رئيس الدولة أم دولة الرئيس؟!

نشر في 13-11-2020
آخر تحديث 13-11-2020 | 00:00
 خالد ربيعي "دولة الرئيس"... لقب بروتوكولي نسمعه في الحوارات الإعلامية عند مخاطبة رئيس الدولة أو رئيس الوزراء، وخصوصا في لبنان الشقيق، مثل أن يقال "دولة الرئيس الحريري"، "دولة الرئيس برّي"، أو السنيورة، أو ميقاتي، وهكذا.

لكن يلاحَظ أن هذا التعبير أخذ معنى مغايراً في بعض بلدان عالمنا العربي، أو في أغلبها إن لم يكن فيها جميعاً، إذ نرى أن كل رئيس فيها يظن- من طول فترة بقائه على كرسي الحكم فيها- أن الدولة نفسها صارت "دولَته"، حتى يصل به الوهم إلى درجة اليقين الراسخ بأن بقاء الدولة مرتبط ومرتهن ببقائه، هو دون سواه، على ذلك الكرسي (الساحر)، وأن مغادرته هذا المنصب- لأيّ سبب لا قدر الله هذه الطامة الكبرى!– فيها خراب للدولة وانهيارها، مما يجعله يتعامل معها كأنها أضحت "عزبته" الخاصة التي ورثها أباً عن جد!!

وكل من هؤلاء لا يقبل مطلقاً، ولا يمكن أن يتفهم، أو حتى يتصور، فكرة تداول السلطة، بل يحارب تلك الفكرة بكل ما أوتي من قوة و"احتيال"، حرصاً منه على إبقاء الوضع على ما هو عليه، وإبقاء لشعبه، المغلوب على أمره، في قبضته كعصفور مستكين.

تداعت تلك الصورة إلى الذاكرة وأنا أستعيد تصريحاً للرئيس السوداني السابق (المحبوس) عمر البشير، قبل عزله بأشهر، الذي قال- فُضّ فوه - إن مصلحة الشعب تكمن في بقائه على رأس السلطة!

بعد نحو 3 عقود من التربّع على الكرسي، لم يكفه ذلك، ومازال يرى أن مصلحة الشعب– وهو فقط أدرى بها بالطبع– تكمن في بقائه سنوات أخرى، لأن الدولة صارت "دولة الرئيس"! ومن قبله قالها الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، عندما صرّح ذات يوم بأنه سيظل في السلطة "مادام في الصدر قلب ينبض"، (قاعد على قلبكم!)، وزيّن له "شياطين الإنس" ذلك، مرددين شعارات من مثل "مصر مبارك"... و"مبارك لمصر"!

وكذلك قالها القذافي عندما هبّت رياح الثورة في بلاده، مهاجماً الثوار، وواصفاً إياهم بـ "الجرذان"، ومؤكداً أن الحياة من غيره لن يكون "لونها بمبي" أبداً.

ومن قبلهم، كان الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، يردّد "أنا تونس"، بعدما ظن ارتباط بلاده "أرضاً وشعباً وسماء وهواء" باسمه وبشخصه كمحرر لتونس وبانٍ لها، وبعد أن خلعه الرئيس الراحل زين العابدين عام 1987، ووضعه في قصر "ليستريح"، كان بورقيبة يكسر شاشة التلفزيون كلما شاهد فيها صورة لزين العابدين! فالقائمة طويلة وتضم صدام العراق، وأسد سورية، و... إلخ.

هل هي أحلام بعيدة المنال إذا تمنينا أن تكون عندنا- في هذا العالم العربي الجريح- انتخابات ديمقراطية حقيقية نزيهة، تفرز نظاماً يُعلي من قيم المواطنة الحقيقية، ويكرّس العدالة، ويؤمن بمبدأ التداول السلمي للسلطة، مع تحديد فترة الرئاسة بمدتين فقط غير قابلتين للزيادة، وتشريع نص دستوري يجيز محاسبة، بل محاكمة، الرئيس؟!

نتمنى أن يزول في عالمنا العربي لقب "دولة الرئيس"، الذي شوّه بعض حكامنا معناه، ليحل محله اللقب الصحيح والواقعي والمنطقي، وهو "رئيس الدولة".

back to top