سياحة أثرية بين الأقصر وأسوان!

نشر في 10-11-2020
آخر تحديث 10-11-2020 | 00:05
د. عادل العبدالمغني
د. عادل العبدالمغني
في نهاية العام الماضي، وبعد مفاوضات طويلة بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، اشتريت من أحد تجار بيع الكتب القديمة في الإسكندرية كتاباً نادراً جداً موضوعه عن رحلة التاجر الكويتي الثري جاسم بن محمد الإبراهيم لمصر عام 1911، وتفاصيل سفره بالقطار للأقصر وأسوان، وفي القسم الثاني من الكتاب تفاصيل زياراته ومقابلاته في القاهرة.

ومؤلِّف الكتاب بالمناسبة هو عبدالمسيح أنطاكي بك، صاحب جريدة العمران المصرية المعروفة في ذاك الزمان، وسبق أن زار الكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح، وألَّف كتاباً كذلك نادراً عام 1907 أسماه "الآيات الصباح في ذكر الشيخ مبارك الصباح".

وعبدالمسيح أنطاكي بك كونه صحافياً متمرساً بمهنة الصحافة ومؤلفاً، فقد أتاحت له الفرصة أن يرافق التاجر جاسم الإبراهيم في كل جولاته وزياراته منذ بداية قدومه إلى مصر حتى مغادرته لها، وكان مرافقاً كذلك للإبراهيم صديقه عبدالله آل بسام.

ويصف الأنطاكي في الكتاب الرحلة من القاهرة إلى الأقصر وأسوان بالقطار، والمشاهدات الأثرية بأدق التفاصيل، ويمتد السرد عند العودة للاطلاع على معالم القاهرة التاريخية، كما تطرَّق إلى تفاصيل المقابلة المهمة مع عباس حلمي الثاني خديوي مصر، بحضور الوزراء في قصر القبة، وذكر بالكتاب مبالغ التبرعات والمساعدات السخيَّة التي قدَّمها جاسم بن محمد الإبراهيم لعدد من دور الأيتام والمؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية، ولاقت الاستحسان والإشادة الكبيرة في الصحافة المصرية بذلك الوقت.

يقول الأنطاكي عن شخصية المحسن الكريم جاسم بن محمد الإبراهيم: "إنه شاب في التاسعة والثلاثين من العُمر، أبيض البشرة، وطويل القامة، وقوي البنية، ولم يلتفت عندما جاء إلى مصر لمباهج الأنس وليالي القاهرة وسهراتها، كما يفعل الأثرياء العرب الآخرون، إنما كان حريصاً على أداء الصلاة في أوقاتها، وتسخير وقته للاطلاع على المعالم الأثرية والتاريخية والتبرعات الخيرية التي كان يدفعها بسخاء".

ما لفت انتباهي، الثقافة والذكاء والحنكة الاقتصادية، من خلال الأسئلة التي كان يطرحها جاسم الإبراهيم، ويجيب عنها الأنطاكي. والكتاب إذا أردنا تصنيفه، فهو من الكُتب الكويتية النادرة في أدب الرحلات، وتمَّت طباعته في مطبعة العرب بمصر سنة 1329هـ، ما يصادف 1911م.

ظل الكتاب حبيس أدراج تاجر الكتب المصري في الإسكندرية عاماً كاملاً، لصعوبة إرساله إلى الكويت، بسبب جائحة كورونا، عندما تعطَّلت الاتصالات وخطوط الطيران ورحلات القادمين، لكن بحمد الله وفضله، وصل أخيراً إلى مكتبتي التراثية الكويتية، والفضل يعود إلى أخي العزيز السفير محمد صالح الذويخ، سفيرنا بالقاهرة، عندما بذل مساعيه الطيبة لتسلمه وتأمين وصوله للكويت، وله وافر التقدير والامتنان.

back to top