«اتفاق كاراباخ» يوقف الحرب... وأذربيجان تحتفل بـ «التحرير»

● احتجاجات داخل أرمينيا ضد المعاهدة الثلاثية... وباشينيان المهدد يلوم الجيش
● علييف: يريفان وقعت على الاستسلام
● موسكو تنشر قوات سلام وتنفي مشاركة تركيا

نشر في 11-11-2020
آخر تحديث 11-11-2020 | 00:03
مواطنون أذربيجانيون  يحتفلون أمس في باكو (ا ف ب)
مواطنون أذربيجانيون يحتفلون أمس في باكو (ا ف ب)
لأول مرة منذ 27 سبتمبر الماضي توقفت أصوات المعارك في إقليم ناغورني كاراباخ، المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا، بفضل اتفاق رعته روسيا ووافق عليه البلدان، بعد سلسلة انتصارات أذربيجانية غيرت الوقائع على الأرض، خصوصاً السيطرة على مدينة شوشة التاريخية الاستراتيجية.
حدثان مفصليان وقعا في الأيام الأخيرة غيرا الوقائع على الأرض في إقليم ناغورني كاراباخ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان، وأسفرا عن نهاية سريعة للمعارك المتواصلة منذ 27 سبتمبر.

الحدث الأول هو تمكن الجيش الأذربيجاني من السيطرة على مدينة شوشة الاستراتيجية التاريخية التي تقع على طريق الإمداد الرئيسي بين الإقليم والأراضي الأرمينية، على بعد 15 كيلومترا من مدينة ستباناكيرت، عاصمة جمهورية أرتساخ الأرمنية المعلنة من طرف واحد في الإقليم.

والحدث الثاني إسقاط القوات الأذربيجانية مروحية روسية، الأمر الذي قد تكون موسكو اعتبرته مؤشرا خطيرا إلى إمكانية أن تنجر إلى معركة هي في غنى عنها، فضغطت على ما يبدو على حليفتها أرمينيا لقبول توازن القوى الجديد قبل تكبد مزيد من الخسائر.

في هذا السياق، أعلن في وقت متأخر من مساء أمس الأول اتفاق بين أذربيجان وأرمينيا، برعاية موسكو، ودخل على الفور حيز التنفيذ، إذ توقفت المعارك تماما أمس للمرة الأولى منذ سبتمبر.

وبموجب الاتفاق الجديد، ستحتفظ أذربيجان بالأراضي التي سيطرت عليها قواتها في كاراباخ، بما في ذلك بلدة شوشة الاستراتيجية، وعلى قوات الأرمن تسليم السيطرة على عدد كبير من الأراضي الأخرى من الآن وحتى أول ديسمبر.

وعلى أرمينيا التخلي عن محافظات أخرى كانت قواتها تسيطر عليها في التسعينيات، هي كلبجار بحلول 15 الجاري، وأغدام في موعد أقصاه 20 منه، ولاتشين حتى أول ديسمبر المقبل، كما وافقت على الانسحاب من مناطق مجاورة أخرى في غضون أسابيع.

وبحسب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن الاتفاق يشمل تبادلا للأسرى، كما ينص على «فتح كل الاتصالات الاقتصادية وسبل النقل».

قوات حفظ السلام

وبموجب الاتفاق بدأت أمس قوات حفظ السلام الروسية انتشارها على خطوط التماس في كاراباخ، بالتزامن مع انسحاب القوات الأرمنية.

وأفادت وزارة الدفاع الروسية بأن أول 4 طائرات من طراز «إيل 76» تحمل جنود حفظ سلام روسيين، وصلت منطقة النزاع وعلى متنها أيضا مركبات وناقلات الجنود المدرعة وعتاد.

وأشارت إلى أن الوحدة الروسية لحفظ السلام تضم 1960 جنديا، و90 ناقلة جنود مدرعة، و380 قطعة من المعدات، وستبقى هناك لمدة 5 سنوات على الأقل. ونفى الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف ما ذكره علييف عن مشاركة تركيا في نشر قوات حفظ سلام في كاراباخ، مشددا على أن البيان الثلاثي الصادر أمس الأول لم يذكر هذا الأمر.

