمن في القارة"، مؤكداً موقفها "سوء تفسير تاريخي".

وبعد تحدثه إلى بايدن في 10 نوفمبر وتطلعه إلى العمل معه في قضايا المناخ والصحة ومكافحة الإرهاب، وجد الرئيس الفرنسي نفسه أمس في موقف دقيق مع استقباله أمس، وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي لم يعترف بعد بهزيمة ترامب.

ما أهداف دونالد من رفض الإقرار بالهزيمة؟

ما الذي يريده الرئيس الأميركي دونالد ترامب من استمرار رفضه الاعتراف بنتائج الانتخابات التي فاز بها المرشح الديمقراطي جو بايدن؟

يرى رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة ميامي بولاية فلوريدا غريغوري كوجر، أنه "ليس من الواضح لماذا يرفض الرئيس ترامب الاعتراف بفوز بايدن الظاهر؛ أحد الاحتمالات -ربما وببساطة- أنه غير ناضج لدرجة القيام بذلك، وثمة تفسير آخر هو أنه وحملته الرئاسية يستخدمان هذه الأزمة لجمع أكبر كم من الأموال، سواء لسداد ديون حملته الانتخابية 2020، أو لجمع الأموال لاستخدامها لأغراضه السياسية في المستقبل".

وفي تصريح لـ "الجزيرة.نت"، يتوقع البروفيسور كوجر "استمرار الفوضى خلال الأسابيع القادمة، لكن بمعدلات أقل مع اتضاح فوز جو بايدن وظهور اتساع نطاق الفوز؛ وبالتالي فإن الرئيس ترامب ليس لديه مسار واقعي للطعن فيه".

من جانبه عبر المستشار الاستراتيجي بالحزب الديمقراطي ديفيد بولغر عن آماله "في أنه بمجرد أن تُصدق كل ولاية على نتائج الانتخابات ثم تستعد لانتخابات الهيئة الانتخابية في 14 ديسمبر المقبل؛ يهدأ الجمهور وبقية أجهزة الدولة ستمضي قدمًا وتترك الرئيس ترامب لمظالمه".

مع ذلك، قال بولغر إنه إذا استمر ترامب في "تأجيج الحرائق بعدم اليقين وتعزيز الخلاف والفوضى" قد تكون هناك "حوادث في جميع أنحاء البلاد"، لكنه يشدد على أن الاحتجاجات هي جزء من الديمقراطية الأميركية، وليست مثالاً على انهيار النظام السياسي الأميركي.

اما المؤرخ ومدير الأبحاث بمعهد "نيسكمان" جيفري كاباسيرفس، فقد اعتبر أن هدف ترامب من عدم قبول نتيجة الانتخابات "البقاء في الرئاسة لفترة ولاية أخرى. ولكن من المرجح أنه يسعى لنزع الشرعية عن إدارة بايدن، وإذكاء استياء قاعدته، والاستفادة من تلك الاستياءات سياسيا ومالياً".

واعتبر أنه "بات من شبه المؤكد أن أميركا تتجه نحو المزيد من الفوضى كلما طال أمد رفض ترامب الاعتراف بهزيمته، ومن المرجح أن تستمر معارك الشوارع بين عصابات اليسار المتطرف واليمين المتطرف لسنوات قادمة".

في حين اعتبر بروس فاين الخبير الدستوري والمسؤول السابق في وزارة العدل في عهد الرئيس الجمهوري رونالد ريغان أن ترامب يهدف إلى "جمع الأموال لمعاركه القانونية ومعارك العلاقات العامة ذات الصلة، وتوطيد قاعدته لاحتمال خوضه انتخابات عام 2024".

واعتبر فاين أن "أميركا تتجه نحو يوم تنصيب طبيعي للرئيس الجديد، وأن ما نشهده من رفع دعاوى قضائية واحتجاجات قانونية يهدف فقط إلى تمهيد مناصري ترامب وتهيئتهم لخيبة الأمل والغضب من انتخاب بايدن، خاصة مع عدم وجود أي أدوات يمكن اللجوء إليها لمنع تنصيب بايدن".

back to top