وأكد بيسكوف أن الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين تتشاركان رئاسة مجموعة مينسك الدولية، المعنية بالصراع، لم تشاركا في التوصل إلى الاتفاق.

بدورها، أكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أنه «لن يتم نشر أي قوات حفظ سلام إلا روسية في كاراباخ»، مضيفة أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو، أجريا أمس اتصالا هاتفيا، وان تركيا عبرت عن تأييدها للاتفاق الثلاثي.

والقرار الذي اتخذه رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان بالتوقيع على الاتفاق لم يأت دون ثمن سياسي قد يكلفه مستقبله السياسي، ورغم وصف باشينيان، الذي وصل الى السلطة بشعارات التقرب من أوروبا والولايات المتحدة، على حساب موسكو، الحليف التقليدي للأرمن، التوقيع على الاتفاف بأنه «مؤلم»، اندلعت احتجاجات في العاصمة الأرمنية، يريفان، في ساعات الصباح الأولى من أمس، احتجاجا على قبول الاتفاق الذي ينص على انسحاب أرمني من المناطق السبع التي سيطرت عليها لما يقرب من 30 سنة لحماية عمق كاراباخ.

واستعادت الشرطة السيطرة على مقري الحكومة والبرلمان في يريفان، أمس، بعدما اقتحمهما متظاهرون ليل الاثنين - الثلاثاء، تعبيرا عن غضبهم من توقيع اتفاق وقف النار في كاراباخ، معتبرين الأمر «استسلاما»، وتعرض رئيس البرلمان أرارات ميرزويان للضرب المبرح، وأُدخل المستشفى نتيجة إصابات.

وشدد باشينيان على أنه اتخذ قرار التوقيع على الاتفاق «بعد تحليل معمق للوضع العسكري، وبتوصية من قيادة القوات المسلحة»، مؤكدا أن هذا الاتفاق هو «أفضل الحلول المتاحة في الوضع الراهن»، وتابع: «الجيش أصر على ذلك، وقال إن علينا التوقف، لأن لدينا مشاكل معينة واحتمالات حلها غير واضحة، والموارد نفدت». وأكد أن محتوى البيان بشأن وقف القتال في كاراباخ «ليس لمصلحة الجانب الأرمني»، لكنه اضاف: «لو لم يتم توقيعه لكان ذلك سيؤثر سلبا على قدراتنا القتالية»، وحتى قبل الإعلان عن اتفاق وقف النار، دعا 17 حزبا معارضا إلى استقالته.

في المقابل، احتفل آلاف الأذربيجانيين في الشوارع بتحقيق النصر، ووصف رئيس أذربيجان الهام علييف الاتفاق بأنه «وثيقة استسلام» أُرغمت يريفان على توقيعها بعد 6 أسابيع من المعارك.

وقال علييف، في خطاب عبر التلفزيون، «لقد أجبرنا باشينيان على توقيع الوثيقة، إنها بالأساس وثيقة استسلام»، مضيفا: «لقد قلت إننا سنطرد الأرمن من أراضينا طرد الكلاب، وقد فعلنا»، ونعت رئيس الوزراء الأرمني بـ«الجبان»، لأنه لم يوقع الاتفاق أمام عدسات وسائل الإعلام.

وفي أنقرة، كتب الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، على «تويتر»، «كاراباخ باتت محررة. كاراباخ هي أذربيجان. بعد ذلك ستكون تركيا بجانب أذربيجان، في ساحة المعركة، وكذلك على طاولة المفاوضات».

من ناحيته، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو: «حققت أذربيجان مكاسب كبيرة على الأرض وعلى طاولة المفاوضات، أهنئها بكل صدق على هذا النجاح»، متابعا: «سنبقى أمة واحدة وروحا واحدة مع إخواننا وأخواتنا في أذربيجان».

ورحبت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، بالاتفاق، مشددة على ضرورة إبعاد المقاتلين الأجانب.

وفي باريس، أعلن قصر الإليزيه أن فرنسا تريد العمل على الفور من أجل التوصل لتسوية سياسية طويلة الأمد تمكِّن السكان الأرمن من البقاء في كاراباخ.

إيران ترحب بالاتفاق وتشدد على ضرورة إبعاد المقاتلين الأجانب
back to top